الموت خير واعظ
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الموت خير واعظ
أروع ما قيل عن الموت ..
* فقد قال الله تعالى : " كل نفس ٍ ذائقة الموت " وقال ايضا : " فإذا جاء اجلهم لايستأخرون ساعة ولا يستقدمون " و " وما تدري نفس بأي ارض تموت " .
* وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح * وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء * وخذ من صحتك لمرضك * ومن حياتك لموتك )) .
* والإمام الغزالي قال : (( عش ما شئت فأنك ميت * واحبب من شئت فأنك مفارق * واعمل ما شئت فأنك مجزى به )) .
* وقال ابو بكر الصديق : (( احرص على الموت توهب لك الحياة )) .
* وقال الإمام علي : (( نسيان الموت صدأ القلب )) .
* وقيل : (( ما دخل ذكّر الموت بيتا إلا رضي اهلة بما قسم الله لهم وجدوا في أمر آآخرتهم )) .
* وقال أحد المفكرين : (( هناك أسباب مختلفة لإحتقار الحياة * ولكن ليس ثمة مبرر لإحتقار الموت )) .
* وقيل :
ليس من مات فاستراح بميت*** إنما الميت ميت الأحياء
إنما الميت من يعيش كئيبـــا*** كاسفا باله قليل الرجاء
* وقال عن الموت لبيد بن ربيعة :
وما المال والأهلون إلا ودائع *** ولا بد ان ترد الودائع
* وقيل أن :
الموت داء لا دواء له ***إلا التقى والعمل الصالح
*وقال الإمام علي بن ابي طالب :
لادار للمرء بعد الموت يسكنها ***إلا التي هو قبل الموت بانيها
اللهم اجعلنا من اللذين يموتون في سبيلك وارزقنا حسن الخاتمه
* فقد قال الله تعالى : " كل نفس ٍ ذائقة الموت " وقال ايضا : " فإذا جاء اجلهم لايستأخرون ساعة ولا يستقدمون " و " وما تدري نفس بأي ارض تموت " .
* وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح * وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء * وخذ من صحتك لمرضك * ومن حياتك لموتك )) .
* والإمام الغزالي قال : (( عش ما شئت فأنك ميت * واحبب من شئت فأنك مفارق * واعمل ما شئت فأنك مجزى به )) .
* وقال ابو بكر الصديق : (( احرص على الموت توهب لك الحياة )) .
* وقال الإمام علي : (( نسيان الموت صدأ القلب )) .
* وقيل : (( ما دخل ذكّر الموت بيتا إلا رضي اهلة بما قسم الله لهم وجدوا في أمر آآخرتهم )) .
* وقال أحد المفكرين : (( هناك أسباب مختلفة لإحتقار الحياة * ولكن ليس ثمة مبرر لإحتقار الموت )) .
* وقيل :
ليس من مات فاستراح بميت*** إنما الميت ميت الأحياء
إنما الميت من يعيش كئيبـــا*** كاسفا باله قليل الرجاء
* وقال عن الموت لبيد بن ربيعة :
وما المال والأهلون إلا ودائع *** ولا بد ان ترد الودائع
* وقيل أن :
الموت داء لا دواء له ***إلا التقى والعمل الصالح
*وقال الإمام علي بن ابي طالب :
لادار للمرء بعد الموت يسكنها ***إلا التي هو قبل الموت بانيها
اللهم اجعلنا من اللذين يموتون في سبيلك وارزقنا حسن الخاتمه
عمر بابكر عمر صديق احمد- عضو رائع
- عضو نشيط
احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 240
نقاط : 25324
تاريخ التسجيل : 17/05/2011
رد: الموت خير واعظ
قالوا عن الموت (( هم عملوا وخافوا ونحن ماعملنا ولا خفنا ))
قالوا عن الموت (( هم عملوا وخافوا ونحن ماعملنا ولا خفنا ))
الإمام الشافعي رضي الله عنه
دخل المزني على الإمام الشافعي في مرضه الذي توفي فيه
فقال له :كيف أصبحت يا أباعبدالله ؟!
فقال الشافعي :
أصبحت من الدنيا راحلا, و للإخوان مفارقا , و لسوء عملي ملاقيا , و لكأس المنية شاربا , و
على الله واردا , و لا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها , أم إلى النار فأعزيها , ثم أنشأ
يقول :
و لما قسـا قلبي و ضاقـت مذاهبي
جـعـلت رجـائي نحـو عفـوك سلـما
تعاظـمــني ذنبــي فلـما قرنتـه
بعـفــوك ربـي كـان عفوك أعظـما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل
تجـود و تعـفـو منــة و تكـرمـا
-----------------------------------------------------------------------------
الحسن البصري رضي الله عنه و أرضاه
حينما حضرت الحسن البصري المنية
حرك يديه و قال :
هذه منزلة صبر و استسلام !
----------------------------------------------------------------------------
عبد الله بن المبارك
العالم العابد الزاهد المجاهد عبد الله بن المبارك , حينما جاءته الوفاة اشتدت عليه سكرات
الموت
ثم أفاق .. و رفع الغطاء عن وجهه و ابتسم قائلا :
لمثل هذا فليعمل العاملون .... لا إله إلا الله ....
ثم فاضت روحه.
--------------------------------------------------------------------------------
الفضيل بن عياض
العالم العابد الفضيل بن عياض الشهير بعابد الحرمين
لما حضرته الوفاة , غشي عليه , ثم أفاق و قال :
وا بعد سفراه ...
وا قلة زاداه ...!
---------------------------------------------------------------------------
الإمام العالم محمد بن سيرين
روي أنه لما حضرت محمد بن سيرين الوفاة , بكى , فقيل له : ما يبكيك ؟
فقال : أبكي لتفريطي في الأيام الخالية و قلة عملي للجنة العالية و ما ينجيني من النار الحامية.
---------------------------------------------------------------------------------
الخليفة العادل الزاهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه
لما حضر الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز الموت قال لبنيه و كان مسلمة بن عبد الملك
حاضرا :
يا بني , إني قد تركت لكم خيرا كثيرا لا تمرون بأحد من المسلمين و أهل ذمتهم إلا رأو لكم حقا .
يا بني , إني قد خيرت بين أمرين , إما أن تستغنوا و أدخل النار , أو تفتقروا و أدخل الجنة ,
فأرى أن تفتقروا إلى ذلك أحب إلي , قوموا عصمكم الله ... قوموا رزقكم الله ...
قوموا عني , فإني أرى خلقا ما يزدادون إلا كثرة , ما هم بجن و لا إنس ..
قال مسلمة : فقمنا و تركناه , و تنحينا عنه , و سمعنا قائلا يقول : تلك الدار الآخرة نجعلها
للذين لا يريدون علوا في الأرض و لا فسادا و العاقبة للمتقين
ثم خفت الصوت , فقمنا فدخلنا , فإذا هو ميت مغمض مسجى !
-----------------------------------------------------------------------------
الخليفة المأمون أمير المؤمنين رحمه الله
حينما حضر المأمون الموت قال :
أنزلوني من على السرير.
فأنزلوه على الأرض ...
فوضع خده على التراب و قال :
يا من لا يزول ملكه ... ارحم من قد زال ملكه
------------------------------------------------------------------------------
أمير المؤمنين عبد الملك من مروان رحمه الله
يروى أن عبد الملك بن مروان لما أحس بالموت قال : ارفعوني على شرف , ففعل ذلك , فتنسم
الروح , ثم قال :
يا دنيا ما أطيبك !
إن طويلك لقصير ...
و إن كثيرك لحقير ...
و إن كنا منك لفي غرور
------------------------------------------------------------------------------
هشام بن عبد الملك رحمه الله
لما احتضر هشام بن عبد الملك , نظر إلى أهله يبكون حوله فقال : جاء هشام إليكم بالدنيا و
جئتم له بالبكاء , ترك لكم ما جمع و تركتم له ما حمل , ما أعظم مصيبة هشام إن لم يرحمه الله
------------------------------------------------------------------------------
أمير المؤمنين الخليفة الزاهد المجاهد هارون الرشيد رحمه الله
لما مرض هارون الرشيد و يئس الأطباء من شفائه ... و أحس بدنو أجله .. قال : أحضروا لي
أكفانا
فأحضروا له ..فقال :
احفروا لي قبرا ...
فحفروا له ... فنظر إلى القبر و قال :
ما أغنى عني ماليه ... هلك عني سلطانية ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللـــــهم هـــــون علينا سكرات الموت
اللهــــــــــــــم أجعل قبورنا روضـــــــة مــــــــــن ريــــــــــاض الجنــــــــــة
__________________
الإمام الشافعي رضي الله عنه
دخل المزني على الإمام الشافعي في مرضه الذي توفي فيه
فقال له :كيف أصبحت يا أباعبدالله ؟!
فقال الشافعي :
أصبحت من الدنيا راحلا, و للإخوان مفارقا , و لسوء عملي ملاقيا , و لكأس المنية شاربا , و
على الله واردا , و لا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها , أم إلى النار فأعزيها , ثم أنشأ
يقول :
و لما قسـا قلبي و ضاقـت مذاهبي
جـعـلت رجـائي نحـو عفـوك سلـما
تعاظـمــني ذنبــي فلـما قرنتـه
بعـفــوك ربـي كـان عفوك أعظـما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل
تجـود و تعـفـو منــة و تكـرمـا
-----------------------------------------------------------------------------
الحسن البصري رضي الله عنه و أرضاه
حينما حضرت الحسن البصري المنية
حرك يديه و قال :
هذه منزلة صبر و استسلام !
----------------------------------------------------------------------------
عبد الله بن المبارك
العالم العابد الزاهد المجاهد عبد الله بن المبارك , حينما جاءته الوفاة اشتدت عليه سكرات
الموت
ثم أفاق .. و رفع الغطاء عن وجهه و ابتسم قائلا :
لمثل هذا فليعمل العاملون .... لا إله إلا الله ....
ثم فاضت روحه.
--------------------------------------------------------------------------------
الفضيل بن عياض
العالم العابد الفضيل بن عياض الشهير بعابد الحرمين
لما حضرته الوفاة , غشي عليه , ثم أفاق و قال :
وا بعد سفراه ...
وا قلة زاداه ...!
---------------------------------------------------------------------------
الإمام العالم محمد بن سيرين
روي أنه لما حضرت محمد بن سيرين الوفاة , بكى , فقيل له : ما يبكيك ؟
فقال : أبكي لتفريطي في الأيام الخالية و قلة عملي للجنة العالية و ما ينجيني من النار الحامية.
---------------------------------------------------------------------------------
الخليفة العادل الزاهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه
لما حضر الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز الموت قال لبنيه و كان مسلمة بن عبد الملك
حاضرا :
يا بني , إني قد تركت لكم خيرا كثيرا لا تمرون بأحد من المسلمين و أهل ذمتهم إلا رأو لكم حقا .
يا بني , إني قد خيرت بين أمرين , إما أن تستغنوا و أدخل النار , أو تفتقروا و أدخل الجنة ,
فأرى أن تفتقروا إلى ذلك أحب إلي , قوموا عصمكم الله ... قوموا رزقكم الله ...
قوموا عني , فإني أرى خلقا ما يزدادون إلا كثرة , ما هم بجن و لا إنس ..
قال مسلمة : فقمنا و تركناه , و تنحينا عنه , و سمعنا قائلا يقول : تلك الدار الآخرة نجعلها
للذين لا يريدون علوا في الأرض و لا فسادا و العاقبة للمتقين
ثم خفت الصوت , فقمنا فدخلنا , فإذا هو ميت مغمض مسجى !
-----------------------------------------------------------------------------
الخليفة المأمون أمير المؤمنين رحمه الله
حينما حضر المأمون الموت قال :
أنزلوني من على السرير.
فأنزلوه على الأرض ...
فوضع خده على التراب و قال :
يا من لا يزول ملكه ... ارحم من قد زال ملكه
------------------------------------------------------------------------------
أمير المؤمنين عبد الملك من مروان رحمه الله
يروى أن عبد الملك بن مروان لما أحس بالموت قال : ارفعوني على شرف , ففعل ذلك , فتنسم
الروح , ثم قال :
يا دنيا ما أطيبك !
إن طويلك لقصير ...
و إن كثيرك لحقير ...
و إن كنا منك لفي غرور
------------------------------------------------------------------------------
هشام بن عبد الملك رحمه الله
لما احتضر هشام بن عبد الملك , نظر إلى أهله يبكون حوله فقال : جاء هشام إليكم بالدنيا و
جئتم له بالبكاء , ترك لكم ما جمع و تركتم له ما حمل , ما أعظم مصيبة هشام إن لم يرحمه الله
------------------------------------------------------------------------------
أمير المؤمنين الخليفة الزاهد المجاهد هارون الرشيد رحمه الله
لما مرض هارون الرشيد و يئس الأطباء من شفائه ... و أحس بدنو أجله .. قال : أحضروا لي
أكفانا
فأحضروا له ..فقال :
احفروا لي قبرا ...
فحفروا له ... فنظر إلى القبر و قال :
ما أغنى عني ماليه ... هلك عني سلطانية ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللـــــهم هـــــون علينا سكرات الموت
اللهــــــــــــــم أجعل قبورنا روضـــــــة مــــــــــن ريــــــــــاض الجنــــــــــة
__________________
عمر بابكر عمر صديق احمد- عضو رائع
- عضو نشيط
احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 240
نقاط : 25324
تاريخ التسجيل : 17/05/2011
رد: الموت خير واعظ
قال مالك بن دينار رحمه الله : أتيت المقابر يوما لأنظر في الموت وأعتبر وأتفكر فيها وأنزجر فأنشدت أقول:
أتيت المقابر ناديتها ****فأين المعظم والمفتخر
وأين المدل بسلطانه**** وأين العزيز إذا ما قدر ؟؟؟
وأين الملبي إذا ما دعا**** وأين المزكي إذا حضر؟؟؟
فقال وإذا بصوت يجيبني :
تفانوا جميعاً فلا مخبر**** وماتوا جميعاً وهذا الخبر
تروح وتغدو بنات الثرى**** وتمحوا محاسن تلك الصدور
لقد قلد القوم أعمالهم**** فأما نعيم وإما سقر
وصاروا إلى ملك قادر**** عزيز مطاع إذا ما أمر
فيا سائلي عن أناس مضوا**** أمالك فيمن مضى معتبر
وقال آخر:
إلهي لست للفردوس أهلا**** ولا أقوى على نار الجحيم
فهب لي توبة واغفر ذنوبي**** فإنك غافر الذنب العظيم
وقال آخر:
تفكر في مشيبك والمآب**** ودفنك بعد عز في التراب
إذا وافيت قبراً أنت فيه**** تقيم به إلى يوم الحساب
وفي أوصال جسمك حين تبقى**** مقطعة ممزقة الإهاب
فلولا القبر صار عليك ستراً**** لنتنت الأباطح والروابي
خلقت من التراب فصرت حياً**** وعلمت الفصيح من الخطاب
وعدت إلى التراب فصرت فيه**** كأنك ما خرجت من التراب
فطلق الدنيا ثلاثاً ****وبادر قبل موتك بالمتاب
نصحتك فاستمع قولي ونصحي**** فمثلك لا يدل على صواب
خلقنا للممات ولو تركنا**** لضاق بنا الفسيح من الرحاب
ينادي في صبيحة كل يوم ****لدوا للدود وابنوا للخراب
فهذا الموت موعد كل حي**** إن حل بيتاً فرق الأحباب
وقال أحدهم:
تأهب للذي لا بد منه ****فأن الموت ميقات العباد
أترضى أن تكون رفيق قوم**** لهم زاد وأنت بغير زاد
وقال آخر:
يا من بدنياه اشتغل***** قد غره طول الأمل
الموت يأتي بغتة***** والقبر صندوق العمل
وقال أحدهم:
ألا أيها الناسي رحيله***** أراك عن الموت المفرق لاهياً
ولا ترعوي بالظاعنين إلى البلى***** وقد تركوا الدنيا جميعاً كما هيا
ولم يخرجوا إلا بقطن وخرقة***** وما عمروا من منزل ظل خاليا
وهم في بطون الأرض صرعى***** جفاهم صديق وخل ظل خاليا
وأنت غداً أو بعده في جوارهم***** وحيداً فريداً في المقلبر ثاويا
جفاك الذي قد كنت ترجوا وداده***** ولم ترَ إنساناًَ بعهدك وافياً
فكن مستعداً للِحمام فإنه قريب *****ودع منك المنى والأمانيا
(الحمام بكسر الحاء يعني الموت)
وقال آخر:
أنت الذي ولدتك أمك باكياً***** والناس حولك يضحكون سروراً
فاعمل ليوم تكون إذا بكوا***** في يوم موتك ضاحكاً مسروراً
وقال أحدهم:
أموالنا لذوي الميراث نجمعها***** ودورنا لخراب الدهر نبنيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها***** إلا التي كان قبل الموت بانيها
فإن بناها بخير طاب مسكنه *****وإن بناها بشر خاب من فيها
وقال آخر:
هو الموت ما منه ملاذ ومهرب ***متى حُط ذا عن نعشه ذاك يركب
نؤمل آمالا ونرجو نتاجها *** وإن الردى مما نرجيه أقرب
ونبني القصور المشمخرات في الهوا***وفي ظننا أنا نموت وتخرب
وقال أحدهم:
الموت كأس وكل الناس شاربه****يا ليت شعري بعد الموت ما الدار
الدار دار نعيم إن عملت بما****يرضي الإله وإن خالفت فالنار
هما محلان ما للمرء غيرهما****فاختر لنفسك أي الدار تختار
أتيت المقابر ناديتها ****فأين المعظم والمفتخر
وأين المدل بسلطانه**** وأين العزيز إذا ما قدر ؟؟؟
وأين الملبي إذا ما دعا**** وأين المزكي إذا حضر؟؟؟
فقال وإذا بصوت يجيبني :
تفانوا جميعاً فلا مخبر**** وماتوا جميعاً وهذا الخبر
تروح وتغدو بنات الثرى**** وتمحوا محاسن تلك الصدور
لقد قلد القوم أعمالهم**** فأما نعيم وإما سقر
وصاروا إلى ملك قادر**** عزيز مطاع إذا ما أمر
فيا سائلي عن أناس مضوا**** أمالك فيمن مضى معتبر
وقال آخر:
إلهي لست للفردوس أهلا**** ولا أقوى على نار الجحيم
فهب لي توبة واغفر ذنوبي**** فإنك غافر الذنب العظيم
وقال آخر:
تفكر في مشيبك والمآب**** ودفنك بعد عز في التراب
إذا وافيت قبراً أنت فيه**** تقيم به إلى يوم الحساب
وفي أوصال جسمك حين تبقى**** مقطعة ممزقة الإهاب
فلولا القبر صار عليك ستراً**** لنتنت الأباطح والروابي
خلقت من التراب فصرت حياً**** وعلمت الفصيح من الخطاب
وعدت إلى التراب فصرت فيه**** كأنك ما خرجت من التراب
فطلق الدنيا ثلاثاً ****وبادر قبل موتك بالمتاب
نصحتك فاستمع قولي ونصحي**** فمثلك لا يدل على صواب
خلقنا للممات ولو تركنا**** لضاق بنا الفسيح من الرحاب
ينادي في صبيحة كل يوم ****لدوا للدود وابنوا للخراب
فهذا الموت موعد كل حي**** إن حل بيتاً فرق الأحباب
وقال أحدهم:
تأهب للذي لا بد منه ****فأن الموت ميقات العباد
أترضى أن تكون رفيق قوم**** لهم زاد وأنت بغير زاد
وقال آخر:
يا من بدنياه اشتغل***** قد غره طول الأمل
الموت يأتي بغتة***** والقبر صندوق العمل
وقال أحدهم:
ألا أيها الناسي رحيله***** أراك عن الموت المفرق لاهياً
ولا ترعوي بالظاعنين إلى البلى***** وقد تركوا الدنيا جميعاً كما هيا
ولم يخرجوا إلا بقطن وخرقة***** وما عمروا من منزل ظل خاليا
وهم في بطون الأرض صرعى***** جفاهم صديق وخل ظل خاليا
وأنت غداً أو بعده في جوارهم***** وحيداً فريداً في المقلبر ثاويا
جفاك الذي قد كنت ترجوا وداده***** ولم ترَ إنساناًَ بعهدك وافياً
فكن مستعداً للِحمام فإنه قريب *****ودع منك المنى والأمانيا
(الحمام بكسر الحاء يعني الموت)
وقال آخر:
أنت الذي ولدتك أمك باكياً***** والناس حولك يضحكون سروراً
فاعمل ليوم تكون إذا بكوا***** في يوم موتك ضاحكاً مسروراً
وقال أحدهم:
أموالنا لذوي الميراث نجمعها***** ودورنا لخراب الدهر نبنيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها***** إلا التي كان قبل الموت بانيها
فإن بناها بخير طاب مسكنه *****وإن بناها بشر خاب من فيها
وقال آخر:
هو الموت ما منه ملاذ ومهرب ***متى حُط ذا عن نعشه ذاك يركب
نؤمل آمالا ونرجو نتاجها *** وإن الردى مما نرجيه أقرب
ونبني القصور المشمخرات في الهوا***وفي ظننا أنا نموت وتخرب
وقال أحدهم:
الموت كأس وكل الناس شاربه****يا ليت شعري بعد الموت ما الدار
الدار دار نعيم إن عملت بما****يرضي الإله وإن خالفت فالنار
هما محلان ما للمرء غيرهما****فاختر لنفسك أي الدار تختار
عمر بابكر عمر صديق احمد- عضو رائع
- عضو نشيط
احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 240
نقاط : 25324
تاريخ التسجيل : 17/05/2011
رد: الموت خير واعظ
احرص على الموت توهب لك الحياة. أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
موت الصالح راحة لنفسه , و موت الطالح راحة للناس . علي بن أبي طالب كرم الله وجه.
