المناصير بلدي
الزائر الكريم مرحبا بك في منتدى المناصير بلدي
ان لم تكن مسجلا فيرجى الضغط على زر التسجيل وملء بياناتك لقبول عضويتك

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

المناصير بلدي
الزائر الكريم مرحبا بك في منتدى المناصير بلدي
ان لم تكن مسجلا فيرجى الضغط على زر التسجيل وملء بياناتك لقبول عضويتك
المناصير بلدي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الغرباء الأولون

اذهب الى الأسفل

الغرباء الأولون  Empty الغرباء الأولون

مُساهمة من طرف ياسر سليمان النافعابي السبت 29 يناير 2011, 3:11 pm

الغرباء الأولون
القسم الأول
الشيخ سلمان بن فعد العوده
معاني الغربة – عموماً –

اولاً:المعاني اللغوية

للغربة معاني عدة:

يرجع اشتقاق كلمة ((الغربه)) الى مادة غ ر ب الثلاثيه وهي أصل صحيح ومادة واسعه جدا ذكر صاحب القاموس لأحد تصريفاتها أربعة وعشرين معنى واستدرك عليه شارح القاموس محمد مرتضى الزبيدي عشرة معان لم يذكرها، فصار مجموعها أربعة وثلاثين معنى

واذا كانت هذه المعاني لتصريف واحد فما بالك بسائر ما يتفرع عن الماده؟

أما كلمة ((الغربه)) فتطلق على معان عده

منها النوى والبعد، يقال: اغترب غربة، إذا بعد، ونوى غربة: بعيدة

ومما يقرب هذا المعنى النزوح عن الوطن والاغتراب، يقال: رجل غرب – بضم الغين والراء – وغريب أي بعيد عن وطنه، والجمع غرباء

ويقرب منهما : الغريب بمعنى انه ليس من القوم

وتطلق على الغمةض والخفاء وعدم الشهرة، ومنه غريب الحديث: أي خفية الذي لا يظهر مهناه واغرب: أتى بالغريب

وتطلق على الذهاب والتنحي عن الناس، يقال: غرب عنا، يغرب غربا وهذه المعاني الخمسة يوجد بينها معنى مشترك تدور حوله معظم استعمالات هذه الكلمة.

والذي جمع هذه المعاني ان غربة الشيىء تعني انه غير موافق كلياً او جزئياً للاشياء التي حوله لغموضه وخفائه، فالرجل الغريب هو من يكون من ثوم غير قومه، والكلمة الغريبة هي التي تختلف عن سائر الكلمات في خفائها وعدم وضوحها للناس….,وهكذا.

ثانياً: استعمالاتها في السنه النبوية:

جاء استعمال الغربة في السنة النبوية، على معاني عدة يجمعها المعنى المشترك العام ، ويشير الكاتب هنا الى معنيين متقاربين منها:

فجاءت بمعنى المقيم في غير وطنه، وبين قوم غير قومه

فعن عبدالله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: أخذ رسول الله "صلى الله عليه وسلم" بمنكبي، فقال: " كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل".

وكان ابن عمر يقول: " إذا امسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا اصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك"

فشبه " صلى الله عليه وسلم" الحال التي ينبغي ان يكون عليها المؤمن الناسك المسدد بحال الغريب الذي ليس له مسكن يؤويه، ولا بيت يكنه، وأموره كلها من المركب والمأكل والمشرب والمسكن مرقته عابره لحال غربته.

قال ابن بطال: " لما كان الغريب قابل الانبساط الى الناس، بل هو مستوحش منهم، اذ يكاد يمر بمن يعرفه .. فهو ذليل في نفسه خائف وكذلك عابر سبيل .. شبه بهما .. وفي ذلك اشارة الى الزهد في الدنيا واهذ البلغة منها والكفاف"

فألمح ابن بطال الى جانب من المعنى وهو ان المقصود تشبيه الموءمن بالغريب لقلة انبساطه الى الناس، واستيحاشه منهم، وعدم استئناسه معهم.

وهناك جانب اخر من المعنى، وهو ان الغريب المومع العودة الى الوطن لا يكاد يتعلق قلبه في شيء في بلد غربيه ، بل قلبه متعلق بوطنه الذي سيعود اليه

وكذلك المومن: شأنه مع الدنيا الا يتعلق قلبه بشيء منها، لتعلقه بدار الاخرة، التي اليها الرجعى، وفيها المستقر

وللمعنى جانب ثالث، وهو ان الغريب سالم من الرذائل التي منشوها الاختلاط بالناس والانبساط اليهم والاشتغال عن الخالق ، فهو قليل الحسد والحقد والنفاق والنزاع، قليل الوقوع في اعراض الناس، والوشاية بهم.

وهذا المعنى- الذي هو اطلاق " الغربة" على الغربة الحسية وهي مفارقة الاهل والوطن، ومساكنة قوم اخرين، قد ورد في احاديث كثيرة لا داعي لسردها هنا.

وجاءت بمعنى الاغتراب المعنوي، وهو ان يكون المرء على حال من الاستقامة ولزوم الجادة ، ومجانبه، الفتن والاهواء ، مع قلة النصير والمعين والموافق، وكثرة المنابذ والمخذل والمخالف، فيسمى صاحب هذه الحالة "غريباً " ذهاباً الى المعنى العام الذي اشير اليه قبل_ وهو عدم موافقته لمن حوله، اذا له شأن ولهم شأن ، وهو في واد وهم في واد اخر

وهذا المعنى هو المقصود في هذا البحث أصلاً وهو المفهوم من قوله " صلى الله عليه وسلم"

" إن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ "

ثانياً: حديث " بدأ الإسلام غريباً "

تخريح ودراسه

قد ورد هذا الحديث- بإختلاق سياقاته وعباراته- من طرق كثيرة جداً موصولاً ومرسلاً، ورواه عن النبي " صلعم" عدد كبير من الصحابة يربو على العشرين، وهذا تفصيل احاديثهم


عن ابن عمر عن النبي " صلى الله عليه وسلم " قال:

" إن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ. وهو يأرز بين المسجدين كما تأرز الحية في جحرها"

عن ابي هريره- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " بدأ الإسلام غريباً، وسيعود _ كما بدأ – غريباً، فطوبى للغرباء"

عن كثير بن عبدالله بن عمرو بن عوف بن زيد بن ملحة عن أبيه عن جده أن رسول الله " صلى الله عليه وسلم" قال " إن الدين ليأرز الى الحجاز كما تأرز الحية الى حجرها، وليعقلن الدين من الحجاز معقل الأروية من رأس الجبل، إن الدين بدأ غريباً ، ويرجع غريباً، فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما افسد الناس من بعدي من سنتي"

وعن عبدالله بن مسعود- رضي الله عنه – قال: قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم "إن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً، كما بدأ ، فطوبى للغرباء"

5، 6، 7، 8،- وعن ابي الدرداء، وابي امامه ، وواثلة بن الاسقع ، وانس بن مالك ان النبي "صلى الله عليه وسلم" قال:

" إن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً، قالوا: يا رسول الله ومن الغرباء؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس، ولا يمارون في دين الله، ولا يكفرون أحداً من أهل التوحيد بذنب"

9- وعن انس بن مالك – رضي الله عنه – عن رسول الله " صلى الله عليه وسلم " قال:

إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً، فطوبى للغرباء

10- وعن سعد بن ابي وقاص – رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله "صلى الله عليه وسلم" يقول:

" إن الايمان بدأ غريباً، وسيعود كما بدأ، فطوبى يومئذ للغرباء، إذا فسد الناس والذي نفس ابي القاسم بيده ليأرزن الايمان بين هذين المسجدين كما تأرز الحية في جحرها"

11- وعن جابر بن عبدالله –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم"

" إن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً، فطوبى للغرباء ، قال:ك ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس"

12- وعن عبدالله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" ذات يوم ونحن عنده :

" طوبى للغرباء، فقيل: من الغرباء يا رسول الله؟ قال: أناس صالحون ، في أناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم"

13- وعن عبدالله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – ايضا- قال: قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم"

" أحب شيء الى الله الغرباء، قيل ومن الغرباء؟ قال: الفرارون بدينهم ، يبعثهم الله – عز وجل – يوم القيامة مع عيسى بن مريم – عليه السلام"

14- وعن عبدالرحمن بن سنة انه سمع النبي " صلى الله عليه وسلم" يقول:

" بدأ الاسلام غريباً، ثم يعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء، فيل: يا رسول الله من الغرباء؟ قال: الذين بصلحون إذا فسد الناس، والذي نفسي بيده لينحازن الايمان الى المدينة كما يحوز السيل، والذي نفسي بيده ليأرزن السلام الى ما بين المسجدين كما تأرز الحية الى جحرها"

