طقوس المآتم والبكيات في الماضي

كان عدد سكان المناصير في الثلاثينات والأربعينات قليل جدا نسبة للحروب التي خاضتها القبيلة في الدبة والكربكان وأبي حمد فتبقي القليل من الرجال لذا صار الموت نادر الحدوث فصاروا إذا مرض الشخص مرضا شديدا فإنهم يتركوا كل شئ ويجلسون عند رأسه حتي يتوفاه الله وهنا يبدؤون بإرسال المراسيل شمالا وجنوبا لإبلاغ الناس وآخر لإحضار الكفن .ثم يأتي دور الصايح وهو شخص قوي الصوت ويصيح)هوووي يا ناس الشرق (وهنا يسمع كلمة )هووي( فيقول فلان ود فلان راح في حق الله...نواصل

ثم تبدأ مرحلة التشييع وهي تبدأ في جو صاخب جدا من البكاء والعويل وتمزيق الملابس وهي أصلا تكاد تكون بالكاد تستر الجسم وتبالغ النساء في البكاء والعويل والتمرغ بالتراب والرماد ويبدأ موكب التشييع والدفن فيصيح أحدهم أن الصدقة اليوم الفلاني والبكاء اليوم الفلاني ويبدأ الفراش ويقوم أهل القرية بإحضا ر الطعام وتأتي أفواج المعزين من بعيد وفي معيتهم جربان العيش وهو مايعرف بالعانة وفي كل الأمسيات يتم عمل البرادي وهي قراصة باللبن للأطفال كل مغرب إن وجدت ثم تأتي الصدقة وفيها يقوم الفقرا بقراءة القرآن ويتم إطعامهم بأحسن مايكون...نواصل..

ثم تبدأ مرحلة التشييع وهي تبدأ في جو صاخب جدا من البكاء والعويل وتمزيق الملابس وهي أصلا تكاد تكون بالكاد تستر الجسم وتبالغ النساء في البكاء والعويل والتمرغ بالتراب والرماد ويبدأ موكب التشييع والدفن فيصيح أحدهم أن الصدقة اليوم الفلاني والبكاء اليوم الفلاني ويبدأ الفراش ويقوم أهل القرية بإحضا ر الطعام وتأتي أفواج المعزين من بعيد وفي معيتهم جربان العيش وهو مايعرف بالعانة وفي كل الأمسيات يتم عمل البرادي وهي قراصة باللبن للأطفال كل مغرب إن وجدت ثم تأتي الصدقة وفيها يقوم الفقرا بقراءة القرآن ويتم إطعامهم بأحسن مايكون...نواصل..

ويبدأ الإستعداد لليوم الموعود وهو يوم التأبين أو ما يعرف بالبكا وتقوم النساءبعمل ملاح التربيقة وعمل الكسرة المصنوعة من عدة أنواع من الحبوب حسب ما يرد من جربان العانة وبعد الأكل يتجدد البكا والعويل والصخب وفي الستينات تم إستبدال الجراب بالريال والتربيقة بالعقيري وهي عجل يذبحه أهل المتوفي ويصير يوم الموت هذا تاريخا ثابتا فيقولون حدث كذا يوم ميتة فلان نسبة لقلة الوفيات ولكن سنة 1951جاء مرض السحائي وقضي علي الكثيرين وهو تعارفوا علية بسنة الكشة

لك التحية السر وهذه العادات ربنا أزال سلبيات بعضها وأتى أهل هذا الزمن بالإيجابيات. العانة أو المساعدة كانت في المآتم تسمى بالقدح وفي الأفراح بالعانة . لأن القدح كأنه فرض أما الإعانة أو العانة في شبه اختيارية في الأفراح. نأمل أن تقارن لنا بين القديم والحديث في العادات وتسرد لنا الإيجابيات والسلبيات ليعرف الجيل الحاضر تاريخهم الاجتماعي.

لك الشكر السيد مصباح علي هذه المداخلة الثرة فقد تختلف المسميات عند المناصير الفوق والتحت قليلا وعندنا مازال كشف البكا يطلقو عليه كبارنا الإعانة. ومن الطرايف أن أحدهم كان قد ذهب إلي بعض البكيات وكان في جيبه ريال وقرش فالمفروض يدفع الريال لإعانة البكا والقرش للمركب ولما قفل راجعا أراد أن يعطي صاحب المركب القرش فوجد في جيبه الريال فعرف أنه دفع لأهل الميت القرش بدل الريال .فقال لصاحب المركب أمانة في رقبتك تسلم ناس البكا الريال دا وتشيل منهم قرشك

قد تصعب المقارنة بين الماضي والحاضر فقد تبدل كل شئ وتغيرت المفاهيم وأساليب العيش وتضاعف السكان أضعافا مضاعفة واتسعت دائرة التعارف وتطورت الإتصالات وتبدلت أنماط كثيرا فصار البون شاسعا بين الأمس واليوم فصارا عالمين مختلفين تماما

كلام في الصميم من تراثنا يا ود التوم

شكرا ابو السرة على هذا الموضوع الجميل ...برضو عايزنك...تتحدث عن التياب  البيض..والكابور...بجيك راجغ

واصلو الحديث ......
فهناك مستمعين يجديدون فن الاستماع ...

شكرا أستاذ سلمان والساري -حكاية لبس التوب الأبيض تعبيرا عن الحزن والحداد عادة غريبة لأنه من عادة كل الشعوب التوشح بالسواد تعبيرا عن الحزن والأسي ولكن سبب البياض وجيه جدا ومقبول- لأن توب الزراق كان يعتبر زينة للمرأة آنذاك لذلك لابد من لبس الأبيض حتي يعكسوا الوضع فهو عكس ثياب الزينة السوداء ويكون من قماش الدبلان نفس قماش كفن الميت حتي تحاكي الأرملة زوجها المقبور في اللبس

اخونا السر لك التحية هنالك عادات كانت سيئة في مآتمنا والحمد الله انقرض منها الكثير بسبب الوعي والثقافة الإسلامية ولكن في موضوع (الحداد ) الحبس أرى أو أسمع عن عادات تظلم الحادة وهي الجلوس على البرش طيلة فترة الحداد، لباس الثياب البيض وهذا فيه تشبه بالرجال، ربط الرأس حتى لا ترى منه شعرة واحدة ليل نهار، المرأة الحادة لا تعمل في البيت ولا تطبخ فقط تحصر عملها في الضفيرة والحياكة لبعض الأشياء. لا تضع ولا حتى زيت أو دهن على شعرها. كل هذا في حين أن كل هذه الأشياء مباحة للمرأة. والحداد هو الابتعاد عن الزينة والرجال الأجانب وهم غير المحارم خلال فترة الحداد لضمان خلو الرحم من الأجنة اتماما للعدة.

شكرا أستاذ مصباح صحيح هناك شئ من الإجحاف ولكن الآن مع إزدياد الوعي وتغير المفاهم إنفرجت الزاوية الضيقة قليلا وإنفك الخناق فصار حال المرأة الحادة أفضل كثيرا ------ - - - أما حديث الأستاذ سلمان عن الكابور فإنه من العادات الغريبة وأظن أن أصلها فرعوني بحت وهي تباكي النساء في المآتم مصحوبا بإيقاعات وبطريقة جماعية ويتم ذلك بالضرب علي الصفيح مع التصفيق ويحدث عادة عند موت أحد السادة المراغنة وإرتباط المناصير والشايقية وجدانيا بالختمية في كسلا كبير جدا و لنا عودة لهذا الموضوع بإسهاب

الكابور رأيته مرة واحدة ونحن صغار توفي السيد علي الميرغني فأقيم كابور ومأتم كبير في شري ويومها نحن صغار كنا مستغربين لماذا تبكي الحريم وليس هنالك ميت في البلد. كما أقيم له بكاء كبير ذُبحت فيه الثيران وامتلأت القساسيب بالتربيقة ولم يأكل ذلك اللحم لأنه من يأكل لحم البكاء ليس بحزين على الميت والميت هو السيد علي كما يحلوا لهم أن يقولوا. عادات سيئة وبدع منكرة انقرضت ونحمد الله على ذلك. نحن لا ننكر أن تلك العادات كانت في مجتمعنا ولا نفتخر بها ولكن نحمد الله أنها انقرضت وعلى رأسها زيادر القبور ونحمد الله أن عاد أهلنا لأخلاقنا وآدابنا الإسلامية السمحة.

لو نظرنا إلي ماضينا القريب وحاضرنا يا أستاذ مصباح من الناحية الدينية والأخلاقية نجد تحولا عظيما وجليا فقد كان الشرك يعشعش في عقول العامة فقد صنع الشيوخ والسادة لأنفسهم هيلمانة وصاروا طواغيت بكل ماتعني الكلمة فزعموا أن دعوتهم لاترد إطلاقا وكل من إستنجد بهم حتي لوكان في قلب الصحراء أو في عرض البحر لأنقذوه وأغاثوه وكان الحلف بهم والدعاء لهم- وكانت الخمور تشرب نهارا جهارا وتقدم في مناسبات الأفراح للضيوف ويفاخرون بها إذا كانت معتقة ورقص النساء سافرات والكثير الكثير ولكن تبدل الحال والحمد لله