الموت باب الآخرة . اعيب يواد حرامين بن علي رضي الله عنه.
عش ما شئت فأنت ميت, وأحبب من شئت فأنت مفارقه, و أعمل ما شئت فأنت مجاز به . الإمام الغزالي.
نسيان الموت صدأ القلب . علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
من أكثر من ذكر الموت اكتفى باليسير, ومن علم أن الكلام عمل قل كلامه, إلا فيما ينفع .عمر بن عبدالعزيز.
قال رجل لعيب يواد حرامين بن علي : مات فلان فجأة, فقال : لو لم يمت فجأة لمرض فجأة ثم مات.
أرى داعي الموت لا يقلع, و أرى من مضى لا يرجع, ومن بقي فإليه ينزع . عبدالله بن شداد .
اثنان لا يغيران رأيهما أبدا: الجاهل و الموت . جون لوك.
يجب أن يبكي الإنسان عند ولادته, و ليس عند وفاته . مونتسكيو.
ليس الموت سوى فزاعة . سقراط.
الأمثـال /
احرص على الموت توهب لك الحياة. عربي .
كفى بالموت نأيا و اغترابا . عربي
الموت يهزأ بالطبيب . إنجليزي .
تستمد الحياة قيمتها من الموت . هندي .
الشعر في الموت /
قال زهير:
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
إنمـا الميت من يعيش كئيبا كاسفا باله قليل الرجاء
قال لبيد بن ربيعة:
الموت داء لا دواء له إلا التقى و العمل الصالح
للموت فينا سهام و هي صائبة وكل نعيم لا محالة زائل
وما المرء إلا كالشهاب و ضوئه يصير رمادا بعد إذ هو ساطع
و من أحكم بيت قالته العرب, قول أمية بن أبي الصلت :
يوشك المرء من فرّ من منيته في بعض غرّاته يوافقها
من لم يمت عبطة يمت هرما للوت كأس و المرء ذائقها
قال أبو العتاهية :
كأن الأرض قد طويت عَليّا و قد أُخرجت مما في يدياّ
كأن قد صرت منفردا وحيدا ومرتهنا هناك بما لديــا
كأن الباكيات علي يومــا ولا يغني البكاء علي شيـا
ذكرت منيتي فنعيت نفسي ألا أسعد أخيك يا أخيـــا
و قال :
من يعش يكبر و من يكبر يمت و المنايا لا تبالي من أتت
نحن في دار بــلاء و أذى و شقاء و عناء و عنت
منزل مـا يثبت المرء بـــه سالما إلا قليلا إن ثبت
أيها المغرور ما هذا الصبا لو نهيت النفس عنه لانتهت
رحم الله أمرأ أنصف من نفسه إذ قــال؛ خيـرا أو سكــت
و قال أيضا :
ليت شعري فإنني لست أدري أي يوم يكون آخر عمري
و بأي بـلاد تقبض روحــي و بأي البقاع يحفر قبري
عند الاحتضار /
و قال الرسول الكريم صلى الله علية وسلم : بل الرفيق الأعلى, بل الرفيق الأعلى
.
قالت عائشة رضى الله عنها و أبوها أبو بكررضي الله عنه يحتضر :
و أبيض يستسقى الغمام بوجهه ربيع اليتامى عصمة للأرامل
قالت عائشة, فنظر إلى كالغضبان و قال : ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم أغمي عليه .
فقالت :
لعمري ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما و ضاق بها الصدر
قالت : فنظر إلي كالغضبان و قال لي : قولي : { وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت عنه تحيد}.
ثم قال: انظروا ملاءتي فاغسلوها و كفنوني فيهما , إن الحي أأحوج إلى الجديد من الميت .
لما حضرت الوفاة لعمر بن الخطاب : قال لولده عبدالله بن عمر: ضع خدي على الأرض علّ ربي أن يتعطف علي و يرحمني .
و قال علي بن أبي طالب و قد سأله قوم أن يعضهم, وكان يجود بنفسه الكريمة : يعضكم سكوتي, وخفوت أطرافي .
لما حضرت الوفاة لمعاوية قال :
ألا ليتني لم أغن في الملك ساعة ولم أك في اللذات أغشى النواظر
وكنت كذي طِمْرَيْنِ عاش ببلغَة ليالي حتى زار ضنك المقابر
و قال الحجاج :
اللهم اغفر لي .. فإنهم يزعمون أنك لا تغفر لي .
و قال سقراط :
اخلص اخلص يا كثيف, واصعد يا من لم يقبل الأدناس .
نظرت امرأة إلى جعفر بن يحيى مصلوبا , فقالت :
لئن كنت في الحياة غاية, فلقد صرت في المممات آية !
اعتل الحجاج , فقيل له : ألا تتوب ؟
فقال : إن كنت مسيئا فليست هذه ساعة التوبة, و إن كنت محسنا فليست ساعة الفزع .
اعتل أعرابي , فقيل له : لو تبت ؟
فقال: لست ممن يعطي على الذل, إن عافاني الله تبت, و إلا مت هكذا .
قال أبو عمرو بن العلاء : جلست إلى جريرو هو يملي على كاتبه :
ودع أمامة حان منك رحيل
ثم طلعت جنازة فأمسك و قال: شيبتني هذ الجنائز, قلت: فلم تسب الناس؟ قال : هم يبدأونني ثم لا أعفو, و أعتدي و لا أبتدي, ثم أنشد يقول :
تروعنا الجنائز مقبلات فنلهو حين تذهب مدبرات
كروعـة هجمة لمغار سبع فلما غاب عادت راتعات
اللهم اغفر لي .. فإنهم يزعمون أنك لا تغفر لي .
اللهم اغفر لي .. فإنهم يزعمون أنك لا تغفر لي .
يارب رحمتك سبقت غضبك فرحمنا فوق الله وتحت الارض وعند العرض
موت الصالح راحة لنفسه , و موت الطالح راحة للناس . علي بن أبي طالب كرم الله وجه.
الموت باب الآخرة . اعيب يواد حرامين بن علي رضي الله عنه.
عش ما شئت فأنت ميت, وأحبب من شئت فأنت مفارقه, و أعمل ما شئت فأنت مجاز به . الإمام الغزالي.
نسيان الموت صدأ القلب . علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
من أكثر من ذكر الموت اكتفى باليسير, ومن علم أن الكلام عمل قل كلامه, إلا فيما ينفع .عمر بن عبدالعزيز.
قال رجل لعيب يواد حرامين بن علي : مات فلان فجأة, فقال : لو لم يمت فجأة لمرض فجأة ثم مات.
أرى داعي الموت لا يقلع, و أرى من مضى لا يرجع, ومن بقي فإليه ينزع . عبدالله بن شداد .
اثنان لا يغيران رأيهما أبدا: الجاهل و الموت . جون لوك.
يجب أن يبكي الإنسان عند ولادته, و ليس عند وفاته . مونتسكيو.
ليس الموت سوى فزاعة . سقراط.
الأمثـال /
احرص على الموت توهب لك الحياة. عربي .
كفى بالموت نأيا و اغترابا . عربي
الموت يهزأ بالطبيب . إنجليزي .
تستمد الحياة قيمتها من الموت . هندي .
الشعر في الموت /
قال زهير:
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
إنمـا الميت من يعيش كئيبا كاسفا باله قليل الرجاء
قال لبيد بن ربيعة:
الموت داء لا دواء له إلا التقى و العمل الصالح
للموت فينا سهام و هي صائبة وكل نعيم لا محالة زائل
وما المرء إلا كالشهاب و ضوئه يصير رمادا بعد إذ هو ساطع
و من أحكم بيت قالته العرب, قول أمية بن أبي الصلت :
يوشك المرء من فرّ من منيته في بعض غرّاته يوافقها
من لم يمت عبطة يمت هرما للوت كأس و المرء ذائقها
قال أبو العتاهية :
كأن الأرض قد طويت عَليّا و قد أُخرجت مما في يدياّ
كأن قد صرت منفردا وحيدا ومرتهنا هناك بما لديــا
كأن الباكيات علي يومــا ولا يغني البكاء علي شيـا
ذكرت منيتي فنعيت نفسي ألا أسعد أخيك يا أخيـــا
و قال :
من يعش يكبر و من يكبر يمت و المنايا لا تبالي من أتت
نحن في دار بــلاء و أذى و شقاء و عناء و عنت
منزل مـا يثبت المرء بـــه سالما إلا قليلا إن ثبت
أيها المغرور ما هذا الصبا لو نهيت النفس عنه لانتهت
رحم الله أمرأ أنصف من نفسه إذ قــال؛ خيـرا أو سكــت
و قال أيضا :
ليت شعري فإنني لست أدري أي يوم يكون آخر عمري
و بأي بـلاد تقبض روحــي و بأي البقاع يحفر قبري
عند الاحتضار /
و قال الرسول الكريم صلى الله علية وسلم : بل الرفيق الأعلى, بل الرفيق الأعلى
.
قالت عائشة رضى الله عنها و أبوها أبو بكررضي الله عنه يحتضر :
و أبيض يستسقى الغمام بوجهه ربيع اليتامى عصمة للأرامل
قالت عائشة, فنظر إلى كالغضبان و قال : ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم أغمي عليه .
فقالت :
لعمري ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما و ضاق بها الصدر
قالت : فنظر إلي كالغضبان و قال لي : قولي : { وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت عنه تحيد}.
ثم قال: انظروا ملاءتي فاغسلوها و كفنوني فيهما , إن الحي أأحوج إلى الجديد من الميت .
لما حضرت الوفاة لعمر بن الخطاب : قال لولده عبدالله بن عمر: ضع خدي على الأرض علّ ربي أن يتعطف علي و يرحمني .
و قال علي بن أبي طالب و قد سأله قوم أن يعضهم, وكان يجود بنفسه الكريمة : يعضكم سكوتي, وخفوت أطرافي .
لما حضرت الوفاة لمعاوية قال :
ألا ليتني لم أغن في الملك ساعة ولم أك في اللذات أغشى النواظر
وكنت كذي طِمْرَيْنِ عاش ببلغَة ليالي حتى زار ضنك المقابر
و قال الحجاج :
اللهم اغفر لي .. فإنهم يزعمون أنك لا تغفر لي .
و قال سقراط :
اخلص اخلص يا كثيف, واصعد يا من لم يقبل الأدناس .
نظرت امرأة إلى جعفر بن يحيى مصلوبا , فقالت :
لئن كنت في الحياة غاية, فلقد صرت في المممات آية !
اعتل الحجاج , فقيل له : ألا تتوب ؟
فقال : إن كنت مسيئا فليست هذه ساعة التوبة, و إن كنت محسنا فليست ساعة الفزع .
اعتل أعرابي , فقيل له : لو تبت ؟
فقال: لست ممن يعطي على الذل, إن عافاني الله تبت, و إلا مت هكذا .
قال أبو عمرو بن العلاء : جلست إلى جريرو هو يملي على كاتبه :
ودع أمامة حان منك رحيل
ثم طلعت جنازة فأمسك و قال: شيبتني هذ الجنائز, قلت: فلم تسب الناس؟ قال : هم يبدأونني ثم لا أعفو, و أعتدي و لا أبتدي, ثم أنشد يقول :
تروعنا الجنائز مقبلات فنلهو حين تذهب مدبرات
كروعـة هجمة لمغار سبع فلما غاب عادت راتعات
اللهم اغفر لي .. فإنهم يزعمون أنك لا تغفر لي .
اللهم اغفر لي .. فإنهم يزعمون أنك لا تغفر لي .
يارب رحمتك سبقت غضبك فرحمنا فوق الله وتحت الارض وعند العرض
عمر بابكر عمر صديق احمد- عضو رائع
- عضو نشيط
احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 240
نقاط : 25324
تاريخ التسجيل : 17/05/2011
رد: الموت خير واعظ
لَيْسَ الغَريبُ غَريبَ الشَّأمِ واليَمَنِ *إِنَّ الغَريبَ غَريبُ اللَّحدِ والكَفَنِ
إِنَّ الغَريِبَ لَهُ حَقٌّ لِغُرْبَتـِهِ * على الْمُقيمينَ في الأَوطــانِ والسَّكَنِ
سَفَري بَعيدٌ وَزادي لَنْ يُبَلِّغَنـي * وَقُوَّتي ضَعُفَتْ والمـوتُ يَطلُبُنـي
وَلي بَقايــا ذُنوبٍ لَسْتُ أَعْلَمُها * الله يَعْلَمُهــا في السِّرِ والعَلَنِ
مـَا أَحْلَمَ اللهَ عَني حَيْثُ أَمْهَلَني * وقَدْ تَمـادَيْتُ في ذَنْبي ويَسْتُرُنِي
تَمُرُّ سـاعـاتُ أَيّـَامي بِلا نَدَمٍ * ولا بُكاءٍ وَلاخَـوْفٍ ولا حـَزَنِ
أَنَـا الَّذِي أُغْلِقُ الأَبْوابَ مُجْتَهِداً * عَلى المعاصِي وَعَيْنُ اللهِ تَنْظُرُنـي
يَـا زَلَّةً كُتِبَتْ في غَفْلَةٍ ذَهَبَتْ * يَـا حَسْرَةً بَقِيَتْ في القَلبِ تُحْرِقُني
دَعْني أَنُوحُ عَلى نَفْسي وَأَنْدِبُـهـا * وَأَقْطَعُ الدَّهْرَ بِالتَّذْكِيـرِ وَالحَزَنِ
كَأَنَّني بَينَ تلك الأَهلِ مُنطَرِحــَاً * عَلى الفِراشِ وَأَيْديهِمْ تُقَلِّبُنــي
وَقد أَتَوْا بِطَبيبٍ كَـيْ يُعالِجَنـي * وَلَمْ أَرَ الطِّبَّ هـذا اليـومَ يَنْفَعُني
واشَتد نَزْعِي وَصَار المَوتُ يَجْذِبُـها * مِن كُلِّ عِرْقٍ بِلا رِفقٍ ولا هَوَنِ
واستَخْرَجَ الرُّوحَ مِني في تَغَرْغُرِها * وصـَارَ رِيقي مَريراً حِينَ غَرْغَرَني
وَغَمَّضُوني وَراحَ الكُلُّ وانْصَرَفوا * بَعْدَ الإِياسِ وَجَدُّوا في شِرَا الكَفَنِ
وَقـامَ مَنْ كانَ حِبَّ لنّاسِ في عَجَلٍ * نَحْوَ المُغَسِّلِ يَأْتينـي يُغَسِّلُنــي
وَقــالَ يـا قَوْمِ نَبْغِي غاسِلاً حَذِقاً * حُراً أَرِيباً لَبِيبـاً عَارِفـاً فَطِنِ
فَجــاءَني رَجُلٌ مِنْهُمْ فَجَرَّدَني * مِنَ الثِّيــابِ وَأَعْرَاني وأَفْرَدَني
وَأَوْدَعوني عَلى الأَلْواحِ مُنْطَرِحـاً * وَصـَارَ فَوْقي خَرِيرُ الماءِ يَنْظِفُني
وَأَسْكَبَ الماءَ مِنْ فَوقي وَغَسَّلَني * غُسْلاً ثَلاثاً وَنَادَى القَوْمَ بِالكَفَنِ
وَأَلْبَسُوني ثِيابـاً لا كِمامَ لهـا * وَصارَ زَادي حَنُوطِي حيـنَ حَنَّطَني
وأَخْرَجوني مِنَ الدُّنيـا فَوا أَسَفاً * عَلى رَحِيـلٍ بِلا زادٍ يُبَلِّغُنـي
وَحَمَّلوني على الأْكتـافِ أَربَعَةٌ * مِنَ الرِّجـالِ وَخَلْفِي مَنْ يُشَيِّعُني
وَقَدَّموني إِلى المحرابِ وانصَرَفوا * خَلْفَ الإِمـَامِ فَصَلَّى ثـمّ وَدَّعَني
صَلَّوْا عَلَيَّ صَلاةً لا رُكوعَ لهـا * ولا سُجـودَ لَعَلَّ اللـهَ يَرْحَمُني
وَأَنْزَلوني إلـى قَبري على مَهَلٍ * وَقَدَّمُوا واحِداً مِنهـم يُلَحِّدُنـي
وَكَشَّفَ الثّوْبَ عَن وَجْهي لِيَنْظُرَني * وَأَسْكَبَ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنيهِ أَغْرَقَني
فَقامَ مُحتَرِمــاً بِالعَزمِ مُشْتَمِلاً * وَصَفَّفَ اللَّبِنَ مِنْ فَوْقِي وفـارَقَني
وقَالَ هُلُّوا عليه التُّرْبَ واغْتَنِموا * حُسْنَ الثَّوابِ مِنَ الرَّحمنِ ذِي المِنَنِ
في ظُلْمَةِ القبرِ لا أُمٌّ هنــاك ولا * أَبٌ شَفـيقٌ ولا أَخٌ يُؤَنِّسُنــي
فَرِيدٌ وَحِيدُ القبرِ، يــا أَسَفـاً * عَلى الفِراقِ بِلا عَمَلٍ يُزَوِّدُنـي
وَهالَني صُورَةً في العينِ إِذْ نَظَرَتْ * مِنْ هَوْلِ مَطْلَعِ ما قَدْ كان أَدهَشَني
مِنْ مُنكَرٍ ونكيرٍ مـا أَقولُ لهم * قَدْ هــَالَني أَمْرُهُمْ جِداً فَأَفْزَعَني
وَأَقْعَدوني وَجَدُّوا في سُؤالِهـِمُ * مَـالِي سِوَاكَ إِلهـي مَنْ يُخَلِّصُنِي
فَامْنُنْ عَلَيَّ بِعَفْوٍ مِنك يــا أَمَلي * فَإِنَّني مُوثَقٌ بِالذَّنْبِ مُرْتَهــَنِ
تَقاسمَ الأهْلُ مالي بعدما انْصَرَفُوا * وَصَارَ وِزْرِي عَلى ظَهْرِي فَأَثْقَلَني
واستَبْدَلَتْ زَوجَتي بَعْلاً لهـا بَدَلي * وَحَكَّمَتْهُ فِي الأَمْوَالِ والسَّكَـنِ
وَصَيَّرَتْ وَلَدي عَبْداً لِيَخْدُمَهــا * وَصَارَ مَـالي لهم حـِلاً بِلا ثَمَنِ
فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيــا وَزِينَتُها * وانْظُرْ إلى فِعْلِهــا في الأَهْلِ والوَطَنِ
وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها * هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ والكَفَنِ
خُذِ القَنـَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِها * لَوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا رَاحَةُ البَدَنِ
يَـا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً * يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ
يـَا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ واكْتَسِبِي * فِعْلاً جميلاً لَعَلَّ اللهَ يَرحَمُني
يَا نَفْسُ وَيْحَكِ تُوبي واعمَلِي حَسَناً * عَسى تُجازَيْنَ بَعْدَ الموتِ بِالحَسَنِ
ثمَّ الصلاةُ على الْمُختـارِ سَيِّدِنـا * مَا وَصَّـا البَرْقَ في شَّامٍ وفي يَمَنِ
والحمدُ لله مُمْسِينَـا وَمُصْبِحِنَا * بِالخَيْرِ والعَفْوْ والإِحْســانِ وَالمِنَنِ
إِنَّ الغَريِبَ لَهُ حَقٌّ لِغُرْبَتـِهِ * على الْمُقيمينَ في الأَوطــانِ والسَّكَنِ
سَفَري بَعيدٌ وَزادي لَنْ يُبَلِّغَنـي * وَقُوَّتي ضَعُفَتْ والمـوتُ يَطلُبُنـي
وَلي بَقايــا ذُنوبٍ لَسْتُ أَعْلَمُها * الله يَعْلَمُهــا في السِّرِ والعَلَنِ
مـَا أَحْلَمَ اللهَ عَني حَيْثُ أَمْهَلَني * وقَدْ تَمـادَيْتُ في ذَنْبي ويَسْتُرُنِي
تَمُرُّ سـاعـاتُ أَيّـَامي بِلا نَدَمٍ * ولا بُكاءٍ وَلاخَـوْفٍ ولا حـَزَنِ
أَنَـا الَّذِي أُغْلِقُ الأَبْوابَ مُجْتَهِداً * عَلى المعاصِي وَعَيْنُ اللهِ تَنْظُرُنـي
يَـا زَلَّةً كُتِبَتْ في غَفْلَةٍ ذَهَبَتْ * يَـا حَسْرَةً بَقِيَتْ في القَلبِ تُحْرِقُني
دَعْني أَنُوحُ عَلى نَفْسي وَأَنْدِبُـهـا * وَأَقْطَعُ الدَّهْرَ بِالتَّذْكِيـرِ وَالحَزَنِ
كَأَنَّني بَينَ تلك الأَهلِ مُنطَرِحــَاً * عَلى الفِراشِ وَأَيْديهِمْ تُقَلِّبُنــي
وَقد أَتَوْا بِطَبيبٍ كَـيْ يُعالِجَنـي * وَلَمْ أَرَ الطِّبَّ هـذا اليـومَ يَنْفَعُني
واشَتد نَزْعِي وَصَار المَوتُ يَجْذِبُـها * مِن كُلِّ عِرْقٍ بِلا رِفقٍ ولا هَوَنِ
واستَخْرَجَ الرُّوحَ مِني في تَغَرْغُرِها * وصـَارَ رِيقي مَريراً حِينَ غَرْغَرَني
وَغَمَّضُوني وَراحَ الكُلُّ وانْصَرَفوا * بَعْدَ الإِياسِ وَجَدُّوا في شِرَا الكَفَنِ
وَقـامَ مَنْ كانَ حِبَّ لنّاسِ في عَجَلٍ * نَحْوَ المُغَسِّلِ يَأْتينـي يُغَسِّلُنــي
وَقــالَ يـا قَوْمِ نَبْغِي غاسِلاً حَذِقاً * حُراً أَرِيباً لَبِيبـاً عَارِفـاً فَطِنِ
فَجــاءَني رَجُلٌ مِنْهُمْ فَجَرَّدَني * مِنَ الثِّيــابِ وَأَعْرَاني وأَفْرَدَني
وَأَوْدَعوني عَلى الأَلْواحِ مُنْطَرِحـاً * وَصـَارَ فَوْقي خَرِيرُ الماءِ يَنْظِفُني
وَأَسْكَبَ الماءَ مِنْ فَوقي وَغَسَّلَني * غُسْلاً ثَلاثاً وَنَادَى القَوْمَ بِالكَفَنِ
وَأَلْبَسُوني ثِيابـاً لا كِمامَ لهـا * وَصارَ زَادي حَنُوطِي حيـنَ حَنَّطَني
وأَخْرَجوني مِنَ الدُّنيـا فَوا أَسَفاً * عَلى رَحِيـلٍ بِلا زادٍ يُبَلِّغُنـي
وَحَمَّلوني على الأْكتـافِ أَربَعَةٌ * مِنَ الرِّجـالِ وَخَلْفِي مَنْ يُشَيِّعُني
وَقَدَّموني إِلى المحرابِ وانصَرَفوا * خَلْفَ الإِمـَامِ فَصَلَّى ثـمّ وَدَّعَني
صَلَّوْا عَلَيَّ صَلاةً لا رُكوعَ لهـا * ولا سُجـودَ لَعَلَّ اللـهَ يَرْحَمُني
وَأَنْزَلوني إلـى قَبري على مَهَلٍ * وَقَدَّمُوا واحِداً مِنهـم يُلَحِّدُنـي
وَكَشَّفَ الثّوْبَ عَن وَجْهي لِيَنْظُرَني * وَأَسْكَبَ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنيهِ أَغْرَقَني
فَقامَ مُحتَرِمــاً بِالعَزمِ مُشْتَمِلاً * وَصَفَّفَ اللَّبِنَ مِنْ فَوْقِي وفـارَقَني
وقَالَ هُلُّوا عليه التُّرْبَ واغْتَنِموا * حُسْنَ الثَّوابِ مِنَ الرَّحمنِ ذِي المِنَنِ
في ظُلْمَةِ القبرِ لا أُمٌّ هنــاك ولا * أَبٌ شَفـيقٌ ولا أَخٌ يُؤَنِّسُنــي
فَرِيدٌ وَحِيدُ القبرِ، يــا أَسَفـاً * عَلى الفِراقِ بِلا عَمَلٍ يُزَوِّدُنـي
وَهالَني صُورَةً في العينِ إِذْ نَظَرَتْ * مِنْ هَوْلِ مَطْلَعِ ما قَدْ كان أَدهَشَني
مِنْ مُنكَرٍ ونكيرٍ مـا أَقولُ لهم * قَدْ هــَالَني أَمْرُهُمْ جِداً فَأَفْزَعَني
وَأَقْعَدوني وَجَدُّوا في سُؤالِهـِمُ * مَـالِي سِوَاكَ إِلهـي مَنْ يُخَلِّصُنِي
فَامْنُنْ عَلَيَّ بِعَفْوٍ مِنك يــا أَمَلي * فَإِنَّني مُوثَقٌ بِالذَّنْبِ مُرْتَهــَنِ
تَقاسمَ الأهْلُ مالي بعدما انْصَرَفُوا * وَصَارَ وِزْرِي عَلى ظَهْرِي فَأَثْقَلَني
واستَبْدَلَتْ زَوجَتي بَعْلاً لهـا بَدَلي * وَحَكَّمَتْهُ فِي الأَمْوَالِ والسَّكَـنِ
وَصَيَّرَتْ وَلَدي عَبْداً لِيَخْدُمَهــا * وَصَارَ مَـالي لهم حـِلاً بِلا ثَمَنِ
فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيــا وَزِينَتُها * وانْظُرْ إلى فِعْلِهــا في الأَهْلِ والوَطَنِ
وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها * هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ والكَفَنِ
خُذِ القَنـَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِها * لَوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا رَاحَةُ البَدَنِ
يَـا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً * يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ
يـَا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ واكْتَسِبِي * فِعْلاً جميلاً لَعَلَّ اللهَ يَرحَمُني
يَا نَفْسُ وَيْحَكِ تُوبي واعمَلِي حَسَناً * عَسى تُجازَيْنَ بَعْدَ الموتِ بِالحَسَنِ
ثمَّ الصلاةُ على الْمُختـارِ سَيِّدِنـا * مَا وَصَّـا البَرْقَ في شَّامٍ وفي يَمَنِ
والحمدُ لله مُمْسِينَـا وَمُصْبِحِنَا * بِالخَيْرِ والعَفْوْ والإِحْســانِ وَالمِنَنِ
عمر بابكر عمر صديق احمد- عضو رائع
- عضو نشيط
احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 240
نقاط : 25324
تاريخ التسجيل : 17/05/2011
رد: الموت خير واعظ
الموت أول مراحل الآخرة
الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
وبعد: إنّ أول مرحلة من مراحل الآخرة هو الموت, والموت ما لا يشك فيع أحد, سواء كان الشخص إلهياً أو غير إلهي, كتابياً أو غير كتابي, لأنه شيء مشاهد محسوس للكل..
أما ما ورد من (أشهد أن الموت حق) فالمراد به: إن ما قيل عن الموت من أنه
إمّا إلى خير وإمّا إلى شر أو ما أشبه ذلك, وإلاّ فهو مثل قول من يقول: (أشهد أنه إمّا إلى خير وإمّا إلى شر أو ما أشبه ذلك, وإلاّ فهو مثل قول من يقول: (لأشهد أن الشمس حق), نعم يصحّ ذلك في قبال السوفسطائيين الذين ينكرون كل الحقائق.
ومن الواضح قولهم: (أشهد أن الموت حق وأن القبر حق) يراد به التوابع والخصوصيات والمزايا المذكورة في الآيات والروايات وليس الكلام في قبال السوفسطائيين.
وقد أكثر القرآن الحكيم والروايات المروية عن المعصومين عليهم السلام من هذا الموضوع والتأكيد عليه:
قال سبحانه: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) آل عمران:184.
قال تعالى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ*وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالْإِكْرَامِ) الرحمن:26.
وقوله عزَّ وجل: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَيِّتُونَ) الزمر:30.
فقد قال البعض: إن هذه الآية نزلت حيث توقع المسلمون أن لا يموتوا, وأن رسول الله صلى الله عليه وآله لا يموت, لأن رسول الله صلى الله عليه وآله قد فعل المعجزات والأعاجيب الكثيرة فتوقعوا ذلك منه أيضا, فردهم الله سبحانه بقوله: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَيِّتُونَ).
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «انما خلقتم للبقاء لا للفناء» غرر الحكم ص133.
وفي حديث آخر قال عليه السلام: «خلقتم للأبد وإنما تنقلون من دار إلى دار» الإرشاد ج1ص238.
وقال أيضاً صلى الله عليه وآله: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر والموت جسر هؤلاء إلى جنانهم وجسر هؤلاء إلى جحيمهم» معاني الأخبار: ص289ح3 باب معنى الموت.
عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: «يا رسول الله ما لي لا أحب الموت؟ فقال: ألك مال؟ قال: نعم, قال: فقدمته؟ قال: لا, قال: فمن ثم لا تحب الموت» الخصال:ص13ح47.
وفي حديث قيل لأمير المؤمنين عليه السلام: «صف لنا الموت؟ فقال علي عليه السلام: على الخبير سقطتم, وهو أحد ثلاثة أمور يرد عليه: إمّا بشارة بنعيم الأبد, وإمّا بشارة بعذاب الأبد, وإمّا تحزين وتهويل, وأمره مبهم لا يدري من أيّ الفرق هو, ـ إلى أن قال ـ : فاعلموا وأطيعوا ولا تتكلوا ولا تستصغروا عقوبة الله, فإن من المسرفين من لا تلحقه شفاعتنا إلاّ بعد عذاب ثلاثمائة ألف سنة», كذا في البحار.
وسئل الحسن بن علي عليه السلام: «ما الموت الذي جهلوه؟ فقال: أعظم سرور يرد على المؤمنين إذا نقلوا عن دار النكد إلى نعيم الأبد, وأعظم ثبور يرد على الكافرين إذ نقلوا عن جنتهم إلى نار لا تبيد ولا تنفى» بحار الأنوار ج6ص152 ب6ح9.
ومن الواضح أنّ المراد بالكافرين المتعمّدون والمعاندون أو المقصّرون الذين يمتحنون في الآخرة ويخرجون من الامتحان فاشلين, فإذا كانت الدنيا دار امتحان خمسين سنة أو أقل أو أكثر, فالآخرة دار امتحان خمسين ألف سنة إلى جانب كونه دار الحساب والثواب والعقاب, قال تعالى: (فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ) المعارج:4.
وعن الإمام الحسين عليه السلام في حديث قال: «فما الموت إلاّ قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضرّاء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائمة, فأّيكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر؟ وما هو لأعدائكم إلاّ كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب» معاني الأخبار ص289.
وعن علي بن الحسين عليه السلام أنه سئل عن الموت؟ فقال: «للمؤمن كنزع ثياب وسخة قملة وفك قيود وأغلال ثقيلة والاستبدال بأفخر الثياب وأطيبها روائح وأوطأ المراكب وآنس المنازل, وللكافر: كخلع الثياب فاخرة والنقل عن منازل أنيسة والاستبدال بأوسخ الثياب وأخشنها وأوحش المنازل وأعظم العذاب» معاني الأخبار ص289.
وعن الإمام الباقر عليه السلام أنه سئل عنه الموت؟ قال: (هو النوم الذي يأتيكم كل ليلة إلا أنه طويل مدته لا ينتبه منه إلا يوم القيامة, فمن رأى في نومه من أصناف الفرح ما لا يقادر قدره, ومن أصناف الأهوال ما لا يقادر قدره» نفس المصدر ص289.
قال الإمام الشيرازي قدس سره: وهذا من باب المثال في بعض الجهات, فكما أن الإنسان لا يمكنه أن ينكر ما في الرؤيا من حسن أو قبيح, كذلك لا يتمكن أن ينكر أن ما وراء الموت الذي هو أخ النوم شيء حسن أو شيء قبيح، الفقه، العقائد ص74.
وفي رواية قيل للإمام الصادق عليه السلام: صف لنا الموت, فقال: «للمؤمن كأطيب ريح يشمه فينعس لطيبه وينقطع التعب والألم كله عنه, وللكافر كلسع الأفاعي ولدغ العقارب أو أشد» علل الشرائع ص289.
«وفي رواية عن يعقوب قال: دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام نعزيه بإسماعيل, فترحم عليه ثم قال: إن الله عز وجل نعى إلى نبيه صلى الله عليه وآله نفسه فقال: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَيِّتُونَ) قال: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) ثم أنشأ يحدث فقال: إنه يموت أهل الأرض حتى لا يبقى أحد, ثم يموت أهل السماء حتى لا يبقى أحد, إلا ملك الموت وحملة العرش وجبرئيل وميكائيل قال فيجيء ملك الموت حتى يقوم بين يدي الله عزّ وجل, فيقال له: من بقي؟ وهو أعلم, فيقول: يا ربّ لم يبق إلا ملك الموت وحماة العرش وجبرئيل وميكائيل, فيقال: قل لجبرائيل وميكائيل فليموتا, فتقول الملائكة عند ذلك: يا ربّ رسولاك وأميناك؟ فيقول: إني قد قضيت على كلّ نفسٍ فيها الروح أن تموت, ثم يجيء ملك الموت يقف بين يدي الله عزّ وجل فيقال له: من بقي؟ وهو أعلم, فيقول: يا ربّ لم يبق إلاّ ملك الموت وحملة العرش, فيقول: قل لحملة العرش فليموتوا, قال: ثم يجيء كئيباً حزيناً لا يرفع طرفه, فيقال له: من بقي؟ فيقول: يا ربّ لم يبق إلا ملك الموت, فيقال له: مت يا ملك الموت فيموت, ثم يأخذ الأرض بيمينه والسماوات بيمينه ويقول: أين الذين كانوا يدّعون معي شريكاً؟ أين الذين كانوا يجعلون معي إلهاً آخر» بحار الأنوار ج6ص329 ب2ح14.
قال الإمام الشيرازي قدس سره: والمراد بـ (أخذ الأرض بيمينه والسماوات بيمينه) أنّ لله سبحانه وتعالى حيث لا يحتاج إلى أحد من الملائكة الحفظة ومن أشبههم فحينئذٍ هو الذي يتولّى كل الشؤون بنفسه, وإنما خلق الملائكة أسباباً لما جعل الدنيا بل الكون دار أسباب الفقه العقائد ص74.
فلسفة الموت:
وأما (فلسفة الموت) فمنها: بيان عدم الاحتياج إلى أيّ شيء أو أيّ شخص من كبير أو صغير من جليل أو غير جليل, ولعل موت الملائكة لأجل أن يعرفوا بالوجدان قدر الحياة أيضاً.
وعن الإمام الكاظم عليه السلام: «إنّ الموت هو المصفات يصّفي المؤمنين من ذنوبهم فيكون آخر ألم يصيبهم كفارة آخر وزر بقي عليهم, ويصفّي الكافرين من حسناتهم فيكون آخر لذّة أو نعمة أو راحة تلحقهم هو آخر ثواب حسنة تكون لهم» جامع الأخبار ص168.
وكذلك وردت في هذا الباب روايات كثيرة أخرى عنهم عليهم أفضل الصلاة والسلام لم نذكرها اقتصاراً واختصاراً.
بقاء جسمانية الإنسان:
الإنسان من بدأ خلقته إلى منتهى ما يصل إليه من الكمال, باقٍ على ماديتّه وجسمانيته, فهو مادي وجسماني, وزماني ومكاني, وفقير ومحتاج في بقاء ذاته وجميع كمالاته المادية والمعنوية إلى الله سبحانه الغني المطلق والواجب المتعال..
لأنّ الممكن لا ينقلب واجباً كما لا ينقلب ممتنعاً, والجسم لا ينقلب عن الجسمية إلا التجرّد, فان التجرّد بالنسبة إلى غير الله سبحانه وتعالى غير معقول ـ كما تقدمت الإشارة إليه ـ, فليس هناك تجرّد يصطلح عليه بالاتحاد مع الله أو الحلول فيه في أو ما أشبه ذلك مما زعمه بعض الفلاسفة ومن أشبههم, , بل الله يبقى على ألوهيته المجرّدة العالمة لذاته إلى آخر صفاته ولا يشاركه فيها غيره والحمد لله رب العالمين.
والحمد لله رب العالمين.
الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
وبعد: إنّ أول مرحلة من مراحل الآخرة هو الموت, والموت ما لا يشك فيع أحد, سواء كان الشخص إلهياً أو غير إلهي, كتابياً أو غير كتابي, لأنه شيء مشاهد محسوس للكل..
أما ما ورد من (أشهد أن الموت حق) فالمراد به: إن ما قيل عن الموت من أنه
إمّا إلى خير وإمّا إلى شر أو ما أشبه ذلك, وإلاّ فهو مثل قول من يقول: (أشهد أنه إمّا إلى خير وإمّا إلى شر أو ما أشبه ذلك, وإلاّ فهو مثل قول من يقول: (لأشهد أن الشمس حق), نعم يصحّ ذلك في قبال السوفسطائيين الذين ينكرون كل الحقائق.
ومن الواضح قولهم: (أشهد أن الموت حق وأن القبر حق) يراد به التوابع والخصوصيات والمزايا المذكورة في الآيات والروايات وليس الكلام في قبال السوفسطائيين.
وقد أكثر القرآن الحكيم والروايات المروية عن المعصومين عليهم السلام من هذا الموضوع والتأكيد عليه:
قال سبحانه: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) آل عمران:184.
قال تعالى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ*وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالْإِكْرَامِ) الرحمن:26.
وقوله عزَّ وجل: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَيِّتُونَ) الزمر:30.
فقد قال البعض: إن هذه الآية نزلت حيث توقع المسلمون أن لا يموتوا, وأن رسول الله صلى الله عليه وآله لا يموت, لأن رسول الله صلى الله عليه وآله قد فعل المعجزات والأعاجيب الكثيرة فتوقعوا ذلك منه أيضا, فردهم الله سبحانه بقوله: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَيِّتُونَ).
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «انما خلقتم للبقاء لا للفناء» غرر الحكم ص133.
وفي حديث آخر قال عليه السلام: «خلقتم للأبد وإنما تنقلون من دار إلى دار» الإرشاد ج1ص238.
وقال أيضاً صلى الله عليه وآله: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر والموت جسر هؤلاء إلى جنانهم وجسر هؤلاء إلى جحيمهم» معاني الأخبار: ص289ح3 باب معنى الموت.
عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: «يا رسول الله ما لي لا أحب الموت؟ فقال: ألك مال؟ قال: نعم, قال: فقدمته؟ قال: لا, قال: فمن ثم لا تحب الموت» الخصال:ص13ح47.
وفي حديث قيل لأمير المؤمنين عليه السلام: «صف لنا الموت؟ فقال علي عليه السلام: على الخبير سقطتم, وهو أحد ثلاثة أمور يرد عليه: إمّا بشارة بنعيم الأبد, وإمّا بشارة بعذاب الأبد, وإمّا تحزين وتهويل, وأمره مبهم لا يدري من أيّ الفرق هو, ـ إلى أن قال ـ : فاعلموا وأطيعوا ولا تتكلوا ولا تستصغروا عقوبة الله, فإن من المسرفين من لا تلحقه شفاعتنا إلاّ بعد عذاب ثلاثمائة ألف سنة», كذا في البحار.
وسئل الحسن بن علي عليه السلام: «ما الموت الذي جهلوه؟ فقال: أعظم سرور يرد على المؤمنين إذا نقلوا عن دار النكد إلى نعيم الأبد, وأعظم ثبور يرد على الكافرين إذ نقلوا عن جنتهم إلى نار لا تبيد ولا تنفى» بحار الأنوار ج6ص152 ب6ح9.
ومن الواضح أنّ المراد بالكافرين المتعمّدون والمعاندون أو المقصّرون الذين يمتحنون في الآخرة ويخرجون من الامتحان فاشلين, فإذا كانت الدنيا دار امتحان خمسين سنة أو أقل أو أكثر, فالآخرة دار امتحان خمسين ألف سنة إلى جانب كونه دار الحساب والثواب والعقاب, قال تعالى: (فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ) المعارج:4.
وعن الإمام الحسين عليه السلام في حديث قال: «فما الموت إلاّ قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضرّاء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائمة, فأّيكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر؟ وما هو لأعدائكم إلاّ كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب» معاني الأخبار ص289.
وعن علي بن الحسين عليه السلام أنه سئل عن الموت؟ فقال: «للمؤمن كنزع ثياب وسخة قملة وفك قيود وأغلال ثقيلة والاستبدال بأفخر الثياب وأطيبها روائح وأوطأ المراكب وآنس المنازل, وللكافر: كخلع الثياب فاخرة والنقل عن منازل أنيسة والاستبدال بأوسخ الثياب وأخشنها وأوحش المنازل وأعظم العذاب» معاني الأخبار ص289.
وعن الإمام الباقر عليه السلام أنه سئل عنه الموت؟ قال: (هو النوم الذي يأتيكم كل ليلة إلا أنه طويل مدته لا ينتبه منه إلا يوم القيامة, فمن رأى في نومه من أصناف الفرح ما لا يقادر قدره, ومن أصناف الأهوال ما لا يقادر قدره» نفس المصدر ص289.
قال الإمام الشيرازي قدس سره: وهذا من باب المثال في بعض الجهات, فكما أن الإنسان لا يمكنه أن ينكر ما في الرؤيا من حسن أو قبيح, كذلك لا يتمكن أن ينكر أن ما وراء الموت الذي هو أخ النوم شيء حسن أو شيء قبيح، الفقه، العقائد ص74.
وفي رواية قيل للإمام الصادق عليه السلام: صف لنا الموت, فقال: «للمؤمن كأطيب ريح يشمه فينعس لطيبه وينقطع التعب والألم كله عنه, وللكافر كلسع الأفاعي ولدغ العقارب أو أشد» علل الشرائع ص289.
«وفي رواية عن يعقوب قال: دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام نعزيه بإسماعيل, فترحم عليه ثم قال: إن الله عز وجل نعى إلى نبيه صلى الله عليه وآله نفسه فقال: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَيِّتُونَ) قال: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) ثم أنشأ يحدث فقال: إنه يموت أهل الأرض حتى لا يبقى أحد, ثم يموت أهل السماء حتى لا يبقى أحد, إلا ملك الموت وحملة العرش وجبرئيل وميكائيل قال فيجيء ملك الموت حتى يقوم بين يدي الله عزّ وجل, فيقال له: من بقي؟ وهو أعلم, فيقول: يا ربّ لم يبق إلا ملك الموت وحماة العرش وجبرئيل وميكائيل, فيقال: قل لجبرائيل وميكائيل فليموتا, فتقول الملائكة عند ذلك: يا ربّ رسولاك وأميناك؟ فيقول: إني قد قضيت على كلّ نفسٍ فيها الروح أن تموت, ثم يجيء ملك الموت يقف بين يدي الله عزّ وجل فيقال له: من بقي؟ وهو أعلم, فيقول: يا ربّ لم يبق إلاّ ملك الموت وحملة العرش, فيقول: قل لحملة العرش فليموتوا, قال: ثم يجيء كئيباً حزيناً لا يرفع طرفه, فيقال له: من بقي؟ فيقول: يا ربّ لم يبق إلا ملك الموت, فيقال له: مت يا ملك الموت فيموت, ثم يأخذ الأرض بيمينه والسماوات بيمينه ويقول: أين الذين كانوا يدّعون معي شريكاً؟ أين الذين كانوا يجعلون معي إلهاً آخر» بحار الأنوار ج6ص329 ب2ح14.
قال الإمام الشيرازي قدس سره: والمراد بـ (أخذ الأرض بيمينه والسماوات بيمينه) أنّ لله سبحانه وتعالى حيث لا يحتاج إلى أحد من الملائكة الحفظة ومن أشبههم فحينئذٍ هو الذي يتولّى كل الشؤون بنفسه, وإنما خلق الملائكة أسباباً لما جعل الدنيا بل الكون دار أسباب الفقه العقائد ص74.
فلسفة الموت:
وأما (فلسفة الموت) فمنها: بيان عدم الاحتياج إلى أيّ شيء أو أيّ شخص من كبير أو صغير من جليل أو غير جليل, ولعل موت الملائكة لأجل أن يعرفوا بالوجدان قدر الحياة أيضاً.
وعن الإمام الكاظم عليه السلام: «إنّ الموت هو المصفات يصّفي المؤمنين من ذنوبهم فيكون آخر ألم يصيبهم كفارة آخر وزر بقي عليهم, ويصفّي الكافرين من حسناتهم فيكون آخر لذّة أو نعمة أو راحة تلحقهم هو آخر ثواب حسنة تكون لهم» جامع الأخبار ص168.
وكذلك وردت في هذا الباب روايات كثيرة أخرى عنهم عليهم أفضل الصلاة والسلام لم نذكرها اقتصاراً واختصاراً.
بقاء جسمانية الإنسان:
الإنسان من بدأ خلقته إلى منتهى ما يصل إليه من الكمال, باقٍ على ماديتّه وجسمانيته, فهو مادي وجسماني, وزماني ومكاني, وفقير ومحتاج في بقاء ذاته وجميع كمالاته المادية والمعنوية إلى الله سبحانه الغني المطلق والواجب المتعال..
لأنّ الممكن لا ينقلب واجباً كما لا ينقلب ممتنعاً, والجسم لا ينقلب عن الجسمية إلا التجرّد, فان التجرّد بالنسبة إلى غير الله سبحانه وتعالى غير معقول ـ كما تقدمت الإشارة إليه ـ, فليس هناك تجرّد يصطلح عليه بالاتحاد مع الله أو الحلول فيه في أو ما أشبه ذلك مما زعمه بعض الفلاسفة ومن أشبههم, , بل الله يبقى على ألوهيته المجرّدة العالمة لذاته إلى آخر صفاته ولا يشاركه فيها غيره والحمد لله رب العالمين.
والحمد لله رب العالمين.
عمر بابكر عمر صديق احمد- عضو رائع
- عضو نشيط
احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 240
نقاط : 25324
تاريخ التسجيل : 17/05/2011
رد: الموت خير واعظ
رحلة الموت هي رحلة مليئة بالغموض والأسرار.
صحيح أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد تحدث عن الموت، إلا انه أيضاً توجد أسرار قد أخفاها الخالق الحكيم عن خلقه وذلك لحكمة إلهية لا يدركها سوى الله عزوجل.
ويظل الموت هادم الملذات ومفرق الأحباب وعبرة لمن كان يخاف مقام ربه وتفكر في الدار الآخرة.
وفي موضوعي هذا أحب أن أدرج مقتطفات من الشعر كتبت في الموت وفي وصفه وكذلك عن وصف الروح.
* وما الموت إلا رحلة غير انها من المنزل الفاني إلى المنزل الباقي
* هبطت إليك من المحل الأرفع ورقاء ذات تعزز وتمنع
وصلت إلى كره إليك وربما كرهت فراقك وهي ذات تفجع
* جزى الله عنا الموت خيراً فإنه أبر بنا من كل شيء وأرأف
يعجل تخليص النفوس من الأذى ويدني من الدار التي هي أشرف
* من كان يرجو أن يعيش فإنني أصبحت أرجو أن أموت لأعتقا
في الموت ألف فضيلة لو أنها عرفت لكان سبيله أن يعشقا
* عجبت من معجب بصورته وكان بالأمس نطفة مذرة
وهو بعد حسن صورته يصير في القبر جيفة قذرة
وهو على ما هو عليه ما بين جنبيه يحمل العذرة
* سلام على أهل القبور الدوارس كأنهم لم يجلسوا في المجالس
ولم يشربوا من بارد الماء شربة ولم يأكلوا من رطب و يابس
ألا فأخبروني أين قبر ذليلكم وقبر العزيز الباذخ المتنافس
* فهم في بطون الارض بعد ظهورها محاسنهم فيها بوال دواثر
خلت دورهم منهم واقوت عراصهم وساقتهم نحو المنايا المقادر
وخلوا عن الدنيا وما جمعوا لها وضمتهم تحت التراب الحفائر
وحلوا بدار لا تزاور بينهم وأنى لسكان القبور التزاور
* تفكر أين أصحاب السرايا وأرباب الصوافن والعشار
و أين الأعظمون يداً وبأساً و أين السابقون لذي الفخار
و أين القرن بعد القرن منهم من الخلفاء والشم الكبار
كأن لم يخلقوا أو لم يكونوا وهل أحد يصان من البوار
* ناديت سكان القبور فأسكتوا و أجابني عن صمتهم ترب الحصى
قالت: أتدري ما فعلت بساكني مزقت لحمهم وخرقت الكسا
و حشوت أعينهم تراباً بعدما كانت تأذى باليسير من القذا
أما العظام فإنني مزقتها حتى تباينت المفاصل والشوى
قطعت ذا، من ذا من هذا كذا فتركتها مما يطوف بها البلا
* تزود من الدنيا فإنك راحل و بادر فإن الموت لا شك نازل
ألا إنما الدنيا كمنزل راكب أناخ عشياً وهو في الصبح راحل
الموت باب و كل الناس يدخله يا ليت شعري بعد الباب ما الدار
الدار دار نعيم إن عملت بما يرضي الإله إن خالفت فالنار
هما محلان ما للناس غيرهما فانظر لنفسك أي الدار تختار
ما للعباد سوى الفردوس إن عملوا و إن هفوا هفوة فالرب غفار
* النفس تبكي على الدنيا وقد علمت أن السلامة منها ترك ما فيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها إلا التي كان قبل الموت بانيها
فإن بناها بخير طاب مسكنها و إن بناها بشر خاب ثاويها
أين الملوك التي كانت مسلطة حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
لكل نفس وإن كانت على وجل من المنية آمال تقويها
فالمرء يبسطها والدهر يقبضها والنفس تنشرها و الموت يطويها
أموالنا لذوي الميراث نجمعها و دورنا لخراب الدهر نبنيها
كم من مدائن في الآفاق بنيت أمست خراباً و دون الموت أهليها
* باتوا على قلل الأجيال تحرسهم غلب الرجال فما أغنتهم القلل
و استنزلوا بعد عز من معاقلهم فأودعوا حفراً يا بئس ما نزلوا
ناداهم صارخ من بعد ما قبروا أين الأسرة و التيجان والحلل
أين الوجوه التي كانت منعمة من دونها تضرب الأستار والكلل
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم تلك الوجوه عليها الدود يقتتل
قد طالما أكلوا دهراً وما شربوا فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا
و طالما عمروا دوراً لتحصنهم ففارقوا الدور والأهلين وانتقلوا
و طالما كنزوا الأموال وادخروا فخلفوها على الأعداء و ارتحلوا
أضحت منازلهم قفراً معطلة و ساكنوها إلى الأجداث قد رحلوا
عمر بابكر عمر صديق احمد- عضو رائع
- عضو نشيط
احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 240
نقاط : 25324
تاريخ التسجيل : 17/05/2011
رد: الموت خير واعظ
رحلة الموت هي رحلة مليئة بالغموض والأسرار.
صحيح أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد تحدث عن الموت، إلا انه أيضاً توجد أسرار قد أخفاها الخالق الحكيم عن خلقه وذلك لحكمة إلهية لا يدركها سوى الله عزوجل.
ويظل الموت هادم الملذات ومفرق الأحباب وعبرة لمن كان يخاف مقام ربه وتفكر في الدار الآخرة.
وفي موضوعي هذا أحب أن أدرج مقتطفات من الشعر كتبت في الموت وفي وصفه وكذلك عن وصف الروح.
* وما الموت إلا رحلة غير انها من المنزل الفاني إلى المنزل الباقي
* هبطت إليك من المحل الأرفع ورقاء ذات تعزز وتمنع
وصلت إلى كره إليك وربما كرهت فراقك وهي ذات تفجع
* جزى الله عنا الموت خيراً فإنه أبر بنا من كل شيء وأرأف
يعجل تخليص النفوس من الأذى ويدني من الدار التي هي أشرف
* من كان يرجو أن يعيش فإنني أصبحت أرجو أن أموت لأعتقا
في الموت ألف فضيلة لو أنها عرفت لكان سبيله أن يعشقا
* عجبت من معجب بصورته وكان بالأمس نطفة مذرة
وهو بعد حسن صورته يصير في القبر جيفة قذرة
وهو على ما هو عليه ما بين جنبيه يحمل العذرة
* سلام على أهل القبور الدوارس كأنهم لم يجلسوا في المجالس
ولم يشربوا من بارد الماء شربة ولم يأكلوا من رطب و يابس
ألا فأخبروني أين قبر ذليلكم وقبر العزيز الباذخ المتنافس
* فهم في بطون الارض بعد ظهورها محاسنهم فيها بوال دواثر
خلت دورهم منهم واقوت عراصهم وساقتهم نحو المنايا المقادر
وخلوا عن الدنيا وما جمعوا لها وضمتهم تحت التراب الحفائر
وحلوا بدار لا تزاور بينهم وأنى لسكان القبور التزاور
* تفكر أين أصحاب السرايا وأرباب الصوافن والعشار
و أين الأعظمون يداً وبأساً و أين السابقون لذي الفخار
و أين القرن بعد القرن منهم من الخلفاء والشم الكبار
كأن لم يخلقوا أو لم يكونوا وهل أحد يصان من البوار
* ناديت سكان القبور فأسكتوا و أجابني عن صمتهم ترب الحصى
قالت: أتدري ما فعلت بساكني مزقت لحمهم وخرقت الكسا
و حشوت أعينهم تراباً بعدما كانت تأذى باليسير من القذا
أما العظام فإنني مزقتها حتى تباينت المفاصل والشوى
قطعت ذا، من ذا من هذا كذا فتركتها مما يطوف بها البلا
* تزود من الدنيا فإنك راحل و بادر فإن الموت لا شك نازل
ألا إنما الدنيا كمنزل راكب أناخ عشياً وهو في الصبح راحل
الموت باب و كل الناس يدخله يا ليت شعري بعد الباب ما الدار
الدار دار نعيم إن عملت بما يرضي الإله إن خالفت فالنار
هما محلان ما للناس غيرهما فانظر لنفسك أي الدار تختار
ما للعباد سوى الفردوس إن عملوا و إن هفوا هفوة فالرب غفار
* النفس تبكي على الدنيا وقد علمت أن السلامة منها ترك ما فيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها إلا التي كان قبل الموت بانيها
فإن بناها بخير طاب مسكنها و إن بناها بشر خاب ثاويها
أين الملوك التي كانت مسلطة حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
لكل نفس وإن كانت على وجل من المنية آمال تقويها
فالمرء يبسطها والدهر يقبضها والنفس تنشرها و الموت يطويها
أموالنا لذوي الميراث نجمعها و دورنا لخراب الدهر نبنيها
كم من مدائن في الآفاق بنيت أمست خراباً و دون الموت أهليها
* باتوا على قلل الأجيال تحرسهم غلب الرجال فما أغنتهم القلل
و استنزلوا بعد عز من معاقلهم فأودعوا حفراً يا بئس ما نزلوا
ناداهم صارخ من بعد ما قبروا أين الأسرة و التيجان والحلل
أين الوجوه التي كانت منعمة من دونها تضرب الأستار والكلل
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم تلك الوجوه عليها الدود يقتتل
قد طالما أكلوا دهراً وما شربوا فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا
و طالما عمروا دوراً لتحصنهم ففارقوا الدور والأهلين وانتقلوا
و طالما كنزوا الأموال وادخروا فخلفوها على الأعداء و ارتحلوا
أضحت منازلهم قفراً معطلة و ساكنوها إلى الأجداث قد رحلوا
عمر بابكر عمر صديق احمد- عضو رائع
- عضو نشيط
احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 240
نقاط : 25324
تاريخ التسجيل : 17/05/2011
رد: الموت خير واعظ
الموت باب وكل الناس داخله = يا ليت شعري بعد الباب ، ما الدار ؟!
الدار دار نعيم إن عملت بما = يرضي الإله ، وإن خالفت فالنار
هما محلان ما للمرء غيرهما = فاختر لنفسك أي الدار تختار
ما للعباد سوى الفردوس منزلة = وإن هفوا هفوة فالرب غفار
ماتوا فما زالت الدنيا لموتهمو = ولا تغيرت الأعياد والجمع
لعمرك ما الرزية فقد مال = ولا فرس تموت ولا بعير
لكن الرزية فقد حر = تموت لموته خلق كثير
ولو أنا إذا متنا تركنا = لكان الموت غاية كل حي
ولكنا إذا متنا بعثنا = ونسأل بعده عن كل شي
مشيناها خطىً كتبت علينا = ومن كتبت عليه خطىً مشاها
ومن كانت منيته بأرض = فليس يموت في أرض سواها
أما والله لو علم الأنام لما خلقوا = لما هجعوا وناموا
حياة ثم موت ثم بعث = وميزان وأهوال جسام
ونحن إذا ما أمرنا أو نهينا = كأهل الكهف أيقاظ نيام !!!
الدار دار نعيم إن عملت بما = يرضي الإله ، وإن خالفت فالنار
هما محلان ما للمرء غيرهما = فاختر لنفسك أي الدار تختار
ما للعباد سوى الفردوس منزلة = وإن هفوا هفوة فالرب غفار
ماتوا فما زالت الدنيا لموتهمو = ولا تغيرت الأعياد والجمع
لعمرك ما الرزية فقد مال = ولا فرس تموت ولا بعير
لكن الرزية فقد حر = تموت لموته خلق كثير
ولو أنا إذا متنا تركنا = لكان الموت غاية كل حي
ولكنا إذا متنا بعثنا = ونسأل بعده عن كل شي
مشيناها خطىً كتبت علينا = ومن كتبت عليه خطىً مشاها
ومن كانت منيته بأرض = فليس يموت في أرض سواها
أما والله لو علم الأنام لما خلقوا = لما هجعوا وناموا
حياة ثم موت ثم بعث = وميزان وأهوال جسام
ونحن إذا ما أمرنا أو نهينا = كأهل الكهف أيقاظ نيام !!!
عمر بابكر عمر صديق احمد- عضو رائع
- عضو نشيط
احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 240
نقاط : 25324
تاريخ التسجيل : 17/05/2011
رد: الموت خير واعظ
مات علي الطنطاوي. وليس عجبا أن يموت، والموت غاية كل حي، ولكن العجيب أن يرجع بعدما مات، ليصف للقراء الموت الذي رآه.
وكان ذلك من شهرين، وكان على سيف البحر في بيروت، وكان البحر هائجا غضبان، يرمي بأمواج كأنها الكثبان، وقد فرّ منه الناس، فليس في الشطوط كلها، على طولها وامتدادها (من سان سيمون إلى الأوزاعي) إلا نفر قليل.
ولم يكن يعرف من السباحة إلا درسا واحدا، كان قد تلقاه من أكثر من ثلث قرن، على معلم لم يسبح أبدا، هو أن يقف حيث لا يصل الماء إلى الصدر، ثم يحاول أن ينبطح، ويسيب قدميه، ويخبط بيديه، ويبقى على ذلك مقدار ما يبتلع من ماء البحر (وهو كشربة الملح الإنجليزي) ما يملأ معدته وأنفه.. ثم يخرج. وكان مع شاب تونسي من علماء جامع الزيتونة، ولا يمتاز في السباحة عنه إلا بأنه أجهل فيها منه، حتى هذا الدرس لم يحضره لأنه لم يكن ولد، فلما كبر لم يستطع أن يأخذ مصله، لأن ذلك (المعلم) كان قد مات.
وتركا (الحمام) حيث النساء العاريات، ثم أخذت أسبح السباحة التي أعرفها: أرفع رجليّ، وأحرك يديّ، فإذا تعبت خرجت أستمتع بالشمس والهواء، وكنت ممتلئا بالصحة، أكاد أتوثب من النشاط توثبا، وكان الموت بعيدا عن فكري، والموت أبدا أبعد شيء في أفكارنا عنا، وإن كان أقرب شيء في حقيقته منا، نتناساه وهو عن أيماننا وشمائلنا، نشيع الجنائز ونمشي معها ونحن في غفلة عنها، نتكلم كلام الدنيا، ونرى مواكب الموت تمر بنا كل يوم، فلا نفكر ولا نعتبر، ولا نقدّر أننا سنموت كما ماتوا، ومات من كان أصح منا صحة، وكان أشد منا قوة وأكبر سلطانا، وأكثر أعوانا، فمنا دفعت عنه الموت لما جاءه صحته ولا قوته، ولا حماه منه سلطانه ولا أعوانه، نعرف بعقولنا أن الموت كأس سيشرب منها كل حي، ولكننا ننسى هذه الحقيقة بشعورنا وعواطفنا، وتحجبها عنها شواغل يومنا، وتوافه دنيانا، يقول كل واحد منا بلسانه: إن الموت حق وإن مقدّر على كل حي، ويقول بفعله: لم أموت، لقد كتب الموت على كل نفس إلا نفسي، فلا يزال في العمر فسحة لي دائما، ولن يأتي أجلي أبدا.
وعاودت الدخول في الماء، وأطلت البقاء فيه، وما أحسست وأنا أتزحزح شبرا فشبرا، أني جاوزت هذه البركة، وبلغت موضعا من البحر عميقا، علمت بعد أن فيه تيارا يتحاماه السباحون القادرون، فكيف بمن لم يكن يتقن من السباحة إلا فن الرسوب.
* * * * * * * * * *
وحاولت الوقوف فإذا أنا لا أجد الأرض الصلبة من تحتي، وحاولت أن أرفع رأسي فأنظر، فإذا أن لا أجد الهواء ولا أبصر شيئا، وأحسست أن الماء المالح قد تدفق على فمي، وأنفي، فأنا لا أملك إلا أن أبلعه وأنشقه، وبدأت أحس آلاما لا تصوّر ولا توصف، ليست في الرأس، وليست في عضو من الأعضاء وحده، ولكنها في كل ذرة من جسدي، وروحي، وشعرت كأن قد ألقيت على صخرة ضخمة، وأن أعصابي تجذب من تحتها وتقلع، كما تجذب خيوط الحرير مما خالطها من الشوك، وصار كل همي من دنياي أن أجد نسمة واحدة من الهواء فلا أجدها، فقلت: هذا هو الموت، هذا هو الموت الذي أفر من الكلام فيه والحديث عنه، والذي أراه بعيدا عني، لم يحن حينه، ولم يدن موعده، لذلك كنت أؤجل التوبة من يوم إلى يوم، أقول إذا بلغت من الشباب تبت، فلما بلغتها قلت: أتوب في الأربعين، فلما جاوزتها قلت: أنتظر حتى أتم بناء الدار، فلما أتممتها قلت: أتوب وأتفرغ إلى الله، إذا بلغت سن التقاعد، كأني أخذت على مَلَك الموت عهدا، ألا يطرق بابي حتى أبلغ سن التقاعد، فها هو ذا قد جاء على غير ميعاد
* * * * * * * * * *
وكان أول ما خطر على بالي، أني كنت أتمنى ميتة سهلة سريعة تكون على الإيمان، وأن هذه الأمنية تلازمني من أزمان، فخشيت أن أكون قد سعيت إلى هذه الميتة فأكون (والعياذ بالله) منتحرا، ورحت أفكر فيما صنعته من لدن دخلت الماء، فإذا أنا لا أذكر من ذلك شيئا، وإذا أنا أشعر أنه غدا بعيدا عني كأنه قد كان من سنة، لا من دقائق معدودات، وصغرت الدنيا في عيني، كأني أراها من طيارة قد علت في طباق الجو، ومن كان على سفر، يسرع ليلحق القطار، هل يرى من الشوارع التي يجتازها شيئا؟ هل يغريه منها جمال ساحر، أو فن طريف؟ إنه يحس بها غريبة عنه، وأنها ليست له، يغدو منظرها في عينه كصورة زائفة فكيف ينظر إلى هذه الدنيا من أيقن الموت ؟
لقد أمحت (والله) صورة الدنيا كلها من أمامي. ومالي وللدنيا، ولم يبقى لي فيها إلا لحظات معدودات، أنا أتجرع فيها ثمالة كأس الآلام؟ لم يبقى لي منها ما يغريني بها، حتى الأهل والولد شغلت بنفسي عنهم، فلا تصدقوا ما تقرؤونه في القصص من أن المشرف على الغرق، يفكر في أحبائه أو في أعماله، أو في أدبه وعلمه ومقالاته وأشعاره، أو يهمه ما يقال فيه من بعده وما كان ذلك من غير المسلم، أما المسلم فلا يرى في تلك الساعة إلا ما هو قادم عليه.
* * * * * * * * * *
وازدحمت عليّ الخواطر فيما أفعله، فحاولت التشهد والتوبة أولا، فلم أستطع النطق بشيء مما كان في فمي من الماء، وازدادت علي الآلام ولكنها لم تقطع خواطري، وكان ذهني في نشاط عجيب ما أحسست مثله عمري كله، وكنت بين خوف من الموت ورغبة فيه: أرغب فيه أرجو أن تكون هذه الميتة على الإيمان، وأخاف لأنه ليس لدي ما أقدم به على الله، وقد فاجأني الموت، كما يفاجئ التلميذ المهمل، الذي لا يزال يؤجل المطالعة والحفظ، ويقول: الامتحان بعيد، وتمضي الأيام، حتى إذا رآه صار أمامه قطع أصابعه ندما، وأذهب نفسه حسرة، وما نفعه ذلك شيئا.
هذا هو امتحان يسير، أسوأ ما فيه أن تذهب بالسقوط فيه سنة من عمره سدى، فكيف بالامتحان الأعظم، الذي ما بعده إلا النعيم الأبدي في الجنة، أو الشقاء الطويل في النار، الامتحان الذي ليس فيه (إكمال) و لا تعاد له دورة، و لا يجبر فيه (كسر) درجة، و لا تنفع فيه شفاعة شافع، و لا وساطة ذي جاه أو مال، و رأيت موقف الحساب رأي العين، و قد شغلت كل أمري نفسه، والناس يدعون ليأخذوا نتائج الامتحان، فمن أخذ كتابه بيمينه، و حمل إلى الجنة فهذا هو الفائز، و من أخذ كتابه بشماله و سيق إلى النار فهذا هو الخاسر، و هذا هو الخسران المبين.
و عرضت عملي، فلم أجد لي عملاً من أعمال الصالحين، فلا أنا من أهل المراقبة الذين لا يغفلون عن الله طرفة عين، و لا أنا من المبتعدين الذين يقومون الليالي الطوال و الناس نيام، و يناجون ربهم في الأسحار، وما أنا من المتقين الذين يتجنبون المحرمات، ما أنا إلا واحد من الغافلين المذنبين، أي والله فبم أقدم على الله؟
* * * * * * * * * *
و نظرت فإذا كل ما ربحته من عمري لحظات، لحظات كنت أحس فيها حلاوة الإيمان، و أخلص فيها التوجه إلى الله تقابلها عشرات من السنين كنت سابحاً فيها في بحار الغفلة، تائهاً في بيداء الغرور، أحسب من جهلي، أن الأيام ستمتد بي، لم أدر أن العمر ساعات محدودة، و أن ذلك هو رأس مالي كله، فإن أضعته لم يبق لي من بعده شيء.
و ذكرت حديثاً كنت حفظته في صباي ((اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، و صحتك قبل سقمك، و فراغك قبل شغلك، و غناك قبل فقرك، و حياتك قبل موتك)). و ندمت لأنني لم أكن وضعته في صدر مجلسي، واتخذته منهجاً لحياتي، و لكني لم أعرف (مع الأسف) معناه، و لم أدرك حقيقته، إلا عندما انتهت حياتي.
و فكرت فيما كنت أكابد من ألم الطاعة، فإذا الألم قد ذهب و بقي الثواب، و نظرت فيما استمتعت به من لذة المعصية، فإذا هو قد ذهب و بقي الحساب، فندمت على كل لحظة لم أجعلها في طاعة.
* * * * * * * * * *
و نظرت فإذا المقاييس كاملة تتبدى ساعة الموت، و إذا كل ما كنت أحبه و أنازع عليه، قد صار عدماً! و إذا أنا لم آخذ معي شيئاً، بنيت داراً فما حملت معي منها حجراً، و اقتنيت مالاً فما كان لي منه، إلا ما ظننت من قبل أني خسرته، و هو ما أخرجته لله، و كتبت آلفاً من المقالات في عشرات من السنين، و كان لي من القراء و المستمعين ملايين و ملايين، فما نفعني كلمة قلتها لوجه الله، و أين هي؟ لقد تركني هؤلاء المعجبون (كما يقولون) بأدبي وبياني أموت الآن و حدي، ما جاء واحد منهم ليأخذ بيدي، و ما أقبل واحد منهم يدفع الموت عني!
و عرفت لذائذ الحياة كلها، فما الذي بقي في يدي و أنا أموت غرقاً من لذائذ، و ما الذي استبدلته بالعمل الصالح الذي لا أرجو النجاة الآن إلا به؟ لقد كان إبليس يشغلني عن الخشوع في الصلاة بالتفكير في ((البنطال)) أن يفسد كيه السجود، و يخوفني أن تذهب صحتي، بقطع المنام لصلاة الفجر أو صيام أيام الحر من آب، و أن أخسر حسن رأي الناس في إن جهرت بقول الحق، أو أن ينالني من ذلك أذى في جسدي أو في رزقي!
فوجدتني الآن أخسر الناس، إذ بعت الباقي، بهذا الوهم الزائل، كزنوج إفريقية الذين يعطون كنوز بلادهم وخيراتها، ليأخذوا خرزات لماعة، أو ساعة طنانة، أو هنة هينة من هينات الحضارة.
أما العاقل فيبذل ما لديه من متاع، ويعلم أن الذي يعطيه اليوم، هو الذي يبقى له غدا، وأن الذي يحتفظ به ويخفيه يخسره ويخرج من يده، ويكون مستعدا للسفر في كل لحظة.. وأما الأحمق فيتمسك بخيمته ومتاعه القليل ويقول: أنا باق هنا، هذه هي داري، وهذا متاعي، وما الدار الآخرة إلا أكاذيب جرائد، وأساطير محررين، وأن أكون أحمق فأبيع عاجلا حاضرا، بآجل موهوم، ويرى الناس يطيرون كل يوم فلا يفكر ويظن أنه وحده هو الباقي، حتى يجيء دوره، فيحمل قسرا لا يملك دفعا ولا منعا، ويخسر ما كان له في الجزيرة، ولا يلقى في أمريكا إلا جحيم الفقر والحاجة إلى الناس.
وغلبني ألم الموت، ولم يعد في طوقي أن أفكر، فترجعت إلى الله وتصورت كرمه وعفوه، وكان يغلب عليّ الأمل وحب الحياة، فأضرب بيدي ورجلي وأرفع يميني أشير بها، ثم يدركني اليأس فأسلم أمري إلى الله، ولم أكن أتمنى بعد المغفرة، إلا شيئا واحدا، هو أن يخفف الله عني بتعجيل موتي، أخشى أن يطول بي هذا الألم فوق ما طال.
* * * * * * * * * *
وقد خيّل إليّ أني بقيت على ذلك ساعات، ولكن تبين لي من بعد، أني لم ألبث أكثر من دقيقتين، في دقيقتين أحسست هذه الآلام، ومرت في ذهني هذه الخواطر. وهذا من العجائب التي أودعها الله النفس البشرية، فأنت ترى حلما تعيش فيه عشرين سنة بأحداثها، ولا تكون قد نمت أكثر من خمس دقائق.
ثم لما خارت قواي، وأوشكت أن أغوص فلا أطفوا أبدا، خيّل إليّ أني أسمع أصواتا تناديني، وأحسست بيدي تمس شيئا صلبا، أدركت أنه طرف من زورق، ففرحت فرحة ما فرحت قط مثلها، وشعرت أني أرفع إلى الزورق، ثم غبت عن نفسي وهم يمسكون برجلي لأخرج بعض ما في جوفي من ماء البحر.
* * * * * * * * * *
لقد خرجت بنفس جديدة، واتعظت موعظة أرجو أن تدوم لي، وعرفت قيمة الحياة، وحقيقة الموت، ونحن لا نعرف من الموت إلا ظاهره دون حقيقته، نراه عدما، ونندب القريب والحبيب إن وضعناه في حفرة باردة، وخلفناه وحيدا، تأكله الدود، وليس حبيبك الذي أودعته الحفرة، ولكن جسده، والجسد ثوب يخلع بالموت، كما تخلع الحية ثوبها، فهل يبكي أحد على ثوب خلع!؟ وما الموت إلا انتقال إلى حياة أرحب وأوسع، إلى النعيم الدائم أو الشقاء الطويل، ولو كان الموت فناء لكان نعمة.
ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت راحة كل حي ... ولكنا إذا متنا بعثنا ونسأل بعدها عن كل شيء .
فإذا كان الموت سفرة لابد منها، فالعاقل من تهيأ لها، وأعد لها الزاد والراحلة، وذكرها دائما كي لا ينساها، ونظر في كل شيء، فإن كان مما يستطيع أن يحمله فيها حرص عليه، وإن كان مجبرا على تركه وراءه زهد فيه وانصرف عنه.
* * * * * * * * * *
وبعد.. فلا يهنئني أحد بالسلامة، بل ليدع لنفسه ولي بحسن الخاتمة، فإني أخاف والله ألا أجد ميتة أكون فيها حاضر القلب مع
وكان ذلك من شهرين، وكان على سيف البحر في بيروت، وكان البحر هائجا غضبان، يرمي بأمواج كأنها الكثبان، وقد فرّ منه الناس، فليس في الشطوط كلها، على طولها وامتدادها (من سان سيمون إلى الأوزاعي) إلا نفر قليل.
ولم يكن يعرف من السباحة إلا درسا واحدا، كان قد تلقاه من أكثر من ثلث قرن، على معلم لم يسبح أبدا، هو أن يقف حيث لا يصل الماء إلى الصدر، ثم يحاول أن ينبطح، ويسيب قدميه، ويخبط بيديه، ويبقى على ذلك مقدار ما يبتلع من ماء البحر (وهو كشربة الملح الإنجليزي) ما يملأ معدته وأنفه.. ثم يخرج. وكان مع شاب تونسي من علماء جامع الزيتونة، ولا يمتاز في السباحة عنه إلا بأنه أجهل فيها منه، حتى هذا الدرس لم يحضره لأنه لم يكن ولد، فلما كبر لم يستطع أن يأخذ مصله، لأن ذلك (المعلم) كان قد مات.
وتركا (الحمام) حيث النساء العاريات، ثم أخذت أسبح السباحة التي أعرفها: أرفع رجليّ، وأحرك يديّ، فإذا تعبت خرجت أستمتع بالشمس والهواء، وكنت ممتلئا بالصحة، أكاد أتوثب من النشاط توثبا، وكان الموت بعيدا عن فكري، والموت أبدا أبعد شيء في أفكارنا عنا، وإن كان أقرب شيء في حقيقته منا، نتناساه وهو عن أيماننا وشمائلنا، نشيع الجنائز ونمشي معها ونحن في غفلة عنها، نتكلم كلام الدنيا، ونرى مواكب الموت تمر بنا كل يوم، فلا نفكر ولا نعتبر، ولا نقدّر أننا سنموت كما ماتوا، ومات من كان أصح منا صحة، وكان أشد منا قوة وأكبر سلطانا، وأكثر أعوانا، فمنا دفعت عنه الموت لما جاءه صحته ولا قوته، ولا حماه منه سلطانه ولا أعوانه، نعرف بعقولنا أن الموت كأس سيشرب منها كل حي، ولكننا ننسى هذه الحقيقة بشعورنا وعواطفنا، وتحجبها عنها شواغل يومنا، وتوافه دنيانا، يقول كل واحد منا بلسانه: إن الموت حق وإن مقدّر على كل حي، ويقول بفعله: لم أموت، لقد كتب الموت على كل نفس إلا نفسي، فلا يزال في العمر فسحة لي دائما، ولن يأتي أجلي أبدا.
وعاودت الدخول في الماء، وأطلت البقاء فيه، وما أحسست وأنا أتزحزح شبرا فشبرا، أني جاوزت هذه البركة، وبلغت موضعا من البحر عميقا، علمت بعد أن فيه تيارا يتحاماه السباحون القادرون، فكيف بمن لم يكن يتقن من السباحة إلا فن الرسوب.
* * * * * * * * * *
وحاولت الوقوف فإذا أنا لا أجد الأرض الصلبة من تحتي، وحاولت أن أرفع رأسي فأنظر، فإذا أن لا أجد الهواء ولا أبصر شيئا، وأحسست أن الماء المالح قد تدفق على فمي، وأنفي، فأنا لا أملك إلا أن أبلعه وأنشقه، وبدأت أحس آلاما لا تصوّر ولا توصف، ليست في الرأس، وليست في عضو من الأعضاء وحده، ولكنها في كل ذرة من جسدي، وروحي، وشعرت كأن قد ألقيت على صخرة ضخمة، وأن أعصابي تجذب من تحتها وتقلع، كما تجذب خيوط الحرير مما خالطها من الشوك، وصار كل همي من دنياي أن أجد نسمة واحدة من الهواء فلا أجدها، فقلت: هذا هو الموت، هذا هو الموت الذي أفر من الكلام فيه والحديث عنه، والذي أراه بعيدا عني، لم يحن حينه، ولم يدن موعده، لذلك كنت أؤجل التوبة من يوم إلى يوم، أقول إذا بلغت من الشباب تبت، فلما بلغتها قلت: أتوب في الأربعين، فلما جاوزتها قلت: أنتظر حتى أتم بناء الدار، فلما أتممتها قلت: أتوب وأتفرغ إلى الله، إذا بلغت سن التقاعد، كأني أخذت على مَلَك الموت عهدا، ألا يطرق بابي حتى أبلغ سن التقاعد، فها هو ذا قد جاء على غير ميعاد
* * * * * * * * * *
وكان أول ما خطر على بالي، أني كنت أتمنى ميتة سهلة سريعة تكون على الإيمان، وأن هذه الأمنية تلازمني من أزمان، فخشيت أن أكون قد سعيت إلى هذه الميتة فأكون (والعياذ بالله) منتحرا، ورحت أفكر فيما صنعته من لدن دخلت الماء، فإذا أنا لا أذكر من ذلك شيئا، وإذا أنا أشعر أنه غدا بعيدا عني كأنه قد كان من سنة، لا من دقائق معدودات، وصغرت الدنيا في عيني، كأني أراها من طيارة قد علت في طباق الجو، ومن كان على سفر، يسرع ليلحق القطار، هل يرى من الشوارع التي يجتازها شيئا؟ هل يغريه منها جمال ساحر، أو فن طريف؟ إنه يحس بها غريبة عنه، وأنها ليست له، يغدو منظرها في عينه كصورة زائفة فكيف ينظر إلى هذه الدنيا من أيقن الموت ؟
لقد أمحت (والله) صورة الدنيا كلها من أمامي. ومالي وللدنيا، ولم يبقى لي فيها إلا لحظات معدودات، أنا أتجرع فيها ثمالة كأس الآلام؟ لم يبقى لي منها ما يغريني بها، حتى الأهل والولد شغلت بنفسي عنهم، فلا تصدقوا ما تقرؤونه في القصص من أن المشرف على الغرق، يفكر في أحبائه أو في أعماله، أو في أدبه وعلمه ومقالاته وأشعاره، أو يهمه ما يقال فيه من بعده وما كان ذلك من غير المسلم، أما المسلم فلا يرى في تلك الساعة إلا ما هو قادم عليه.
* * * * * * * * * *
وازدحمت عليّ الخواطر فيما أفعله، فحاولت التشهد والتوبة أولا، فلم أستطع النطق بشيء مما كان في فمي من الماء، وازدادت علي الآلام ولكنها لم تقطع خواطري، وكان ذهني في نشاط عجيب ما أحسست مثله عمري كله، وكنت بين خوف من الموت ورغبة فيه: أرغب فيه أرجو أن تكون هذه الميتة على الإيمان، وأخاف لأنه ليس لدي ما أقدم به على الله، وقد فاجأني الموت، كما يفاجئ التلميذ المهمل، الذي لا يزال يؤجل المطالعة والحفظ، ويقول: الامتحان بعيد، وتمضي الأيام، حتى إذا رآه صار أمامه قطع أصابعه ندما، وأذهب نفسه حسرة، وما نفعه ذلك شيئا.
هذا هو امتحان يسير، أسوأ ما فيه أن تذهب بالسقوط فيه سنة من عمره سدى، فكيف بالامتحان الأعظم، الذي ما بعده إلا النعيم الأبدي في الجنة، أو الشقاء الطويل في النار، الامتحان الذي ليس فيه (إكمال) و لا تعاد له دورة، و لا يجبر فيه (كسر) درجة، و لا تنفع فيه شفاعة شافع، و لا وساطة ذي جاه أو مال، و رأيت موقف الحساب رأي العين، و قد شغلت كل أمري نفسه، والناس يدعون ليأخذوا نتائج الامتحان، فمن أخذ كتابه بيمينه، و حمل إلى الجنة فهذا هو الفائز، و من أخذ كتابه بشماله و سيق إلى النار فهذا هو الخاسر، و هذا هو الخسران المبين.
و عرضت عملي، فلم أجد لي عملاً من أعمال الصالحين، فلا أنا من أهل المراقبة الذين لا يغفلون عن الله طرفة عين، و لا أنا من المبتعدين الذين يقومون الليالي الطوال و الناس نيام، و يناجون ربهم في الأسحار، وما أنا من المتقين الذين يتجنبون المحرمات، ما أنا إلا واحد من الغافلين المذنبين، أي والله فبم أقدم على الله؟
* * * * * * * * * *
و نظرت فإذا كل ما ربحته من عمري لحظات، لحظات كنت أحس فيها حلاوة الإيمان، و أخلص فيها التوجه إلى الله تقابلها عشرات من السنين كنت سابحاً فيها في بحار الغفلة، تائهاً في بيداء الغرور، أحسب من جهلي، أن الأيام ستمتد بي، لم أدر أن العمر ساعات محدودة، و أن ذلك هو رأس مالي كله، فإن أضعته لم يبق لي من بعده شيء.
و ذكرت حديثاً كنت حفظته في صباي ((اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، و صحتك قبل سقمك، و فراغك قبل شغلك، و غناك قبل فقرك، و حياتك قبل موتك)). و ندمت لأنني لم أكن وضعته في صدر مجلسي، واتخذته منهجاً لحياتي، و لكني لم أعرف (مع الأسف) معناه، و لم أدرك حقيقته، إلا عندما انتهت حياتي.
و فكرت فيما كنت أكابد من ألم الطاعة، فإذا الألم قد ذهب و بقي الثواب، و نظرت فيما استمتعت به من لذة المعصية، فإذا هو قد ذهب و بقي الحساب، فندمت على كل لحظة لم أجعلها في طاعة.
* * * * * * * * * *
و نظرت فإذا المقاييس كاملة تتبدى ساعة الموت، و إذا كل ما كنت أحبه و أنازع عليه، قد صار عدماً! و إذا أنا لم آخذ معي شيئاً، بنيت داراً فما حملت معي منها حجراً، و اقتنيت مالاً فما كان لي منه، إلا ما ظننت من قبل أني خسرته، و هو ما أخرجته لله، و كتبت آلفاً من المقالات في عشرات من السنين، و كان لي من القراء و المستمعين ملايين و ملايين، فما نفعني كلمة قلتها لوجه الله، و أين هي؟ لقد تركني هؤلاء المعجبون (كما يقولون) بأدبي وبياني أموت الآن و حدي، ما جاء واحد منهم ليأخذ بيدي، و ما أقبل واحد منهم يدفع الموت عني!
و عرفت لذائذ الحياة كلها، فما الذي بقي في يدي و أنا أموت غرقاً من لذائذ، و ما الذي استبدلته بالعمل الصالح الذي لا أرجو النجاة الآن إلا به؟ لقد كان إبليس يشغلني عن الخشوع في الصلاة بالتفكير في ((البنطال)) أن يفسد كيه السجود، و يخوفني أن تذهب صحتي، بقطع المنام لصلاة الفجر أو صيام أيام الحر من آب، و أن أخسر حسن رأي الناس في إن جهرت بقول الحق، أو أن ينالني من ذلك أذى في جسدي أو في رزقي!
فوجدتني الآن أخسر الناس، إذ بعت الباقي، بهذا الوهم الزائل، كزنوج إفريقية الذين يعطون كنوز بلادهم وخيراتها، ليأخذوا خرزات لماعة، أو ساعة طنانة، أو هنة هينة من هينات الحضارة.
أما العاقل فيبذل ما لديه من متاع، ويعلم أن الذي يعطيه اليوم، هو الذي يبقى له غدا، وأن الذي يحتفظ به ويخفيه يخسره ويخرج من يده، ويكون مستعدا للسفر في كل لحظة.. وأما الأحمق فيتمسك بخيمته ومتاعه القليل ويقول: أنا باق هنا، هذه هي داري، وهذا متاعي، وما الدار الآخرة إلا أكاذيب جرائد، وأساطير محررين، وأن أكون أحمق فأبيع عاجلا حاضرا، بآجل موهوم، ويرى الناس يطيرون كل يوم فلا يفكر ويظن أنه وحده هو الباقي، حتى يجيء دوره، فيحمل قسرا لا يملك دفعا ولا منعا، ويخسر ما كان له في الجزيرة، ولا يلقى في أمريكا إلا جحيم الفقر والحاجة إلى الناس.
وغلبني ألم الموت، ولم يعد في طوقي أن أفكر، فترجعت إلى الله وتصورت كرمه وعفوه، وكان يغلب عليّ الأمل وحب الحياة، فأضرب بيدي ورجلي وأرفع يميني أشير بها، ثم يدركني اليأس فأسلم أمري إلى الله، ولم أكن أتمنى بعد المغفرة، إلا شيئا واحدا، هو أن يخفف الله عني بتعجيل موتي، أخشى أن يطول بي هذا الألم فوق ما طال.
* * * * * * * * * *
وقد خيّل إليّ أني بقيت على ذلك ساعات، ولكن تبين لي من بعد، أني لم ألبث أكثر من دقيقتين، في دقيقتين أحسست هذه الآلام، ومرت في ذهني هذه الخواطر. وهذا من العجائب التي أودعها الله النفس البشرية، فأنت ترى حلما تعيش فيه عشرين سنة بأحداثها، ولا تكون قد نمت أكثر من خمس دقائق.
ثم لما خارت قواي، وأوشكت أن أغوص فلا أطفوا أبدا، خيّل إليّ أني أسمع أصواتا تناديني، وأحسست بيدي تمس شيئا صلبا، أدركت أنه طرف من زورق، ففرحت فرحة ما فرحت قط مثلها، وشعرت أني أرفع إلى الزورق، ثم غبت عن نفسي وهم يمسكون برجلي لأخرج بعض ما في جوفي من ماء البحر.
* * * * * * * * * *
لقد خرجت بنفس جديدة، واتعظت موعظة أرجو أن تدوم لي، وعرفت قيمة الحياة، وحقيقة الموت، ونحن لا نعرف من الموت إلا ظاهره دون حقيقته، نراه عدما، ونندب القريب والحبيب إن وضعناه في حفرة باردة، وخلفناه وحيدا، تأكله الدود، وليس حبيبك الذي أودعته الحفرة، ولكن جسده، والجسد ثوب يخلع بالموت، كما تخلع الحية ثوبها، فهل يبكي أحد على ثوب خلع!؟ وما الموت إلا انتقال إلى حياة أرحب وأوسع، إلى النعيم الدائم أو الشقاء الطويل، ولو كان الموت فناء لكان نعمة.
ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت راحة كل حي ... ولكنا إذا متنا بعثنا ونسأل بعدها عن كل شيء .
فإذا كان الموت سفرة لابد منها، فالعاقل من تهيأ لها، وأعد لها الزاد والراحلة، وذكرها دائما كي لا ينساها، ونظر في كل شيء، فإن كان مما يستطيع أن يحمله فيها حرص عليه، وإن كان مجبرا على تركه وراءه زهد فيه وانصرف عنه.
* * * * * * * * * *
وبعد.. فلا يهنئني أحد بالسلامة، بل ليدع لنفسه ولي بحسن الخاتمة، فإني أخاف والله ألا أجد ميتة أكون فيها حاضر القلب مع
عمر بابكر عمر صديق احمد- عضو رائع
- عضو نشيط
احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 240
نقاط : 25324
تاريخ التسجيل : 17/05/2011
رد: الموت خير واعظ
كفى بالموت واعظا
________________________________________
الحمد لله الذي كتب على عباده الموت والفناء، وتفرد سبحانه بالحياة والبقاء، والصلاة والسلام على من ختمت به الرسل والأنبياء وعلى آله وأتباعه إلى يوم اللقاء .
فإن الموت لا ريب فيه، ويقين لا شك فيه (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) (ق:19). فمن يجادل في الموت وسكرته؟! ومن يخاصم في القبر وضمته؟! ومن يقدر على تأخير موته وتأجيل ساعته؟! (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) (الأعراف 34).
فلماذا تتكبر أيها الإنسان وسوف تأكلك الديدان؟!
ولماذا تطغى وفي التراب ستلقى ؟!
ولماذا التسويف والغفلة وأنت تعلم أن الموت يأتي بغتة ؟!
(كل نفس ذائقة الموت) آل عمران:185 (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) الرحمن: 26-27 (كل شيء هالك إلا وجه له الحكم وإليه ترجعون) القصص:88.
________________________________________
حقيقة الموت
أخي المسلم:
يخطئ من يظن أن الموت فناء محض وعدم تام، ليس بعده حياة ولا حساب ولا حشر ولا نشر ولا جنة ولا نار . إذ لو كان الأمر كذلك لا نتفت الحكمة من الخلق والوجود، ولاستوى الناس جميعاً بعد الموت واستراحوا، فيكون المؤمن والكافر سواء، والقاتل والمقتول سواء، والظالم والمظلوم سواء، والطائع والعاصي سواء، والزاني والمصلي سواء، والفاجر والتقي سواء، وهذا مذهب الملاحدة الذين هم شر من البهائم، فلا يقول ذلك إلا من خلع رداء الحياء، ونادى على نفسه بالسفه والجنون. قال تعالى: (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير) التغابن:7 وقال سبحانه: (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم) يس 78،79
ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت غاية كل حي
ولكنا إذا متنا بعـثنا ونسأل بعده عن كل شيء
فالموت هو انقطاع تعلق الروح بالبدن، ومفارقتها له، والانتقال من دار إلى دار، وبه تطوى صحف الأعمال،و تنقطع التوبة والإمهال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر). الترمذي وابن ماجة وصححه الحاكم وابن حبان.
________________________________________
الموت أعظم المصائب
والموت من أعظم المصائب، وقد سماه الله تعالى مصيبة في قوله سبحانه: (فأصابتكم مصيبة الموت) المائدة: 106 فإذا كان العبد طائعاً ونزل به الموت ندم أن لا يكون ازداد وإذا كان العبد مسيئاً تدم على التفريط وتمنى العودة إلى دار الدنيا، ليتوب إلى الله تعالى، ويبدأ العمل الصالح من جديد. ولكن هيهات هيهات!! قال تعالى : (وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين) فصلت: 24 وقال سبحانه (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب أرجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) المؤمنون: 99-100.
________________________________________
عبرة الموت
يروى أن أعرابياً كان يسير على جمل له، فخر الجمل ميتاً، فنزل الأعرابي عنه، وجعل يطوف به ويتفكر فيه، ويقول: ما لك لا تقوم؟
مالك لا تنبعث؟
هذه أعضاؤك كاملة !!
وجوارحك سالمة !!
ما شأنك ؟
ما الذي كان يحملك ؟
ما الذي صرعك ؟
ما الذي عن الحركة منعك ؟
ثم تركه وانصرف متعجباً من أمره، متفكراً في شأنه!!
قال ابن السماك: (بينما صياد في الدهر الأول يصطاد السمك، إذ رمى بشبكته في البحر، فخرج فيها جمجمة إنسان، فجعل الصياد ينظر إليها ويبكي ويقول:
عزيز فلم تترك لعزك !!
غني فلم تترك لغناك !!
فقير فلم تترك لفقرك !!
جواد فلم تترك لجودك !!
شديد لم تترك لشدتك !!
عالم فلم تترك لعلمك !! يردد هذا الكلام ويبكي
________________________________________
أذكروا هاذم اللذات
أخي الكريم :
حث النبي صلى الله عليه وسلم على ذكر الموت والإكثار منه، فقال عليه الصلاة والسلام : (أكثروا ذكر هاذم اللذات) الترمذي وحسنه.
قال الإمام القرطبي: (قال علماؤنا: قوله عليه السلام: «أكثروا ذكر هاذم اللذات»كلام مختصر وجيز، وقد جمع التذكرة وأبلغ في الموعظة، فإن من ذكر الموت حقيقة ذكره نغص عليه لذته الحاضرة، ومنعه من تمنيها في المستقبل، وزهده فيما كان منها يؤمل، ولكن النفوس الراكدة، والقلوب الغافلة، تحتاج إلى تطويل الوعاظ، وتزويق الألفاظ، وإلا ففي قوله عليه الصلاة والسلام: «أكثروا ذكر هاذم اللذات» مع قوله تعالى: (كل نفس ذائقة الموت)آل عمران:185 ما يكفي السامع له، ويشغل الناظر فيه.
ولقد أحسن من قال:
أذكر الموت هاذم اللذات ... وتجهز لمصرع سوف يأتي
وقال غيره:
أذكر الموت تجد راحة في ... ادكار الموت تقصير الأمل
أولئك الأكياس..
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم عاشر عشرة، فقام رجل من الأنصار فقال: يا نبي الله ! من أكيس الناس وأحزم الناس؟ قال: (أكثرهم ذكراً للموت، وأكثرهم استعداداً للموت، أولئك الأكياس، ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة) الطبراني وحسنه المنذري
________________________________________
فوائد ذكر الموت
أخي الحبيب :
وفي الإكثار من ذكر الموت فوائد منها :
• أنه يحث على الاستعداد للموت قبل نزوله.
• أن ذكر الموت يقصر الأمل في طول البقاء. وطول الأمل من أعظم أسباب الغفلة.
• أنه يزهد في الدنيا ويرضي بالقليل منها، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بمجلس وهم يضحكون فقال: (أكثروا ذكر هاذم اللذات) أحسبه قال: (فإنه ما ذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه، ولا في سعة إلا ضيقه عليه) البزار وحسنه المنذري.
• أنه يرغّب في الآخرة ويدعو إلى الطاعة .
• أنه يهوّن على العبد مصائب الدنيا .
• أنه يمنع من الأشر والبطر والتوسع في لذات الدنيا .
• أنه يحث على التوبة واستدراك ما فات .
• أنه يرقق القلوب ويدمع الأعين، ويجلب باعث الدين، ويطرد باعث الهوى.
• أنه يدعو إلى التواضع وترك الكبر والظلم.
• أنه يدعو إلى سل السخائم ومسامحة الإخوان وقبول أعذارهم.
________________________________________
أنفاس معدودة
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: خط النبي صلى الله عليه وسلم خطا مربعاً، وخط خطا في الوسط خارجاً منه، وخط خططاً صغراً إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، فقال: (هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به- أوقد أحاط به - وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا) البخاري.
وقال القرطبي: (وأجمعت الأمة على أن الموت ليس له سن معلوم ، ولا زمن معلوم، ولا مرض معلوم، وذلك ليكون المرء على أهبة من ذلك، مستعداً لذلك).
وكان بعض الصالحين ينادي بليل على سور المدينة: الرحيل الرحيل. فلما توفي فقد صوته أمير المدينة، فسأل عنه فقيل: إنه قد مات فقال:
ما زال يلهج بالرحيل وذكره ... حتى أناخ ببابه الجمال
وكان يزيد الرقاشي يقول لنفسه: (ويحك يا يزيد! من ذا يصلي عنك بعد الموت؟ من ذا يصوم عنك بعد الموت؟ من ذا يترضى ربك عنك بعد الموت؟ ثم يقول: أيها الناس! ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي حياتكم؟مَن الموت طالبه .. والقبر بيته .. والتراب فراشه .. والدود أنيسه .. وهو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر .. كي يكون حاله؟ ) ثم يبكي رحمه الله.
بينا الفتى مرح الخطا فرح بما ... يسعى له إذ قيل قد مرض الفتى
إذ قـيـل بـات بلـيلـة مـا نامـها ... إذ قيـل أصـبـح مثخـنا مـا يرتـجى
إذ قيل أصبح شاخصا وموجها ... ومعـللا إذ قيــل أصبـح قـد مـضى
وقال التميمي: (شيئان قطعا عني لذة الدنيا: ذكر الموت، وذكر الموقف بين يدي الله تعالى).
وكان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يجمع العلماء فيتذكرون الموت والقيامة والآخرة، فيبكون حتى كأن بين أيديهم جنازة!!
وقال الدقاق: من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضى بالكفاف، والتكاسل في العبادة)
وقال الحسن: (إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم، فالتمسوا عشياً لا موت فيه)
________________________________________
موعظة
فتفكر يا مغرور في الموت وسكرته، وصعوبة كأسه ومرارته، فيا للموت من وعد ما أصدقه، ومن حاكم ما أعدله. كفى بالموت مقرحاً للقلوب، ومبكياً للعيون، ومفرقاً للجماعات، وهاذماً للذات، وقاطعاً للأمنيات.
فيا جامع المال! والمجتهد في البنيان ! ليس لك والله من مالك إلا الأكفان، بل هي والله للخراب والذهاب، وجسمك للتراب والمآب، فأين الذي جمعته من المال؟ هل أنقذك من الأهوال؟ كلا .. بل تركته إلى من لا يحمدك، وقدمت بأوزارك على من لا يعذرك.
ولقد أحسن من قال في تفسير قوله تعالى : (ولا تنس نصيبك من الدنيا) القصص: 77 هو الكفن، فهو وعظ متصل بما تقدم من قوله: (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة) القصص:77 أي اطلب فيما أعطاك الله من الدنيا الدار الآخرة وهي الجنة، فإن حق المؤمن أن يصرف الدنيا فيما ينفعه في الآخرة، لا في الطين والماء، والتجبر والبغي، فكأنهم قالوا: لا تنس أن تترك جميع مالك إلا نصيبك الذي هو الكفن.
فيا أخي الحبيب :
أين استعدادك للموت وسكرته؟
أين استعدادك للقبر وضمته؟
أين استعدادك للمنكر والنكير؟
أين استعدادك للقاء العلي القدير؟
وقال سعيد بن جبير: (الغرة بالله أن يتمادى الرجل بالمعصية، ويتمنى على الله المغفرة).
________________________________________
الأسباب الباعثة على ذكر الموت
• زيارة القبور، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة) أحمد وأبو داود وصححه الألباني.
• زيارة مغاسل الأموات ورؤية الموتى حين يغسلون.
• مشاهدة المحتضرين وهن يعانون سكرات الموت وتلقينهم الشهادة.
• تشييع الجنائز والصلاة عليها وحضور دفنها.
• تلاوة القرآن، ولا سيما الآيات التي تذكر بالموت وسكراته كقوله تعالى: (وجاءت سكرة الموت بالحق) ق: 19
• الشيب والمرض، فإنهما من رسل ملك الموت إلى العباد.
• الظواهر الكونية التي يحدثها الله تعالى تذكيراً لعباده بالموت والقدوم عليه سبحانه كالزلازل والبراكين والفيضانات والانهيارات الأرضية والعواصف المدمرة.
• مطالعة أخبار الماضين من الأمم والجماعات التي أفناهم الموت وأبادهم البلى.
________________________________________
سكرات الموت وشدته
أخي المسلم:
إن للموت ألماً لا يعلمه إلا الذي يعالجه ويذوقه، فالميت ينقطع صوته، وتضعف قوته عن الصياح لشدة الألم والكرب على القلب، فإن الموت قد هد كل جزء من أجزاء البدن، وأضعف كل جوارحه، فلم يترك له قوة للاستغاثة أما العقل فقد غشيته وسوسة، وأما اللسان فقد أبكمه، وأما الأطراف فقد أضعفها، ويود لو قدر على الاستراحة بالأنين والصياح، ولكنه لا يقدر على ذلك، فإن بقيت له قوة سمع له عند نزع الروح وجذبها خوار وغرغرة من حلقه وصدره، وقد تغير لونه، وأزبد، ولكل عضو من أعضائه سكرة بعد سكرة، وكربة بعد كربة، حتى تبلغ روحه إلى الحلقوم، فعند ذلك ينقطع نظره عن الدنيا وأهلها، وتحيط به الحسرة والندامة إن كان من الخاسرين، أو الفرح والسرور إن كان من المتقين.
قالت عائشة رضي الله عنها: كان بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ركوة أو علبة فيها ماء، فجعل يدخل يده في الماء، فيمسح بها وجهه ويقول: (لا إله إلا الله إن للموت سكرات) البخاري وفي لفظ أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول عند موته: (اللهم أعني على سكرات الموت) أحمد والترمذي وحسنه الحاكم. والسكرات هي الشدائد والكربات.
وتشديد الله تعالى على أنبيائه عند الموت رفعة في أحوالهم، وكمال لدرجاتهم، ولا يفهم من هذا أن الله تعالى شدد عليهم أكثر مما شدد على العصاة والمخلطين، فإن تشديده على هؤلاء عقوبة لهم ومؤاخذة على إجرامهم، فلا نسبة بينه وبين هذا.
يا كثير السيئات غداً ترى عملك، ويا هاتك الحرمات إلى متى تديم زللك؟ أما تعلم أن الموت يسعى في تبديد شملك؟ أما تخاف أن تؤخذ على قبيح فعلك؟ واعجبا لك من راحل تركت الزاد في غير رحلك!! أين فطنتك ويقظتك وتدبير عقلك؟ أما بارزت بالقبيح فأين الحزن؟ أما علمت أن الحق يعلم السر والعلن؟ ستعرف خبرك يوم ترحل عن الوطن، وستنتبه من رقادك ويزول هذا الوسن.
قال يزيد بن تميم : (من لم يردعه الموت والقرآن، ثم تناطحت عنده الجبال لم يرتدع !!
________________________________________
رسل ملك الموت
ورد في بعض الأخبار أن نبيا من الأنبياء عليهم السلام قال لملك الموت: أما لك رسول تقدمه بين يديك، ليكون الناس على حذر منك ؟ قال : نعم، لي والله رسل كثيرة: من الإعلال، والأمراض، والشيب، والهموم، وتغير السمع والبصر.
وفي صحيح البخاري عن أبى هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أعذر الله إلى امرئ بلغة ستين سنة)
وأكبر الأعذار إلى بني آدم بعثة الرسل إليهم، ليتم حجته عليهم كما قال سبحانه: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) الإسراء: 15 وقال سبحانه: (وجاءكم النذير) فاطر: 37 قيل: هو القرآن وقيل: الرسل وقال ابن عباس: هو الشيب.
________________________________________
كيف ماتوا ؟
أخي الحبيب :
اعلم أن حسن الخاتمة لا تكون إلا لمن استقام ظاهرة وصلح باطنه، أما سوء الخاتمة فإنها تكون لمن كان له فساد في العقل، أو إصرار على الكبائر، وإقدام على العظائم، فربما غلب عليه ذلك حتى ينزل به الموت قبل التوبة، أو يكون مستقيماً ثم يتغير عن حاله، ويخرج عن سننه، ويقبل على معصية ربه، فيكون ذلك سبباً لسوء خاتمته، والعياذ بالله .
________________________________________
صور من سوء الخاتمة
قيل لرجل عند الموت: قل لا إله إلا الله، وكان سمساراً، فأخذ يقول: ثلاثة ونصف.. أربعة ونصف.. غلبت عليه السمسرة.
وقيل لآخر: قل لا إله إلا الله، فجعل يقول: الدار الفلانية أصلحوا فيها كذا وكذا، والبستان الفلاني أعملوا فيه كذا، حتى مات.
وقيل لأحدهم وهو في سياق الموت: قل لا إله إلا الله، فجعل يغني، لأنه كان مفتوناً بالغناء، والعياذ بالله.
وقيل لشارب خمر عند الموت: قل لا إله إلا الله، فجعل يقول: اشرب واسقني نسأل الله العافية.
________________________________________
صور من حسن الخاتمة
دخل صفوان بن سليم على محمد بن المنكدر وهو في الموت فقال له: يا أبا عبد الله! كأني أراك قد شق عليك الموت، فما زال يهون عليه ويتجلى عن وجه محمد، حتى لكأن وجهه المصابيح، ثم قال له: لو ترى ما أنا فيه لقرت عينك، ثم مات .
وقال محمد بن ثابت البناني: ذهبت ألقن أبي وهو في الموت فقلت: يا أبت! قل لا إله إلا الله. فقال: يا بني، خل عني، فإني في وردي السادس أو السابع!!
ولما احتضر عبد الرحمن بن الأسود بكى . فقيل له: مم البكاء؟ فقال: أسفاً على الصلاة والصوم، ولم يزل يتلو القرآن حتى مات .
وسمع عامر بن عبد الله المؤذن وهو في مرض الموت فقال: خذوا بيدي إلى المسجد، فدخل مع الإمام في صلاة المغرب، فركع ركعة ثم مات رحمة الله.
________________________________________
الحمد لله الذي كتب على عباده الموت والفناء، وتفرد سبحانه بالحياة والبقاء، والصلاة والسلام على من ختمت به الرسل والأنبياء وعلى آله وأتباعه إلى يوم اللقاء .
فإن الموت لا ريب فيه، ويقين لا شك فيه (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) (ق:19). فمن يجادل في الموت وسكرته؟! ومن يخاصم في القبر وضمته؟! ومن يقدر على تأخير موته وتأجيل ساعته؟! (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) (الأعراف 34).
فلماذا تتكبر أيها الإنسان وسوف تأكلك الديدان؟!
ولماذا تطغى وفي التراب ستلقى ؟!
ولماذا التسويف والغفلة وأنت تعلم أن الموت يأتي بغتة ؟!
(كل نفس ذائقة الموت) آل عمران:185 (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) الرحمن: 26-27 (كل شيء هالك إلا وجه له الحكم وإليه ترجعون) القصص:88.
________________________________________
حقيقة الموت
أخي المسلم:
يخطئ من يظن أن الموت فناء محض وعدم تام، ليس بعده حياة ولا حساب ولا حشر ولا نشر ولا جنة ولا نار . إذ لو كان الأمر كذلك لا نتفت الحكمة من الخلق والوجود، ولاستوى الناس جميعاً بعد الموت واستراحوا، فيكون المؤمن والكافر سواء، والقاتل والمقتول سواء، والظالم والمظلوم سواء، والطائع والعاصي سواء، والزاني والمصلي سواء، والفاجر والتقي سواء، وهذا مذهب الملاحدة الذين هم شر من البهائم، فلا يقول ذلك إلا من خلع رداء الحياء، ونادى على نفسه بالسفه والجنون. قال تعالى: (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير) التغابن:7 وقال سبحانه: (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم) يس 78،79
ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت غاية كل حي
ولكنا إذا متنا بعـثنا ونسأل بعده عن كل شيء
فالموت هو انقطاع تعلق الروح بالبدن، ومفارقتها له، والانتقال من دار إلى دار، وبه تطوى صحف الأعمال،و تنقطع التوبة والإمهال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر). الترمذي وابن ماجة وصححه الحاكم وابن حبان.
________________________________________
الموت أعظم المصائب
والموت من أعظم المصائب، وقد سماه الله تعالى مصيبة في قوله سبحانه: (فأصابتكم مصيبة الموت) المائدة: 106 فإذا كان العبد طائعاً ونزل به الموت ندم أن لا يكون ازداد وإذا كان العبد مسيئاً تدم على التفريط وتمنى العودة إلى دار الدنيا، ليتوب إلى الله تعالى، ويبدأ العمل الصالح من جديد. ولكن هيهات هيهات!! قال تعالى : (وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين) فصلت: 24 وقال سبحانه (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب أرجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) المؤمنون: 99-100.
________________________________________
عبرة الموت
يروى أن أعرابياً كان يسير على جمل له، فخر الجمل ميتاً، فنزل الأعرابي عنه، وجعل يطوف به ويتفكر فيه، ويقول: ما لك لا تقوم؟
مالك لا تنبعث؟
هذه أعضاؤك كاملة !!
وجوارحك سالمة !!
ما شأنك ؟
ما الذي كان يحملك ؟
ما الذي صرعك ؟
ما الذي عن الحركة منعك ؟
ثم تركه وانصرف متعجباً من أمره، متفكراً في شأنه!!
قال ابن السماك: (بينما صياد في الدهر الأول يصطاد السمك، إذ رمى بشبكته في البحر، فخرج فيها جمجمة إنسان، فجعل الصياد ينظر إليها ويبكي ويقول:
عزيز فلم تترك لعزك !!
غني فلم تترك لغناك !!
فقير فلم تترك لفقرك !!
جواد فلم تترك لجودك !!
شديد لم تترك لشدتك !!
عالم فلم تترك لعلمك !! يردد هذا الكلام ويبكي
________________________________________
أذكروا هاذم اللذات
أخي الكريم :
حث النبي صلى الله عليه وسلم على ذكر الموت والإكثار منه، فقال عليه الصلاة والسلام : (أكثروا ذكر هاذم اللذات) الترمذي وحسنه.
قال الإمام القرطبي: (قال علماؤنا: قوله عليه السلام: «أكثروا ذكر هاذم اللذات»كلام مختصر وجيز، وقد جمع التذكرة وأبلغ في الموعظة، فإن من ذكر الموت حقيقة ذكره نغص عليه لذته الحاضرة، ومنعه من تمنيها في المستقبل، وزهده فيما كان منها يؤمل، ولكن النفوس الراكدة، والقلوب الغافلة، تحتاج إلى تطويل الوعاظ، وتزويق الألفاظ، وإلا ففي قوله عليه الصلاة والسلام: «أكثروا ذكر هاذم اللذات» مع قوله تعالى: (كل نفس ذائقة الموت)آل عمران:185 ما يكفي السامع له، ويشغل الناظر فيه.
ولقد أحسن من قال:
أذكر الموت هاذم اللذات ... وتجهز لمصرع سوف يأتي
وقال غيره:
أذكر الموت تجد راحة في ... ادكار الموت تقصير الأمل
أولئك الأكياس..
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم عاشر عشرة، فقام رجل من الأنصار فقال: يا نبي الله ! من أكيس الناس وأحزم الناس؟ قال: (أكثرهم ذكراً للموت، وأكثرهم استعداداً للموت، أولئك الأكياس، ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة) الطبراني وحسنه المنذري
________________________________________
فوائد ذكر الموت
أخي الحبيب :
وفي الإكثار من ذكر الموت فوائد منها :
• أنه يحث على الاستعداد للموت قبل نزوله.
• أن ذكر الموت يقصر الأمل في طول البقاء. وطول الأمل من أعظم أسباب الغفلة.
• أنه يزهد في الدنيا ويرضي بالقليل منها، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بمجلس وهم يضحكون فقال: (أكثروا ذكر هاذم اللذات) أحسبه قال: (فإنه ما ذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه، ولا في سعة إلا ضيقه عليه) البزار وحسنه المنذري.
• أنه يرغّب في الآخرة ويدعو إلى الطاعة .
• أنه يهوّن على العبد مصائب الدنيا .
• أنه يمنع من الأشر والبطر والتوسع في لذات الدنيا .
• أنه يحث على التوبة واستدراك ما فات .
• أنه يرقق القلوب ويدمع الأعين، ويجلب باعث الدين، ويطرد باعث الهوى.
• أنه يدعو إلى التواضع وترك الكبر والظلم.
• أنه يدعو إلى سل السخائم ومسامحة الإخوان وقبول أعذارهم.
________________________________________
أنفاس معدودة
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: خط النبي صلى الله عليه وسلم خطا مربعاً، وخط خطا في الوسط خارجاً منه، وخط خططاً صغراً إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، فقال: (هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به- أوقد أحاط به - وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا) البخاري.
وقال القرطبي: (وأجمعت الأمة على أن الموت ليس له سن معلوم ، ولا زمن معلوم، ولا مرض معلوم، وذلك ليكون المرء على أهبة من ذلك، مستعداً لذلك).
وكان بعض الصالحين ينادي بليل على سور المدينة: الرحيل الرحيل. فلما توفي فقد صوته أمير المدينة، فسأل عنه فقيل: إنه قد مات فقال:
ما زال يلهج بالرحيل وذكره ... حتى أناخ ببابه الجمال
وكان يزيد الرقاشي يقول لنفسه: (ويحك يا يزيد! من ذا يصلي عنك بعد الموت؟ من ذا يصوم عنك بعد الموت؟ من ذا يترضى ربك عنك بعد الموت؟ ثم يقول: أيها الناس! ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي حياتكم؟مَن الموت طالبه .. والقبر بيته .. والتراب فراشه .. والدود أنيسه .. وهو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر .. كي يكون حاله؟ ) ثم يبكي رحمه الله.
بينا الفتى مرح الخطا فرح بما ... يسعى له إذ قيل قد مرض الفتى
إذ قـيـل بـات بلـيلـة مـا نامـها ... إذ قيـل أصـبـح مثخـنا مـا يرتـجى
إذ قيل أصبح شاخصا وموجها ... ومعـللا إذ قيــل أصبـح قـد مـضى
وقال التميمي: (شيئان قطعا عني لذة الدنيا: ذكر الموت، وذكر الموقف بين يدي الله تعالى).
وكان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يجمع العلماء فيتذكرون الموت والقيامة والآخرة، فيبكون حتى كأن بين أيديهم جنازة!!
وقال الدقاق: من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضى بالكفاف، والتكاسل في العبادة)
وقال الحسن: (إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم، فالتمسوا عشياً لا موت فيه)
________________________________________
موعظة
فتفكر يا مغرور في الموت وسكرته، وصعوبة كأسه ومرارته، فيا للموت من وعد ما أصدقه، ومن حاكم ما أعدله. كفى بالموت مقرحاً للقلوب، ومبكياً للعيون، ومفرقاً للجماعات، وهاذماً للذات، وقاطعاً للأمنيات.
فيا جامع المال! والمجتهد في البنيان ! ليس لك والله من مالك إلا الأكفان، بل هي والله للخراب والذهاب، وجسمك للتراب والمآب، فأين الذي جمعته من المال؟ هل أنقذك من الأهوال؟ كلا .. بل تركته إلى من لا يحمدك، وقدمت بأوزارك على من لا يعذرك.
ولقد أحسن من قال في تفسير قوله تعالى : (ولا تنس نصيبك من الدنيا) القصص: 77 هو الكفن، فهو وعظ متصل بما تقدم من قوله: (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة) القصص:77 أي اطلب فيما أعطاك الله من الدنيا الدار الآخرة وهي الجنة، فإن حق المؤمن أن يصرف الدنيا فيما ينفعه في الآخرة، لا في الطين والماء، والتجبر والبغي، فكأنهم قالوا: لا تنس أن تترك جميع مالك إلا نصيبك الذي هو الكفن.
فيا أخي الحبيب :
أين استعدادك للموت وسكرته؟
أين استعدادك للقبر وضمته؟
أين استعدادك للمنكر والنكير؟
أين استعدادك للقاء العلي القدير؟
وقال سعيد بن جبير: (الغرة بالله أن يتمادى الرجل بالمعصية، ويتمنى على الله المغفرة).
________________________________________
الأسباب الباعثة على ذكر الموت
• زيارة القبور، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة) أحمد وأبو داود وصححه الألباني.
• زيارة مغاسل الأموات ورؤية الموتى حين يغسلون.
• مشاهدة المحتضرين وهن يعانون سكرات الموت وتلقينهم الشهادة.
• تشييع الجنائز والصلاة عليها وحضور دفنها.
• تلاوة القرآن، ولا سيما الآيات التي تذكر بالموت وسكراته كقوله تعالى: (وجاءت سكرة الموت بالحق) ق: 19
• الشيب والمرض، فإنهما من رسل ملك الموت إلى العباد.
• الظواهر الكونية التي يحدثها الله تعالى تذكيراً لعباده بالموت والقدوم عليه سبحانه كالزلازل والبراكين والفيضانات والانهيارات الأرضية والعواصف المدمرة.
• مطالعة أخبار الماضين من الأمم والجماعات التي أفناهم الموت وأبادهم البلى.
________________________________________
سكرات الموت وشدته
أخي المسلم:
إن للموت ألماً لا يعلمه إلا الذي يعالجه ويذوقه، فالميت ينقطع صوته، وتضعف قوته عن الصياح لشدة الألم والكرب على القلب، فإن الموت قد هد كل جزء من أجزاء البدن، وأضعف كل جوارحه، فلم يترك له قوة للاستغاثة أما العقل فقد غشيته وسوسة، وأما اللسان فقد أبكمه، وأما الأطراف فقد أضعفها، ويود لو قدر على الاستراحة بالأنين والصياح، ولكنه لا يقدر على ذلك، فإن بقيت له قوة سمع له عند نزع الروح وجذبها خوار وغرغرة من حلقه وصدره، وقد تغير لونه، وأزبد، ولكل عضو من أعضائه سكرة بعد سكرة، وكربة بعد كربة، حتى تبلغ روحه إلى الحلقوم، فعند ذلك ينقطع نظره عن الدنيا وأهلها، وتحيط به الحسرة والندامة إن كان من الخاسرين، أو الفرح والسرور إن كان من المتقين.
قالت عائشة رضي الله عنها: كان بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ركوة أو علبة فيها ماء، فجعل يدخل يده في الماء، فيمسح بها وجهه ويقول: (لا إله إلا الله إن للموت سكرات) البخاري وفي لفظ أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول عند موته: (اللهم أعني على سكرات الموت) أحمد والترمذي وحسنه الحاكم. والسكرات هي الشدائد والكربات.
وتشديد الله تعالى على أنبيائه عند الموت رفعة في أحوالهم، وكمال لدرجاتهم، ولا يفهم من هذا أن الله تعالى شدد عليهم أكثر مما شدد على العصاة والمخلطين، فإن تشديده على هؤلاء عقوبة لهم ومؤاخذة على إجرامهم، فلا نسبة بينه وبين هذا.
يا كثير السيئات غداً ترى عملك، ويا هاتك الحرمات إلى متى تديم زللك؟ أما تعلم أن الموت يسعى في تبديد شملك؟ أما تخاف أن تؤخذ على قبيح فعلك؟ واعجبا لك من راحل تركت الزاد في غير رحلك!! أين فطنتك ويقظتك وتدبير عقلك؟ أما بارزت بالقبيح فأين الحزن؟ أما علمت أن الحق يعلم السر والعلن؟ ستعرف خبرك يوم ترحل عن الوطن، وستنتبه من رقادك ويزول هذا الوسن.
قال يزيد بن تميم : (من لم يردعه الموت والقرآن، ثم تناطحت عنده الجبال لم يرتدع !!
________________________________________
رسل ملك الموت
ورد في بعض الأخبار أن نبيا من الأنبياء عليهم السلام قال لملك الموت: أما لك رسول تقدمه بين يديك، ليكون الناس على حذر منك ؟ قال : نعم، لي والله رسل كثيرة: من الإعلال، والأمراض، والشيب، والهموم، وتغير السمع والبصر.
وفي صحيح البخاري عن أبى هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أعذر الله إلى امرئ بلغة ستين سنة)
وأكبر الأعذار إلى بني آدم بعثة الرسل إليهم، ليتم حجته عليهم كما قال سبحانه: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) الإسراء: 15 وقال سبحانه: (وجاءكم النذير) فاطر: 37 قيل: هو القرآن وقيل: الرسل وقال ابن عباس: هو الشيب.
________________________________________
كيف ماتوا ؟
أخي الحبيب :
اعلم أن حسن الخاتمة لا تكون إلا لمن استقام ظاهرة وصلح باطنه، أما سوء الخاتمة فإنها تكون لمن كان له فساد في العقل، أو إصرار على الكبائر، وإقدام على العظائم، فربما غلب عليه ذلك حتى ينزل به الموت قبل التوبة، أو يكون مستقيماً ثم يتغير عن حاله، ويخرج عن سننه، ويقبل على معصية ربه، فيكون ذلك سبباً لسوء خاتمته، والعياذ بالله .
________________________________________
صور من سوء الخاتمة
قيل لرجل عند الموت: قل لا إله إلا الله، وكان سمساراً، فأخذ يقول: ثلاثة ونصف.. أربعة ونصف.. غلبت عليه السمسرة.
وقيل لآخر: قل لا إله إلا الله، فجعل يقول: الدار الفلانية أصلحوا فيها كذا وكذا، والبستان الفلاني أعملوا فيه كذا، حتى مات.
وقيل لأحدهم وهو في سياق الموت: قل لا إله إلا الله، فجعل يغني، لأنه كان مفتوناً بالغناء، والعياذ بالله.
وقيل لشارب خمر عند الموت: قل لا إله إلا الله، فجعل يقول: اشرب واسقني نسأل الله العافية.
________________________________________
صور من حسن الخاتمة
دخل صفوان بن سليم على محمد بن المنكدر وهو في الموت فقال له: يا أبا عبد الله! كأني أراك قد شق عليك الموت، فما زال يهون عليه ويتجلى عن وجه محمد، حتى لكأن وجهه المصابيح، ثم قال له: لو ترى ما أنا فيه لقرت عينك، ثم مات .
وقال محمد بن ثابت البناني: ذهبت ألقن أبي وهو في الموت فقلت: يا أبت! قل لا إله إلا الله. فقال: يا بني، خل عني، فإني في وردي السادس أو السابع!!
ولما احتضر عبد الرحمن بن الأسود بكى . فقيل له: مم البكاء؟ فقال: أسفاً على الصلاة والصوم، ولم يزل يتلو القرآن حتى مات .
وسمع عامر بن عبد الله المؤذن وهو في مرض الموت فقال: خذوا بيدي إلى المسجد، فدخل مع الإمام في صلاة المغرب، فركع ركعة ثم مات رحمة الله.
عمر بابكر عمر صديق احمد- عضو رائع
- عضو نشيط
احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 240
نقاط : 25324
تاريخ التسجيل : 17/05/2011
رد: الموت خير واعظ
نفعنا الله واياك بما قدمت فهذه تذكرة كبرى مابعدها تذكير
اللهم عفوك ورضاك وان ترزقنا حسن الخاتمة
اللهم عفوك ورضاك وان ترزقنا حسن الخاتمة
عباس محمد- مشرف
- مشرف منتدى شعراء المناصير
احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 2245
نقاط : 30702
تاريخ التسجيل : 27/07/2010
العمر : 51
مواضيع مماثلة
» القيامة وأهوالها أجارنا الله منها
» شنق طالب حتى الموت !!!!!!!!!!!!
» هادم اللذات
» على فراش الموت
» رحلة الموت !
» شنق طالب حتى الموت !!!!!!!!!!!!
» هادم اللذات
» على فراش الموت
» رحلة الموت !
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى