المناصير الماضي والحاضر والمستقبل المجهول
5 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
المناصير الماضي والحاضر والمستقبل المجهول
مقدمة: الصحافة السادس من أغسطس كان عمود حيدر المكاشفي بعنوان الماعاجبو يحلق حواجبو وكان موضوعه حوافز ومكافآت النواب المحترمين بمناسبة رمضان الكريم والعيد السعيد وجاء مقال الدكتور الطيب زين العابدين في اليوم التالي في نفس الموضوع ولا أصدق أن الخبر الذي تناقلته الصحف كان إشاعة انطلقت من فراغ والمافيها شق ما بتقول طق وتصادف ذلك مع إيقاف صرف مستحقات المناصير في رمضان الكريم والعيد السعيد وهم الذين اعتصموا بالجبال والتلال الصخرية بلا زرع ولا شرع وقد مضت حتى الآن سبعة أعوام منذ بداية العمل في الخزان وأربعة أعوام منذ أن أغرقت الحكومة أرضهم وزرعهم ونخيلهم وجنات كانوا فيها فاكهين ولا يزالون في انتظار صرف مستحقاتهم من التعويضات النقدية وتنفيذ مشروعات الإعاشة المتفق عليها وتصادف أن كنت مرافقًا لمريضة بمستشفى الشعب بالخرطوم عندما نشرت الصحف نبأ التبرع لمنظمة حماس بمبلغ عشرة ملايين دولار وكانت المريضة تحتاج لعملية عاجلة لإزالة ورم في المخ لكن عدد المرضى في كشف الانتظار المعلق أمام غرفة العلميات الوحيدة كان سبعين مريضاً ويشير ذلك الى غياب المسؤولية الوطنية والاجتماعية والأخلاقية وقد انهارت الدولة القومية بمجيء الإنقاذ وأدى ذلك الى إضعاف شعورنا القومي بدليل غياب الإحساس بمأساة الضحايا في المناصير ودار فور وجنوب كردفان وكانت أكتوبر 1964م تجاوبًا مع ضحايا الأرض المحروقة في الجنوب ونفت الحكومة خبر الحوافز والمكافآت لكنها أوقفت صرف مستحقات المناصير في رمضان الكريم والعيد السعيد وقد أوقف الصرف في اجتماع برئاسة ولاية نهر النيل حضرة أسامة عبد الله وزير السدود وأصبحت الوزارة جهة غير مختصة بإحالة الملف الى ولاية نهر النيل وتدخل وزارة العدل وقبل ذلك بالتعديلات التي أدخلها المجلس الوطني في قانون إعادة التهجير والتوطين لكنها كانت لا تزال تتدخل وقد انشأت خزانها وأنتجت الكهرباء وأصبحت إدارة السدود وزارة مركزية وضمت إليها قطاع الكهرباء وتغولت على وزارة الري وهمشتها وكذلك وزارة المالية والمراجع العام فما الذي تريده من المناصير سؤال سأحاول الإجابة عليه في الحلقات التالية لكن الوزراء في حكومة الإنقاذ درجات ومراتب منهم أهل الجلد والرأس الذين يخشى شرهم ويرجى خيرهم وقد تكون ولاية نهر النيل طالبت إدارة السدود بالمتبقي من الاعتماد المخصص للتهجير وإعادة التوطين في ميزانية السد وقدره ستمائة مليون دولار ويتطلب ذلك مراجعة الصرف الفعلي حتى تاريخ القرار الرئاسي لكن إدارة السدود لا تخضع لقانون المراجع العام وقانون الإجراءات المالية فليس في السودان دولة بمفهوم الدولة في عصرنا هذا كان العنوان المناسب لعمود حيدر المكاشفي بتاريخ السادس من أغسطس "الماعاجبو يحلق شواربو" وقد قلت له ذلك في محادثة تلفونية وقد رفض المناصير أن يحلقوا شواربهم بإصرارهم على البقاء في موطنهم عظة وعبرة بأهالي حلفا الذين كانوا يهتفون في شوارع الخرطوم حلفا دغيم ولا باريس لكن ذلك خطيئة لا تغتفر في نظر إدارة السدود والإنسان الفاضل لا بد أن يكون عادلاً لأن العدل فضيلة والتدبير ورع يعصم الإنسان من الوقوع في الظلم أكبر الكبائر بعد الشرك بالله والإسلام جوهرة التوحيد وغايته العدل ووسيلته الرحمة ولو كانت لله لكانت للناس ولما احتاجت لقوة القوة أو قوة المكر والحيلة والدهاء وقد غادر الكثيرون قطار الإنقاذ في أول محطة هرباً بدينهم بعد أن اتضح لهم أنها للسلطة والمال والجاه والنفوذ وليست لله كما يزعمون. دار المناصير تمتد دار المناصير مئتي كيلو متر على شاطئ النيل من كجبلة شمال أبو حمد الى برتي جنوب كريمة حيث تنتهي الحدود الشمالية لولاية نهر النيل وأصبحت الآن محلية تعرف بمحلية البحيرة وكان قطار الشمال وسيلة الاتصال الوحيدة التي تربط المناصير بالعالم الخارجي وتوقف القطار في التسعينات من القرن الماضي وقد توقف طريق التحدي في أبو حمد وطريق شريان الشمال في مروي أما طريق عطبرة مروي فقد انحرف شمالاً عبر الصحراء عند الكيلو ثمانين ويفترض أن يسير في خط مستقيم الى شاطئ البحيرة بالمناصير ثم يتّجه شمالاً الى مروي فلا يزال السفر الى المناصير قطعة من جهنم في الألفية الثالثة ولم يكن المسافرون بقطار الشمال يشاهدون شيئًا من المناصير لأن خط السكة حديد لا يلتقي بشاطئ النيل إلا في محطة السكاب ومحطة النهاية في كريمة وفي الطريق من كريمة الى الجزيرة سري شاهدت قضبانه وقد دفنتها الرمال ومحطاته الملالاقاوية كأطلال عاد وثمود وتذكرت وقفة البحتري الشهيرة على أطلال الحضارة الفارسية في سينيته الشهيرة وناظر المحطة كانوشراون يزجي الصفوف خلف الدفرس وتذكرت شاعر المناصير في قصيدته التي بدأها من الكاب مروراً بأبوحمد وعطبرة وهيا الى كسلا والقاش ومنها من الكاب ركبنا العجلو رنا يا ناس نحنا فارقنا البنات وفارقنا أهلنا مارين وفي أبحمد شائع خبرنا من أبحمد زودولو الفحم قام بين دقش وأبديس ينبض سلكو نضام انصلب فوق الشريط ناظر الشريك حام العبيدية ما بقيف ياخذ خبارا خش بربر في إيدي ما كملت سجارة من عطبرة قبل وشاقق الريح الدجاية والحديقة مع التراويح الخبر في أقرين يفكيلو المفاتيح وتذكرت ود ضحوية وقوله: وابور الترك كل يوم بشوف دخانا تهرس في القضيب لامن يطقطق زانا بالساكن الضريح بالفاتحة لا تنسانا والشار شاهد على العصر وللسكة حديد التي أصبحت أثراً بعد عين تاريخ سابق لحملة كتشنر وخط حلفا أبو حمد الخرطوم فقد بدا إنشاء خط من حلفا الى دنقلا قبل ذلك بخمسين عاماً في التركية الأولى وكان مقرراً له أن يمتد محاز لشاطئ النيل حتى الخرطوم في أقدم الخطوط الحديدية في أفريقيا. حراس النيل الكثيرون لا يعرفون شيئاً عن تاريخ المناصير وأصدرت إدارة السدود الكثير من الكتيبات والنشرات التعريفية لكنها تفادت الحديث عن دور المناصير في الثورة المهدية وسقوط الخرطوم خوفاً من تعاطف الناس معهم فقد كان المناصير حراس النيل دون منازع وعندما كان غردون محاصراً في الخرطوم أرسل نائبه الجنرال استيوارث طلباً للنجدة من مصر وأذكر أن الصادق المهدي في مناسبة في عام 1966م قال غردون كان يعول على مهمة الجنرال استيوراث بدليل أنه كلف بها الرجل الثاني في إدارته لكن ذلك انتهى بمقتله على يد المناصير وحتى الستينات من القرن الماضي كانت أسرته تأتي لزيارة قبره بقرية أمدويمي وهي قرية الدكتور عبد الوهاب الأفندي التي تناساها وتناسى محنة أهله في المناصير وكان طابور النهر الشهير هدفه تأديب المناصير وإنقاذ غردون في الخرطوم لكن المناصير اعترضوه في الكربكان وانتهت المعركة بمقتل الجنرال إيريل قائد الطابور فقد دفن المناصير في أرضهم الصخرية جنرالين من الجنرالات الأربعة الذين قتلوا في السودان وكانوا كالزولو في جنوب أفريقيا والأنصار في شيكان وعثمان دقنة والهدندوة في شرق السودان فقد تحدى المناصير الإمبراطورية البريطانية التي كانت لا تغيب عنها الشمس وأهانوها في جنرالاتها الذين كانت تتحدى بهم الأمم والشعوب والذين توالت هزائمهم في السودان وفي معركة قدير استبشر المهدي بالنصر عندما رأى راية المناصير تتقدم الرايات في مواجهة العدو وفي برتي بالتحديد وقبل أن تطأ أقدامه أرض المناصير أصدر الجنرال إيرل منشوراً لجنوده بأنهم الآن في أرض معادية وأن كل القبائل صديقة ما عدا المناصير وعليهم أن يتوقعوا خلف كل صخرة درويشاً يرتبص بهم وصحت توقعاته فقد لقي مصرعه بعد خمسين كيلو في الكربكان وكان المهدي أصدر تعليمات للأمير محمد الخير في بربر بإخلاء النساء والأطفال خوفاً من انتقام طابور النهر ويعرف ذلك في المناصير بالنجعة الأولى أما النجعة الثانية فقد كانت هربًا من جيوش الخليفة كرد فعل لأحداث المتمة وهاهم المناصير يتعرضون للنجعة الثالثة على يد المهدية الجديدة التي تعرف بالإنقاذ. المناصير وشبكة الخدمات لم تغفر لهم الإدارة البريطانية بدليل أن أول شفخانة كانت في عام 1938م وأول مدرسة في عام 1947م فقد كان المناصير خارج شبكة الخدمات في عهد الاستعمار وخارج شبكة الاتصالات في عهد الإنقاذ ولا يزالون خارج شبكة الطرق القومية وعندما زار رياك مشار المناصير ورأى العزلة والفقر والتخلف قال لهم لماذا لم تخرجوا معنا إلى الغابة وقد اعتمد الباحثون السودانيون على نعوم شقير وسلاطين وإسماعيل الكردفاني الذين عاصروا تلك الأحداث الدامية التي كان مسرحها السودان كله لكن هؤلاء بحكم وضعيتهم لا يعرفون الكثير من التفاصيل ويعتمدون على الرواة في كثير من الحالات وكان نعوم شقير وسلاطين موظفين في إدارة غردون مقيمان في الخرطوم أما إسماعيل الكردفاني فقد كان ملازمًا للمهدي كسكرتير خاص لكن عبد المحمود أبو شامة في الثمانينات من القرن الماضي عاش سنوات في لندن ينقب في سجلات وزارة الحربية ووزارة الخارجية والصحف المعاصرة فقد كان كتابه يوميات عسكرية وسياسية وقد تعاطف بعض كتاب المقالات والأعمدة مع المناصير في محنتهم لكن احتجاز مائة من رجال الشرطة في الألفية الثالثة لا يكتمل بدون الحديث عن معركة الكربكان في نفس المضيق قبل ذلك بمائة سنة وكذلك معركة أم دويمي. بقلم:- عبد الله محمد أحمد الصادق
منقول من صحيفة
التيار
محمد خليفة طلحة- عضو رائع
- احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 249
نقاط : 27096
تاريخ التسجيل : 08/06/2010
رد: المناصير الماضي والحاضر والمستقبل المجهول
بعد التحيه اهلي :شكرا محمد علي التذكير ,,,لكن بيني بينك نحن في بعض نحجر ونهضم حقوق بعضنا البعض فما بالك بالغريب ,,,لك الله يا موطني في زمن عزفيه الاخلاص ,,,,,,,,,,,,,
yousif- عضو متميز
- عضو مبدع
احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 424
نقاط : 27690
تاريخ التسجيل : 02/04/2010
رد: المناصير الماضي والحاضر والمستقبل المجهول
شكرا يا عريس على نقل المقال
الرشيد طه- اداري
- مشرف المنتدى السياسي
مشرف منتدى الصحافة
احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 2625
نقاط : 33411
تاريخ التسجيل : 15/04/2010
رد: المناصير الماضي والحاضر والمستقبل المجهول
شكرا ياعريس على نقل الموضع
سمعنا عن هذا الموضوع من الامس ولم نجده وموقع الصحيفة يظهر أن فيهومشاكل تقنية
مع الشكر والتقدير
سمعنا عن هذا الموضوع من الامس ولم نجده وموقع الصحيفة يظهر أن فيهومشاكل تقنية
مع الشكر والتقدير
خالد عابدين- Admin
- احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 2564
نقاط : 33577
تاريخ التسجيل : 22/03/2010
رد: المناصير الماضي والحاضر والمستقبل المجهول
جزاك الله خير ا
مونتارى- عضو متميز
- احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 501
نقاط : 27470
تاريخ التسجيل : 15/06/2010
مواضيع مماثلة
» المناصير الماضى والحاضر والمستقبل المجهول 6_7الاستاذ عبدالله محمد الصادق
» الخيار المحلي مآلات الماضي والحاضر والمستقبل
» المناصير الماضى و الحاضر والمستقبل المجهول 2
» شبه الجزيره الكوريه الماضي والحاضر
» المنصوري المجهول الذي حاول ان يمنع انتقام الانجليز من المناصير
» الخيار المحلي مآلات الماضي والحاضر والمستقبل
» المناصير الماضى و الحاضر والمستقبل المجهول 2
» شبه الجزيره الكوريه الماضي والحاضر
» المنصوري المجهول الذي حاول ان يمنع انتقام الانجليز من المناصير
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى