لاتطلبو الدنيا
صفحة 1 من اصل 1
لاتطلبو الدنيا
بسم الله الرحمن الرحيم
لا تطلبوا الدنيا
لا تطلبوا الدنيا
رَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال "عَجِبْتُ
لِطَالِبِ الدُّنْيَا وَالْمَوْتُ يَطْلُبهُ وَعَجِبْتُ لِغَافِلٍ
وَلَيْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ وَعَجِبْتُ لِضَاحِكٍ مِلْءَ فِيهِ وَلا
يَدْرِي أَرُضِيَ عَنْهُ أَمْ سُخِطَ" في هَذَا الْحَديثِ تَحْذِيرٌ
مِنْ طَلَبِ الدُّنْيَا مَعَ الْغَفْلَةِ عَنِ الاشْتِغَالِ لأَمْرِ
الآخِرَةِ وَأَنَّ الْمُؤْمِنَ يَنْبَغي أَنْ يَشْتَغِلَ بِطَاعَةِ اللهِ
وَيَكُونَ بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ، يَرْجُو رَحْمَةَ اللهِ
وَيَخَافُ عِقَابَهُ.
وَقَدْ قَالَ صَلى الله عليه وسلم "قالَ اللهُ تعالى: يا دُنْيَا مَنْ خَدَمَني فَاخْدُميهِ وَمَنْ خَدَمَكِ فَأَتْعِبيهِ"
فَمَنِ اشْتَغَلَ في الدُّنْيا وَغَفَلَ عَنِ الآخِرَةِ يَتْعَبُ، أَمَّا
مَنِ اشْتَغَلَ بِطَاعَةِ اللهِ فَاتَّقَى اللهَ فَهُوَ الَّذي سَيَرْتَاحُ بعد الموت، قَالَ اللهُ تعالى "وَمَنْ يَتَّقِ الله يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب".
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلم "قالَ
اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يا ابْنَ ءادَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتي أَمْلأْ
صِدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقْرَكَ وَإِلا تَفْعَلْ مَلَأتُ يَدَكَ شُغْلاً
وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ" فَمَنِ اشْتَغَلَ بِطَاعَةِ اللهِ مَلَأَ اللهُ قَلْبَهُ غِنًى مَعْنَوِيًّا وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا مِنْ حَيْثُ الْمَالُ.
قَالَ الإمامُ التَّابِعيُّ الْحَسَنُ الْبِصْرِيُّ "مِسْكِينٌ
أَيُّهَا الإنْسَانُ مَحْتُومُ الأَجَلِ مَكْتُومُ الأَمَلِ مَسْتُورُ
الْعِلَلِ تَتَكَلَّمُ بِلَحْمٍ وَتَنْظُرُ بِشَحْمٍ وَتَسْمَعُ بِعَظْمٍ،
أَسِيرُ جُوعِكَ صَرِيعُ شِبَعِكَ، تُؤذِيكَ الْبَقَّةُ وَتُنْتِنُكَ
الْعَرْقَةُ وَتَقْتُلُكَ الشَّرقَةُ، وَلا تَمْلِكُ لِنَفْسِكَ نَفْعًا
وَلا ضَرًّا وَلا مَوْتًا وَلا حَيَاةً وَلا نُشُورًا" مَعْنَاهُ أَنَّ
الإنْسَانَ أَجَلُهُ لا يَتَغَيَّرُ وَلا يَعْلَمُ مَا سَيَكُونُ مِنْ
شَأنِهِ في الْمُسْتَقْبَلِ، وَكَثِيرا مَا تَكُونُ في جِسْمِهِ عِلَلٌ
مَسْتُورَةٌ وَهُوَ ضَعيفٌ، لِسَانَهُ مِنْ لَحْمٍ وَعَيْنُهُ مِنْ شَحْمٍ
وَسَمْعُهُ بِالْعِظَامِ الصَّغِيرَةِ، يُتْعِبُهُ الْجُوعُ وَكَثِيرٌ مَا
يُهْلِكُهُ الشِّبَعُ، وَتُؤذِيهِ الْحَشَرَاتُ الصَّغِيرَةُ وَتُنْتِنُهُ
رَائِحَةُ الْعَرَقِ وَقَدْ يَمُوتُ بِشَرقَةٍ، وَالشَّرَقَةُ
بِفَتْحَتَيْنِ الْغُصَّةُ.
وَقِيلَ لِلْحَسَنِ الْبِصْرِيِّ نُرِيدُ مِنْكَ وَصِيَّةً قَالَ "دِرْهَمٌ مِنْ حلالٍ وَأخٌ في اللهِ وجَنَّبَكَ اللهُ الأَمَرَّيْنِ وَوَقَاكَ شَرَّ الأجْوَفَيْنِ"
فَخَيْرٌ لِلإنْسَانِ أَنْ يَقْنَعَ بِالْحَلالِ وَإِنْ قَلَّ لأَنَّ
الْحَرَامَ عَاقِبَتُهُ وَخِيمَةٌ وفي ذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُم "لا خَيْرَ في لَذَّةٍ مِنْ بَعْدِهَا النَّارُ"، وَالأَمَرَّانِ هُمَا الْفَقْرُ وَالْهَرَمُ، وَالأجْوَفَانِ هُمَا الْبَطْنُ وَالْفَرْجُ.
وَقَالَ الإمام ابن الجوزيّ رحمه الله تعالى في كتابهِ "صيدُ الخاطر: "مَنْ تَفَكَّرَ في عَواقِبِ الدُّنيا أَخَذَ الْحَذَر، وَمَنْ أَيْقَنَ بِطُولِ الطَّرِيقِ تَأهَّبَ لِلسَّفَر" وقال: "ما
أَعْجَبَ أَمْركَ يا مَنْ يوقِنُ بَأمْرٍ ثُمْ يَنْسَاه، ويَتَحَقَّقُ
ضَرَرَ حالٍ ثُمَّ يَغْشَاه، وتَخْشَى النَّاسَ واللهُ أَحَقُّ أَنْ
تَخْشَاه، تَغْلِبُكَ نَفْسُكَ على مَا تَظُنّ، ولا تَغْلِبُهَا على ما
تَسْتَيْقِن، مِنْ أعْجَبِ العَجائِبِ سُرُورُكَ بِغُرُورِكَ، وَسَهْوُكَ
عَنْ لَهْوِكَ، وَقَدْ شَغَلَكَ نَيْلُ لَذَّاتِكَ عَنْ ذِكْرِ خَرَابِ
ذَاتِكَ".
بلامرسي- عضو جديد
-
احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 15
نقاط : 26190
تاريخ التسجيل : 02/08/2010
العمر : 42
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى