مرثية إعرابى لكلبه

موسى ود عاشميق اشتهر وسط الأهالى بوفائه لكلبه الذى يسميه (الزمان) كان بالنسبة رفيق العمر الذى لا يخون ولايغيب، ولا تغفل عينه عن الحراسة والترقب وجمال الصحبة .. وحدث أن تعرّض للكلب لرجل ضيق الخلق فما كان منه إلا أن أصابه بضربة عكاز قوية على رأسه أودت بحياته .. لم يكن ود عاشميق حضوراً للحادثة ، ولكنه عندما عاد فوجئ بكلبه الوفى صريعاً .. وأحس بغصّة تسد حلقه ، وانتابته مشاعر متقاربة مابين الغضب والغيظ والفجيعة والإحباط, والرجل كان لايخلو من قريحة شعرية تستحلب القريض لساعته كعادة أهل السودان , ونظراً لأن من خصائص الشعر الشعبى السودانى إستنزال اللعنات على المغضوب عليه , أرادها ود عاشميق قوية مزلزلة على قاتل كلبه المجهول حتى تلك اللحظة :

الكتل الزمان الله لا رتالو .. الكتل الزمان إشّاقى فى حالو
إن بِقى فى الصغار .. ختفو الملَك شالو
إن بقى فى الكُبار .. مايربّى جهّالو
الدنيا العبوس .. تاخد خِيا مالو
أمّو ديك فوق قلعة فارشالو
حبوبتو ديك سنتين مكوفتالو

ثم يعرج الى ذكر مناقب كلبه الفقيد ويشيد بحسن ادبه واصله وتربيته فى ما يشبه الرثاء:
دا كلبى (الزمان) المنسَل من أمو لى خالو .. دا كلبى الزمان الما بفتح ماعون مغتّالو ..

وتأخذه العبرة قيسكت قليلاً ثم يتمتم : دا (راس الخُرُج) وباقى الجراب مليان ..

وهنا سمع قاتل القصة بما يدور وبأن الرجل يستمطر عليه لعنات لا ترد , فأتى مسرعاً واعتذر الى صاحب الزمان المغدور واستعفاه فعفى عنه