المناصير الماضى و الحاضر والمستقبل المجهول 2
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
المناصير الماضى و الحاضر والمستقبل المجهول 2
المناصير الماضي والحاضر والمتسقبل المجهول الحساب ولد
التيار
بقلم الاستاذ عبدالله محمد احمد الصادق
انفض اللقاء الأول بين لجنة المهجرين والحكومة بإعلان د.عوض الجاز وزير الطاقة أن الحكومة تخلت نهائياً عن فكرة الخزان احتجاجاً على مطالبهم وتطفيفاً لبضاعتهم وابخاثاً لأشيئاهم بدليل أن المهجرين فوجئوا بعد ذلك بالأعمال الأولوية تجرى في موقع الخزان وقيل لهم ليس لديكم شئ تخسرونه فقد كان الخزان مطلبكم منذ الاربعينات للخروج من أرضكم الشحيحة بشهادة أغانيكم وأدبياتكم الشعبية إشارة الى قصيدة قالها شاعر ساخط لومنها يا الله تجيب لنا الخزان نمرق من حكم نعمان ويبقى سكونا في أم درمان وقد يكون للشاعر مشكلة مع العمدة نعمان ود قمر ورجال الإدارة الأهلية متهمون بالقطرسة والتعالي والظلم والاستبداد وفي أول لقاء لهم مع رئيس الجمهورية قال لهم الحساب ولد يعني ذلك أن الحكومة تريد أن تحاسبهم بالورقة والقلم ولا تعترف لهم بخسارتهم المعنوية والتضحيات المطلوبة منهم وقضيتهم المصيرية التي تتمثل في بيئة حياتية واقتصادية جديدة ومصادر غير مأمونة وهم بشر ومشاعر وأحاسيس قبل أن يكونوا أرضاً ومباني ومغروسات، وسوف لا يرى المهجرون ذات صباح الجروف تمتد على الضفتين وأشجار النخيل في الشرق والغرب أو كأنها تتبادل التحايا بضفائرها الخضراء وتهتز مع نسيمات النيل وأنفاسه العطرة وقد يأتي رجل منهم الى شاطئ البحيرة سائحاً وقد يجد قوماً آخرين وقد يشير إليهم بأصابعه هناك كان منزلنا وهناك كان قبر أبي وأمي ويتساوى المهجرين مع كافة السودانيين في الاستفادة من الخزان لكنهم لا يتساوون معهم في التضحيات وهي تضحيات لا يعوضها المال قل أو كثر وللعرب أينما كانوا حنين الى الصحراء وللنوبة حنين الى النيل وأين النوبة الذين كانوا يعيشون في أرض المناصير قبل أن يأتي العرب في السودان إن لم يكونوا هم المناصير قبل أن يأتي العرب الى السودان إن لم يكونوا المناصير أنفسهم الذين صاهروهم وتمازجوا معهم كما قال ابن خلدون وفي الاندلس بكى شاعر عربي عند نخلة تأت عن بلد النخل وقال البحتري إن فارس الخضراء لا تغني عن ربوع عنس وعبس وصحاريها الجرداء وصخورها العارية الملساء ولا يزال النوبة في صحراء البطانة يحسون بالغربة وعاد الكثيرون منهم الى حلفا القديمة وبعد أربعين عاماً يطالب النوبة في مصر بحق العودة من الصحراء الى شاطئ النيل ويتهمون الحكومة المصرية بالتمييز ضدهم وتزعم ادارة السدود أنها انتقلت بالمهجرين الى حياة أفضل منازل حديثة ومساحات زراعية أكبر وكم منزل في الأرض يألفه الفتى وشتان بين منزل على شاطئ النيل في المناصير ومنزل في أعماق الصحراء وأرض ذلول على شاطئ النيل وأرض من الدرجة الرابعة في الصحراء ويعاني المهجرون في الملتقى ووادي المقدم من الطقس وزحف الرمال بدليل مظاهراتهم في مروي التي تناقلتها الصحف وتعود فكرة الخزان الى الأربعينات من القرن الماضي لحماية مصر من خطر الفيضانات ولو أن التنفيذ تم في عهد الاستعمار لتعامل معهم بشيء من الاحترام وقد فقد المشروع أهميته بالنسبة للمصريين بقيام السد العالي وأصبحت أهدافه المعلنة إنتاج الكهرباء. كامب ديفد السوق العربي تقاطر المهجرون الى الحامداب على ظهر كل ضامر ومن كل فج عميق يحملون معهم زاداً من القمح والذرة واحتلوا مواقع الخزان وتحولت البلدة الى معسكر حربي له مطبخ واحد تديره النساء وتداعت اليه التبرعات من المفترين في الداخل والخارج والأمن قضية محورية في أي نشاط استثماري وقد ينسحب الممولون الأجانب خوفًا على أموالهم لذلك تدخل جهاز أمن الدولة برئاسة الفريق صلاح عبد الهل لأخطاء الحريق وتم الاتفاق على استئناف المفاوضات ويبدو أن الفريق صلاح عبد الله كان يصر على الوصول الى اتفاق نهائي شامل فقد تحول فندق بالسوق العربي الى معسكر كمعسكر كامب ديفد في المفاوضات الشهيرة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل ولم يكن موقف الفريق صلاح عبد الله يختلف عن موقف الرئيس كلنتون في كامب ديفد فلم يكن شريط في المفاوضات يقدر ما كان وسيطاً وتواصلت المفاوضات لمدة أسبوعين لكن الحكومة أرسلت فرقة من الاحتياطي المركزي الى الحامداب وكان ذلك عملا استفزازياً لا مبرر له كالتزامن بين المفاوضات وبناءالمستوطنات في القدس وكان ذلك أيضًا رسالة بأن الحكومة تريد أن تملي شروطها وأن تسحب من يد المهجرين ورقة الضغط الوحيدة التي كانت في يدهم وهي موقع الخزان وقد أدى ذلك الى مصادمات دامية ولم يكن المفاوضون في معسكر كامب ديفد السوق العربي يعلمون شيئاً عن تلك الأحداث إلى أن وصلتهم رسالة تطالبهم بالانسحاب من المفاوضات والعودة الى الحامداب وقد لا يكون جهاز أمن الدولة طرفا في ذلك القرار العشوائي الأرعن فقد لجأت الحكومة الى استعمال قوة القوة في فض الاعتصام وقوة المكر والحيلة والدهاء في تفكيك وحدة المهجرين فأصبحوا ثلاث مناطق وثلاث مراحل وثلاث لجان بعد أن كانوا لجنة واحدة تعرف باللجنة المشتركة والسكان من الجبلة الى الحامداب مناصير كان الاستعمار قبل مائة سنة أراد النيل من وحدتهم عندما جعل المنطقة الشمالية تابعة لمركز مروي والمنطقة الجنوبية تابعة لمركز بربر والإنقاذيون أيضًا يعتمدون على الحكمة التي تقول فرق تسد وتسيطر وكان ذلك دأبهم في الجنوب ودارفور وجنوب كردفان. الخصم والحكم بعد ذلك أصدرت الحكومة قانوناً للتهجير وإعادة التوطين وفصلته على مقاسات المهجرين وقبل أن يجف مداده أصدرت بموجبه قرارا جمهوريا بمصادرة أراضي المهجرين لإجبارهم على الرحيل وقرارات جمهورية بتاريخ 11/9/2002م تحدد فئات التعويض عن المباني والأراضي والنخيل فأصبحت الحكومة خصماً وحكماً وكانت القرارات الجمهورية أبا والقانون ابنا وليس العكس وكان ذلك صباً للزيت على النار وتوالت الأحداث في أمري والكربكان وواحة ثاني بعتمور المناصير بعد معركة الحامداب وفي الكربكان احتجز المهجرون مائة من رجال الشرطة وكانوا يطعمونهم ويسقونهم الى أن لجأت الحكومة الى لجنتهم واستعانت بها في فك الحصار لكنها اعتقلت أعضاء اللجنة فور عودتهم الى الخرطوم جزاء سنمار ونص القانون على أنه يعلو فوق أي نص مخالف في أي قانون آخر ويعني ذلك حرمان المهجرين من حقهم الطبيعي في اللجوء الى القضاء وكانت القرارات الجمهورية تتعارض مع القانون نفسه فقد نص القانون على التحكيم ولا يكون التحكيم إلا بوجود طرفين متساويين أمام القانون وكان ذلك كله يتنافى مع قواعد ومتطلبات العدالة وهي من البديهيات التي يدركها الإنسان الطبيعي بالفطرة والوجدان السليم وقد أدركها سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما فصل بين السطلتين القضائية والتنفيذية واستطاع سيدنا عمر بفطرته وبصيرته النافذة الغوص في أعماق القرآن الكريم واستكشانف أسراره واستجلاء مضامينه فلم يطلع سيدنا عمر على تراث الإغريق والرومان لكنه كان يقتدي بشيخه أبوبكر الذي قال (هذا كتاب الله فيكم لا تفنى عجائبه) ويمكن للسلطة أن تقترب من الإسلام على حد تعبير المرحوم الملك حسين لكنها لا تطيق أن تكون هي الإسلام لأن ذلك كمال لا تدركه السلطة وهي اجتهاد بشري ينقصه الكمال وقال بن تيمية إن السياسة تقترب أو تبعتد عن الإسلام بقدر اقترابها من العدل قد تكون عادلة في مجتمع غير مسلم ولا تكون عادلة في مجتمع مسلم ووصفها الإمام الغزالي بالتعاون والتكاتف على سبل الحياة وضبطها وقال إن الحج شيء وحراسة الطرق المؤدية الى الحج شئ آخر وجاءت الاشارة الى ذلك في حوارات سيدنا علي بن ابي طالب كرم الله وجهه وعبد الله بن عباس مع الخوارج وقبل ذلك في منفستو بعثة معاذ بن جبل الى اليمن وكان معاذ يعبر عن ذلك عندما رفض الإمارة التي عرضها عليه سيدنا أبوبكر الصديق رضي الله عنه وقال (أحس بأن حساب منكم في هذه الدنيا وحساب من الله يوم القيامة؟ والله لا أقبلها وكذلك أبو طلحة الأنصاري الذي نصبه سيدنا عمر بن الخطاب حاجباً على جماعة الشورى فقد كان يرى أن السلطة كرة من نار سيحاول كل منهم أن يرمي بها في حجر صاحبه وقد خاب ظنه باستثناء عبد الرحمن بن عوف وقد أجمل ذلك سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عندما قال: (أهلك الذين من قبلكم أنهم منعو الحق حتى افترى وبسطوا الباطل حتى اشترى) وسيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما قال خذوا الحق واعطوا الحق وقد خاب من حمل ظلماً ولو كانت الانقاذ تأخذ الحق وتعطي الحق لما كنا الآن في هذا النفق المظلم والمصير المجهول واتضح من هذه القضية أن سلطة نزع الأراضي آلت الى الجهاز التنفيذي ويتنافى ذلك مع قواعد متطلبات العدالة لأن النزع لا يكون إلا لصالح الحكومة ولم يكن القرار الجمهوري الصادر بمصادرة أراضي المهجرين قبل التعويض قابلاً للتنفيذ إلا بالطوفان وهذا ما حدث بالفعل. بقلم:- عبد الله محمد أحمد الصادق
التيار
بقلم الاستاذ عبدالله محمد احمد الصادق
انفض اللقاء الأول بين لجنة المهجرين والحكومة بإعلان د.عوض الجاز وزير الطاقة أن الحكومة تخلت نهائياً عن فكرة الخزان احتجاجاً على مطالبهم وتطفيفاً لبضاعتهم وابخاثاً لأشيئاهم بدليل أن المهجرين فوجئوا بعد ذلك بالأعمال الأولوية تجرى في موقع الخزان وقيل لهم ليس لديكم شئ تخسرونه فقد كان الخزان مطلبكم منذ الاربعينات للخروج من أرضكم الشحيحة بشهادة أغانيكم وأدبياتكم الشعبية إشارة الى قصيدة قالها شاعر ساخط لومنها يا الله تجيب لنا الخزان نمرق من حكم نعمان ويبقى سكونا في أم درمان وقد يكون للشاعر مشكلة مع العمدة نعمان ود قمر ورجال الإدارة الأهلية متهمون بالقطرسة والتعالي والظلم والاستبداد وفي أول لقاء لهم مع رئيس الجمهورية قال لهم الحساب ولد يعني ذلك أن الحكومة تريد أن تحاسبهم بالورقة والقلم ولا تعترف لهم بخسارتهم المعنوية والتضحيات المطلوبة منهم وقضيتهم المصيرية التي تتمثل في بيئة حياتية واقتصادية جديدة ومصادر غير مأمونة وهم بشر ومشاعر وأحاسيس قبل أن يكونوا أرضاً ومباني ومغروسات، وسوف لا يرى المهجرون ذات صباح الجروف تمتد على الضفتين وأشجار النخيل في الشرق والغرب أو كأنها تتبادل التحايا بضفائرها الخضراء وتهتز مع نسيمات النيل وأنفاسه العطرة وقد يأتي رجل منهم الى شاطئ البحيرة سائحاً وقد يجد قوماً آخرين وقد يشير إليهم بأصابعه هناك كان منزلنا وهناك كان قبر أبي وأمي ويتساوى المهجرين مع كافة السودانيين في الاستفادة من الخزان لكنهم لا يتساوون معهم في التضحيات وهي تضحيات لا يعوضها المال قل أو كثر وللعرب أينما كانوا حنين الى الصحراء وللنوبة حنين الى النيل وأين النوبة الذين كانوا يعيشون في أرض المناصير قبل أن يأتي العرب في السودان إن لم يكونوا هم المناصير قبل أن يأتي العرب الى السودان إن لم يكونوا المناصير أنفسهم الذين صاهروهم وتمازجوا معهم كما قال ابن خلدون وفي الاندلس بكى شاعر عربي عند نخلة تأت عن بلد النخل وقال البحتري إن فارس الخضراء لا تغني عن ربوع عنس وعبس وصحاريها الجرداء وصخورها العارية الملساء ولا يزال النوبة في صحراء البطانة يحسون بالغربة وعاد الكثيرون منهم الى حلفا القديمة وبعد أربعين عاماً يطالب النوبة في مصر بحق العودة من الصحراء الى شاطئ النيل ويتهمون الحكومة المصرية بالتمييز ضدهم وتزعم ادارة السدود أنها انتقلت بالمهجرين الى حياة أفضل منازل حديثة ومساحات زراعية أكبر وكم منزل في الأرض يألفه الفتى وشتان بين منزل على شاطئ النيل في المناصير ومنزل في أعماق الصحراء وأرض ذلول على شاطئ النيل وأرض من الدرجة الرابعة في الصحراء ويعاني المهجرون في الملتقى ووادي المقدم من الطقس وزحف الرمال بدليل مظاهراتهم في مروي التي تناقلتها الصحف وتعود فكرة الخزان الى الأربعينات من القرن الماضي لحماية مصر من خطر الفيضانات ولو أن التنفيذ تم في عهد الاستعمار لتعامل معهم بشيء من الاحترام وقد فقد المشروع أهميته بالنسبة للمصريين بقيام السد العالي وأصبحت أهدافه المعلنة إنتاج الكهرباء. كامب ديفد السوق العربي تقاطر المهجرون الى الحامداب على ظهر كل ضامر ومن كل فج عميق يحملون معهم زاداً من القمح والذرة واحتلوا مواقع الخزان وتحولت البلدة الى معسكر حربي له مطبخ واحد تديره النساء وتداعت اليه التبرعات من المفترين في الداخل والخارج والأمن قضية محورية في أي نشاط استثماري وقد ينسحب الممولون الأجانب خوفًا على أموالهم لذلك تدخل جهاز أمن الدولة برئاسة الفريق صلاح عبد الهل لأخطاء الحريق وتم الاتفاق على استئناف المفاوضات ويبدو أن الفريق صلاح عبد الله كان يصر على الوصول الى اتفاق نهائي شامل فقد تحول فندق بالسوق العربي الى معسكر كمعسكر كامب ديفد في المفاوضات الشهيرة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل ولم يكن موقف الفريق صلاح عبد الله يختلف عن موقف الرئيس كلنتون في كامب ديفد فلم يكن شريط في المفاوضات يقدر ما كان وسيطاً وتواصلت المفاوضات لمدة أسبوعين لكن الحكومة أرسلت فرقة من الاحتياطي المركزي الى الحامداب وكان ذلك عملا استفزازياً لا مبرر له كالتزامن بين المفاوضات وبناءالمستوطنات في القدس وكان ذلك أيضًا رسالة بأن الحكومة تريد أن تملي شروطها وأن تسحب من يد المهجرين ورقة الضغط الوحيدة التي كانت في يدهم وهي موقع الخزان وقد أدى ذلك الى مصادمات دامية ولم يكن المفاوضون في معسكر كامب ديفد السوق العربي يعلمون شيئاً عن تلك الأحداث إلى أن وصلتهم رسالة تطالبهم بالانسحاب من المفاوضات والعودة الى الحامداب وقد لا يكون جهاز أمن الدولة طرفا في ذلك القرار العشوائي الأرعن فقد لجأت الحكومة الى استعمال قوة القوة في فض الاعتصام وقوة المكر والحيلة والدهاء في تفكيك وحدة المهجرين فأصبحوا ثلاث مناطق وثلاث مراحل وثلاث لجان بعد أن كانوا لجنة واحدة تعرف باللجنة المشتركة والسكان من الجبلة الى الحامداب مناصير كان الاستعمار قبل مائة سنة أراد النيل من وحدتهم عندما جعل المنطقة الشمالية تابعة لمركز مروي والمنطقة الجنوبية تابعة لمركز بربر والإنقاذيون أيضًا يعتمدون على الحكمة التي تقول فرق تسد وتسيطر وكان ذلك دأبهم في الجنوب ودارفور وجنوب كردفان. الخصم والحكم بعد ذلك أصدرت الحكومة قانوناً للتهجير وإعادة التوطين وفصلته على مقاسات المهجرين وقبل أن يجف مداده أصدرت بموجبه قرارا جمهوريا بمصادرة أراضي المهجرين لإجبارهم على الرحيل وقرارات جمهورية بتاريخ 11/9/2002م تحدد فئات التعويض عن المباني والأراضي والنخيل فأصبحت الحكومة خصماً وحكماً وكانت القرارات الجمهورية أبا والقانون ابنا وليس العكس وكان ذلك صباً للزيت على النار وتوالت الأحداث في أمري والكربكان وواحة ثاني بعتمور المناصير بعد معركة الحامداب وفي الكربكان احتجز المهجرون مائة من رجال الشرطة وكانوا يطعمونهم ويسقونهم الى أن لجأت الحكومة الى لجنتهم واستعانت بها في فك الحصار لكنها اعتقلت أعضاء اللجنة فور عودتهم الى الخرطوم جزاء سنمار ونص القانون على أنه يعلو فوق أي نص مخالف في أي قانون آخر ويعني ذلك حرمان المهجرين من حقهم الطبيعي في اللجوء الى القضاء وكانت القرارات الجمهورية تتعارض مع القانون نفسه فقد نص القانون على التحكيم ولا يكون التحكيم إلا بوجود طرفين متساويين أمام القانون وكان ذلك كله يتنافى مع قواعد ومتطلبات العدالة وهي من البديهيات التي يدركها الإنسان الطبيعي بالفطرة والوجدان السليم وقد أدركها سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما فصل بين السطلتين القضائية والتنفيذية واستطاع سيدنا عمر بفطرته وبصيرته النافذة الغوص في أعماق القرآن الكريم واستكشانف أسراره واستجلاء مضامينه فلم يطلع سيدنا عمر على تراث الإغريق والرومان لكنه كان يقتدي بشيخه أبوبكر الذي قال (هذا كتاب الله فيكم لا تفنى عجائبه) ويمكن للسلطة أن تقترب من الإسلام على حد تعبير المرحوم الملك حسين لكنها لا تطيق أن تكون هي الإسلام لأن ذلك كمال لا تدركه السلطة وهي اجتهاد بشري ينقصه الكمال وقال بن تيمية إن السياسة تقترب أو تبعتد عن الإسلام بقدر اقترابها من العدل قد تكون عادلة في مجتمع غير مسلم ولا تكون عادلة في مجتمع مسلم ووصفها الإمام الغزالي بالتعاون والتكاتف على سبل الحياة وضبطها وقال إن الحج شيء وحراسة الطرق المؤدية الى الحج شئ آخر وجاءت الاشارة الى ذلك في حوارات سيدنا علي بن ابي طالب كرم الله وجهه وعبد الله بن عباس مع الخوارج وقبل ذلك في منفستو بعثة معاذ بن جبل الى اليمن وكان معاذ يعبر عن ذلك عندما رفض الإمارة التي عرضها عليه سيدنا أبوبكر الصديق رضي الله عنه وقال (أحس بأن حساب منكم في هذه الدنيا وحساب من الله يوم القيامة؟ والله لا أقبلها وكذلك أبو طلحة الأنصاري الذي نصبه سيدنا عمر بن الخطاب حاجباً على جماعة الشورى فقد كان يرى أن السلطة كرة من نار سيحاول كل منهم أن يرمي بها في حجر صاحبه وقد خاب ظنه باستثناء عبد الرحمن بن عوف وقد أجمل ذلك سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عندما قال: (أهلك الذين من قبلكم أنهم منعو الحق حتى افترى وبسطوا الباطل حتى اشترى) وسيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما قال خذوا الحق واعطوا الحق وقد خاب من حمل ظلماً ولو كانت الانقاذ تأخذ الحق وتعطي الحق لما كنا الآن في هذا النفق المظلم والمصير المجهول واتضح من هذه القضية أن سلطة نزع الأراضي آلت الى الجهاز التنفيذي ويتنافى ذلك مع قواعد متطلبات العدالة لأن النزع لا يكون إلا لصالح الحكومة ولم يكن القرار الجمهوري الصادر بمصادرة أراضي المهجرين قبل التعويض قابلاً للتنفيذ إلا بالطوفان وهذا ما حدث بالفعل. بقلم:- عبد الله محمد أحمد الصادق
عدل سابقا من قبل (الحاج شرف) في الثلاثاء 13 سبتمبر 2011, 5:35 am عدل 3 مرات
(الحاج شرف)- اداري
- مشرف المنتدى العام
احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 1785
نقاط : 31604
تاريخ التسجيل : 22/04/2010
رد: المناصير الماضى و الحاضر والمستقبل المجهول 2
شكرا يا حاج وانت تسد الفرقة بالمناسبة دى الحلقة الثانية من سلسلة حلقات للاستاذ عبد الله الصادق
الرشيد طه- اداري
- مشرف المنتدى السياسي
مشرف منتدى الصحافة
احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 2625
نقاط : 33411
تاريخ التسجيل : 15/04/2010
رد: المناصير الماضى و الحاضر والمستقبل المجهول 2
شكرا ً أخى الحاج على نقل ورفع هذا المقال الرائع وجزى الله خيرا ً الأستاذ عبد الله محمد أحمد الصادق على هذا السرد الرائع لقضية أهلنا وتنوير القاصى والدانى بما يجرى من أحداث هناك وما يحاك من ظلم وتعدى واضح من الدولة على حقوقنا المشروعة _
لك تحياتى وتقبل مرورى ،،،
لك تحياتى وتقبل مرورى ،،،
النفر- V.i.P
- احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 3225
نقاط : 35037
تاريخ التسجيل : 08/06/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى