وزير تَاعْ لِعِبْ وزير تَاعْ كَلامْ!!

على أيام حكومة عبود رحمه الله في الفترة ما بين عام 1958 و 1964 كان هناك برنامج إذاعي يومي مشهور جداً يقدم في الظهيرة اسمه برنامج ركن الجنوب.. ويبدو أن المذيع الذي يقدم ذلك البرنامج كان يستعمل لغة عربي جوبا على الرغم من أنه ليس جنوبي الهوية.. ولكن يستطيع توصيل المعلومة بصورة سهلة وسلسلة «زي الاتصال» كان عليه أن يستعمل كلمة «تاع» فاصلة بين كل كلمة وأخرى حتى يبدو الحديث وكأنه جنوبي الهوية، ومع كل ذلك فلم تكن الوحدة جاذبة منذ ذلك الزمان..
والمذيع كان يريد أن ينقل للمستمعين خبراً رياضياً مفاده أن السيد وزير الرياضة في ذلك الحين وكان أحد كبار العسكريين من أعضاء مجلس قيادة ثورة نوفمبر «الظافرة والمستقرة أبداً بإذن الله» على حد قول مؤيدها بمن فيهم فنان الثورة المشهور الذي جاء بالنشيد الذي يقول: «في سبعطاشر هب الشعب طرد جلادو».. والمذيع كان عليه أن يشير في الخبر إلى أن السيد وزير الرياضة قد سافر مع وفد اللاعبين من الفريق القومي للمنافسة في أحد الكاسات المطروحة لمنافسة إقليمية ..
وصديقنا أضطر على طريقة عربي جوبا أن يقول: «أمبارح سافر وزير تاع لعب مع أولاد تاع لعب عشان همن يعملتو لعب في كاس تاع كورة تاع لعب».. ويبدو أن الويزر لم تعجبه حكاية «وزير بتاع لعب» حيث طالب بفصل المذيع المذكور فوراً ومنذ ذلك اليوم لم يشرف الإذاعة..
وصديقنا أحمد المصطفى «تاع جريدة تاع انتباهة» اقترح أن يكون هناك «وزير تاع كلام» يكون عمله محصوراً في الكلام على غرار «وزير تاع لعب».. وأخونا أحمد صاحب عمود «استفهامات» المقروء صعد بالأمر إلى درجة أكبر واقترح توسيع المهمة لتشمل أكثر من وزير واحد، بل صعوبة أكثر إلى اقتراح أن تكون هناك حكومة «عديل كده» تسمى «حكومة تاعة كلام» يكون همها وواجبها أن تتكلم .. فقط وأن تملأ الأرض كلاماً مثلما ملئت منشآت وكباري وشوارع زلط.. وبالطبع في هذه الحالة سوف يكون عندنا حكومتان.. إحداهما الحكومة الرسمية «بتاعة الشغل الجدجد» وهي التي تقوم بترتيب قضايا الاقتصاد والمعايش والتجارة والأمن والتنمية والبناء والتشييد. والحكومة الأخرى هي «حكومة تاعة كلام» وهي التي تتكلم في «الفارغة والمقدودة» ولا تترك شاردة ولا واردة ولا مناسبة إلا وحشرت أنفها فيها...
وأخونا أحمد يرى أن حكومة «تاعة كلام ولعب» يمكن أن يستوعب بها كل أهل المعارضة من الذين لا زالت عندهم بقية من الكلام.. ونكون بهذا قد قمنا بتوسيع قاعدة الحكم واستوعبنا كل كفاءات المعارضة.. حتى الشيوعين منهم.. ويمكن أن يتم تعيين أكثرهم كلاماً ليتم تنصيبه رئيساً للوزراء في حكومة «تاعة كلام».. وعلى الدولة «وحكومة الجدجد» أن تتكفل لهذه الحكومة «تاعة الكلام» الفرعية بتوفير صالات وقاعات وصوالين للكلام وعليها تجهيز المايكروفنات و«الساوند سيستم» والذي منو..
وتقوم الدولة بفتح الصالات منذ الصباح الباكر ويومياً ولا تغلقها حتى في الاجازات الرسمية ويوم الجمعة ويم العيد لأن السيد رئيس الوزراء «تاع حكومة تاعة كلام» ربما يرغب في الكلام ليل نهار ودون توقف.. ويرى أخونا أحمد أن هذه «التسوية» السياسية الشاملة سوف تكون كافية لإرضاء طموحات المعارضة التى لا جديد لديها لتقديمه للجمهور غير الكلام الفارغ.. وبالطبع يكون من الأفضل لو تطور أمر «حكومة تاع لعب» وأفردت لها قناة تلفزيونية خاصة تقوم ببث أخبارها وكلامها ساعة بساعة ودقيقة بدقيقة، وهذا يسهل على الحكومة الأصلية أن تهتم بما يفيد البلاد والعباد..
وبهذه الطريقة نكون قد ضربنا عصفورين بحجر واحد، والعصفور الأول إننا وسعنا قاعدة المشاركة في الحكم، والعصفور الثاني إنا قد شغلنا «حكومة تاعة كلام» بما تعرفه من فنون وألعاب، وعصفور ثالث غير العصفورين الأول والثاني هو إننا أعطينا «الحكومة التنفيذية» «تاعة جدد» الوقت والجهد للعمل. وبهذه المناسبة أشكر أخونا أحمد «تاع استفهامات» الذي تنازل لي عن بلورة فكرة «حكومة تاعة كلام» وطرحها للجمهور في مقابل أن أدفع له مبلغ خمسين جنيهاً «بالجديد»، ونظراً لأنني معجب «بحكومة تاعة كلام» فسوف أعطيه كلاماً كثيراً بما تعادل قيمته خمسين ألف جنيه بالقديم.
(منقول )