المناصير الماضى والحاضر والمستقبل المجهول 6_7الاستاذ عبدالله محمد الصادق

من طرف **(الحاج شرف)** الأحد 25 سبتمبر 2011, 11:51 pm

مشاركات

تدمير البيوت وإحراق النخيل : في الطريق من بلدة الملتقى في أعماق الصحراء وهي حاضرة الحامداب في وطنهم الجديد لم أشاهد شيئاً من منازل المهجرين وحقوقهم لأنها تقع شرق الطريق من الملتقى إلى مروي ولا يمكن الاعتماد على الصور التي يبثها التلفزيون وقد تكون حقولاً بحثية بدليل اللافتات التي تحمل أرقاماً كاللافتات التي يضعها الباحثون في حقولهم البحثية وبدليل أن المهجرين لا يزالون يتظاهرون احتجاجاً على العطش وزحف الرمال الصحراوية ولو كانت مناطق التهجير جنّة عدن لما جاءت إدارة السدود الى تدمير البيوت وإحراق أشجار النخيل وإحراق المراكب خلف المهجرين ولا شك أن ذلك كلف الكثير من الوقت والمال وقد تراجع طابور النهر عن تدمير البيوت وإحراق الأشجار انتقاماً من المناصير عندما أتضح أن ذلك يكلفه الكثير من الوقت ويصرفه عن مهمته الأساسية وهي إنقاذ غردون الذي كان محاصرا في الخرطوم وفي الطريق من برتي الى جزيرة شري شاهدت سحباً من الدخان والبيوت الخاوية وكأنها خرائب أثرية كأطلال عاد وثمود وقال لنا رجل من أهل أمري إنهم لن يغادروا وطنهم مهما كانت النتائج وإن الكثيرين عادوا من الملتقى ووادي المقدم وطردوا الأعراب الذين احتلوا الأرض والبيوت بإبلهم وأغنامهم لكن إدارة السدود صادرت طلمباتهم وأجبرتهم على العودة إلى مناطق التهجير وفي اللقاء الجماهيري بالجزيرة شري قال العوض الحاج على إن المنازل لن تهدم والأشجار لن تحرق ولن تجبروا على التهجير واتضح من الاستبيان الذي أجراه الجهاز المركزي للإحصاء أن سبعين في المائة من المناصير لا يرغبون في مغادرة مواطنهم فاعترفت الحكومة بالخيار المحلي ونظراً لانهيار الثقة بين المهجرين وإدارة السدود نقل الملف بقرار رئاسي إلى ولاية نهر النيل وأصبحت إدارة السدود جهة غير مختصة وبدأت المفاوضات بين لجنة المهجرين ووالي الولاية غلام الدين عثمان وانتهت بتوقيع اتفاقات شاملة أمام شاشات التلفزيون وانتهى ذلك بإعفاء غلام الدين ولا يزال المهجرون على رؤوس الجبال والتلال الصخرية بلازرع ولا ضرع وبعد أربعة أعوام من الطوفان في انتظار التنفيذ وقد تفشت بينهم أمراض خطيرة كالسرطان والسل والفشل الكلوي وفقر الدم والوضع في المناصير الآن أسوأ من دارفور لأن النازحين في درافور يتمتعون بخدمات منظمات الإغاثة الدولية ولا يوجد تعتيم على الأوضاع في دارفور وقد منعت وسائل الإعلام الدولية من الوصول الى أمري والحامداب وثاني والكربكان ونفت السلطات الولائية أن لها قوات شاركت في تلك الأحداث ولا تفسير ذلك سوى أن لإدارة السدود قوات خاصة تأتمر بأمرها. المشروعات المصاحبة : ليس للمناصير علاقة بالمشروعات المصاحبة فقد تقرر ترحيلهم خارج المنطقة منذ البداية وكذلك ولاية نهر النيل التي أغرقت البحيرة مائة وخمسين كيلو من حددوها الشمالية،ويساوي ذلك خمسة وسبعين في المائة من مساحة البحيرة وقد قامت هذه المشروعات شمال الخزان وعلى حساب ميزانية الخزان وخارج ميزانية التنمية المخصصة للولاية الشمالية وتولت تنفيذها إدارة السدود ومنها رصف 1250 كيلو من عطبرة إلى مروي ومن كريمة غرباً الى دنقلا ورصف الشوارع الداخلية في مروي وكريمة وإنشاء مطار دولي في مروي كلفته أربعين مليون دولار وفندق خمسة نجوم وكبري بين مروي وكريمة ومساجد فاخرة ومعاهد وجامعات بالإضافة الى التبرعات ومستشفى فندقي حديث وقد اكتملت هذه المشروعات قبل الانتهاء من بناء الخزان لكن المناصير وبعد أربعة أعوام من الطوفان لايزالون يعيشون على رؤوس الجبال والتلال الصخرية في انتظار تنفيذ مشروعات التوطين المتفق عليها وقد تزيد تكاليف هذه المشروعات على ضعف الاعتمادات المقررة للتهجير وإعادة التوطين وفي الطريق من الملتقى الى مروي شاهدت أعمدة الكهرباء في كل قرية ولايزال الرباطاب والمناصير خارج شبكة الكهرباء القومية ويتهم أهالي حلفا مصر بأنها أغرقت خمسائة كيلو من الأراضي السودانية دون مقابل ويتهمون حكومة عبود بالتفريط في نصيبهم من كهرباء السد العالي وارتفعت بعض الأصوات في السبعينات من القرن الماضي تطالب بنقل العاصمة الإقليمية من الدامر الى مروي وقد اختطف مشروع عبد الرحيم وتول الى مشروع جهوي وقبلي وفي ظل الأنظمة الشمولية الحشاش يملأ شبكته وأذكر أن الصحف نشرت دراسة تدعو الى نقل العاصمة القومية الى الشريك جنوب أبو حمد لكن مركز السودان قبل الانفصال يقع في قرية بين تندلتي وأم روابة تعرف بابوخطير . مروة ومروي : للحامداب شهرة دامر المحجدوب ولمسيدها تاريخ مشهود وهي مسقط رأس حاج الماحي وأولاده ولا يعرف الكثيرون شيئاً عن تاريخ الأدب الديني من ابن الفارض الى أمير الشعراء لكن السودانيين جميعاً لا يجهلون حاج الماحي وأولاده وتقع أمري جنوب الحامداب وهي مسقط رأس العازة أم حمد شاعرة المقاومة التي تصدت للغزو التركي ومن أشعارها الباشا الغشيم قول لي جدادك كر جنياتنا العزاز الليلة تتنتر وهي تستحق أن يسمى الخزان باسمها لكن الخزان عرف منذ أن كان فكرة في الأربعينات من القرن الماضي باسم خزان الحامداب فكيف أصبح خزان مروي على بعد ستين ميلاً شمال الموقع وكان الهدف من الخزان حماية مصر من خطر الفيضانات وقد فقد أهميته بقيام السد العالي لكن لمصر الآن مصلحة في الخزان لأنه يقلل من نسبة تراكم الطمي أمام السد العالي وينقذه من مصير خزان خشم القربة ويعزز تعديل اسم الخزان شكوك المهجرين بوجود مصالح جهوية تريد أن تطردهم من أرضهم وتستولي على البحيرة والمنافع المتوقعة من الخزان وقيل لهم إن المقصود مروة بكسر الميم وسكون الراء وهي جزيرة صغيرة في موقع الخزان وليس مروي لكن الشايقية ينطقونها بلغة كريمي بدلاً من كريمة وهذا الكلام إذا صح فيه الكثير من المكايدة والخبث والاستهبال وعدم الاحترام وفي حديث مع بعض المهجرين قيل لي إن إبعادهم من سهل البان وأم سرح على مرمى حجر جنوب الخزان كان خوفاً من قيام حاضرة في الحامداب تطغى على مروي وكريمة ويعرف أهالي أمري والحامداب لدى جيرانهم بالزورة وهي كلمة تعني الغرباء غير المرغوب فيهم و يقول المهجرون إن إدارة السدود عند مناقشة خيارات التوطين أنكرت وجود أراضي خلف الخزان تروى إنسيابياً من الخزان وزعمت أن الخزان مصمم لإنتاج الكهرباء وليس للري لكن تقرير اللجنة البرلمانية التي كونها المجلس الوطني أشار الى وجود اثنين مليون فدان للري الإنسيابي ولا شك أن اللجنة اعتمدت في تقريرها على دراسة الجدوى التي حجبت عن لجنة المتأثرين وكان يفترض أن يبدأ العمل في شق الترع مع بداية العمل في الخزان لاستيعاب المهجرين تفادياً لتكاليف الري الآلى وقد ثبت عدم جدوى مشورعات التوطين بسبب ارتفاع تكاليف الري وجاء في تقارير المراجع العام أن إدارة السدود تتعامل مع المقرضين مباشرة في غياب وزارة المالية الاتحادية ووزارة الاستثمار والتعاون الدولي. (بقلم: عبدالله محمد أحمد الصادق )..

</TD></TR>
<TR>
<td vAlign=top width="32%" align=middle>

</TD></TR></TABLE>