15- وعن سهل بن سعد الساعدي – رضي الله عنه –

عن النبي " صلى الله عليه وسلم" قال: " ان الاسلام بدأ غريبا ، وسيعود كما بدأ ، فطوبى للغرباء ، فقالوا: يا رسول الله من الغرباء؟ قال: الذين يصلحون عند فساد الناس"

16- وعن سلمان- رضي الله عنه – قال :

قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم" ان الاسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً"

17- وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله " صلعم"

" ان الاسلام بدأ غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ ، فطوبى للغرباء"

18- عن ابي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم"

" بدأ الاسلام غريباً، وسيعودغريبا كما بدأ فطوبى للغرباء"

19- وعن ابي موسى الاشعري – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم" لا تقوم الساعة حتى تروى الارض دماً، ويكون الاسلام غريباً"

20- وعن بلال بن مرداس الفزاري عن النبي " صلى الله عليه وسلم" " الاسلام بدأ غريباً"

21- وعن بكر بن عمرو المعاقري قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم"

" طوبى للغرباء الذين يمسكون بكتاب الله حين يترك، ويعلمون بالسنة حين تطفأ"

22- عن شريح بن عبيد قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" " إن الاسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً، فطوبى لل.غرباء، ألا إنه لا غربة على مؤمن ، والأرض ، ثم قرأ رسول الله "صلعم" ( فما بكت عليهم السماء)"4 سورة الدخان" ثم قال: إنهما يبكيان على كافر".

23- وعن الحسن ان رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال: " إن الاسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء، قالوا: يا رسول الله كيف يكون غريباً؟ قال: كما يقال للرجل في حي كذا وكذا: إنه لغريب"

فالحديث ورد من طرق كثيرة – موصولا ومرسلا – تجعله عند عدد من العلماء في عداد المشهور او المتواتر وإن ثمة الفاظ في بعض رواياته لم تثبت

معنى الحديث:

ان الغربة الواردة في هذا الحديث هي جزء من الغربة التي اشرت اليها في المعنى الثاني من كون المرء على حال من الاستقامة العلمية والعملية يقل موافقوه فيها، ويكثر مخالفوه وشانئوه، وإذا دعا الناس الى ما هو عليه قل متبعوه، وهذا ما يؤكده قوله " صلى الله عليه وسلم" حين سئل عن الغرباء" أناس صالحون، في أناس سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم "

وهذا وجه من وجوه الغربة يتمثل في قلة المعين على الخير ، وقلة المستجيب لدعوة الله، وثمة وجه اخر، وهو المشقة التي يحدها السالك في التزام الصمت وفي تجنب العثرة فإنه كلما بعد عهد الناس بالنبوة ، زاد الشر وقل الخير ، وكثرت المفاسد وقلت المصالح واصبح من العسير تحصيل المصلحة الا ومعها قدر من المفسدة، ومن العسيلا – ايضا – فعل المصلحة الراجحة لكثرة المعوقات والمثبات التي تقعد بالانسان عن ذلك .

وإذا كانت هذه الغربة جزء من معنى الغربة العام، فإنه يمكن تقسيم المعنى العام للغربة الى صورتين:

الاولى : غربة اهل الاسلام في اهل الاديان،في كل زمان ومكان فالمسلمون في الكفار هم كالشعرة البيضاء في الثور الاسود، او كالشعرة السوداء في الثور الابيض، او كالشامة في جنب البعير ، او كالرقمة في ذراع الدابة.إنهم قليل.

(( وقليل من عبادي الشكور ))

" عن عبدالله بن مسعود- رضي الله عنه – قال: كنا مع النبي " صلى الله عليه وسلم" في قبة، فقال: اترضون ان تكونوا ربع اهل الجنة؟ قلنا: نعم. قال: اترضون ان تكونوا ثلث اهل الجنة ؟ قلنا نعم قال: اترضون ان تكونوا شطر اهل الجنة ؟ قلنا: نعم قال: والذي نفس محمد بيده إني لأرجو ان تكونوا نصف اهل الجنة، وذلك ان الجنة لا يدخلها الا نفس مسلمة، وما انعم في اهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الاسود، او كالشعرة السوداء في جلد الثور الاحمر"

وهذه الحقيقة الثابته – شرعاً وقدراً – وهي قلة المؤمنين في جنب الكفار توجب للمسلم نظرة متوازنه معتدله:

فالذين يطمعون في تطهير الدنيا من الكفر والشرك مثاليون ومغرقون في التفاؤل ، بل لا يزال الصراع بين ا التوحيد والشرك قائما حتى يأتي امر الله

والذين يتخذون من هذه الحقيقة تكأة للقعود عن دعوة غير المسلمين الى الاسلام وبذل الجهد في هذا السبيل مخطئون ايضا، ومتجاهلون للحقائق الواقعية وهذه الحقيقة التي اخبر بها الرسول " صلعم " لم تمنعه ولا اصحابه من الجهر بالدعوة والتضحية في سبيلها، والصبر عليها حتى هدى الله على ايديهم من شاء من هدايته.

الثانية:هي غربة اهل السنة الصابرين عليها، المنتسبين اليها، البراء مما عداها، في اهل الاسلام.

ةغربة هؤلاء في المسلمين قد تكون في كثير من الاحيان اشد من غربة المسلمين في سائر الاديان، وكلما ازداد تمسك هذا الغريب بالسنة – علما وعملا – ازدادت غربته وقل مشاكلوه وكثر مخالفوه، فهو مسافر في طريق طويل، ذي مراحل، ومعه اصحاب، كلما قطع مرحلة انقطع بعضهم، حتى لا يكاد يواصل السير معه الا القليل.

وقد كانوا إذا عدوا قليلا فقد صاروا أقل من القليل

ويجد هذا الغريب كرب الغربة وشدتها على النفس حين يكون المنابذون له، المسفهون لرأيه، هم من إخوته في الدين!

وظلم ذوي القربى اشد مضاضة على المرء من وقع السهام

فالمسلم لا يعجب ان يحاربه الكفار، ويضعوا العقبات والاشواك في سبيله، بل العجب لو لم يفعلوا ذلك.

لكن ان يكون اخوانه في الدين هم القائمين بهذا الإيذاء… فذلك الجرح الذي لا يندمل.

ولذلك قال سفيان الثوري رحمه الله: " استوصوا بأهل السنة خيراً، فإنهم غرباء"

وقال:

" إذا بلغك عن رجل بالمشرق صاحب سنة، واخر بالمغرب، فابعث اليهما السلام، وادع لهما، ما اقل اهل السنة والجماعة"

وقال ابو بكر بن عياش:

" السنة في الاسلام اعز من الاسلام في سائر الاديان"

والامر الذي يقال في موضوع غربة الاسلام في الاديان يقال هنا، فثبوت غربة اهل السنة بين طوائف اهل القبلة لا يسوغ القعود والاستيئاس، بل يجب على اهل السنة ان يعملوا على نشر العقيدة الصحيحة والمنهج الصحيح في الاستدلال، والصورة الصحيحة للسلوك بين سائر المسلمين، وان يكون لهم كيان يرفع رايتهم في كل ارض، وان يعلنوا مسلكهم بكل وسيلة، بالكتاب والمجلة والمحاضرة والمناظرة، وأخذ زمام المبادرة في دعوة غير المسلمين الىالاسلام حين ترتسم في عقولهم الصورة الحقيقية عن الاسلام ، ولئلا يجتالهم اهل البدع ةالاهواء.

ان هذه الغربة التي ستوحد- لا محالة- هي غربى مقيدة تتفاوت بيت زمان وزمان ، ومكان ومكان وقد تشتد حتى تضيق عليهم انفسهم وقد تنفرج حتى يتنفس المؤمنون الصعداء ةتقر اعينهم بانتصار للدين والسنة.

وهذا الفهم يجعل الغريب مجاهدا في غربته حريصا على دفع الغربة عن الاسلام واهله، والسنة واهلها ما استطاع.

ولذلك يجب ان نفرق بين هذه الغربة، وبين الغربة الاخيرة المستحكمة التي تكون قبيل قيام قيام الساعة.

اذ ان الغربة الاخيرة هذه لا يكاد يوجد فيها مصلحون ولا دعاة يعصيهم من الناس اكثر ممن يطيعهم وتعم الغربة فيها انحاء الارض، حتى تترك المدينة لا يغشاها الا الهوام، وهي- من – عقر دار المسلمين ةالاسلام.

والغربة المذكورة ثلاثة انواع:

الاول:

غربة شرائع:

بحيث تصبح بعض شرائع الاسلام غريبة كالجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولذلك وصف الرسول "صلعم" الاسلام في بدايته وفي نهايته بأنه غريب.

الثاني:

غربة مكان:

وهي ان يكون الدين غريبا في بلد من البلدان ويطون اهله غرباء في ذلك البلد، بينما هم في بلد اخر اعزة ظاهرون فالغربة تكون في مكان دون مكان.

الثالث:

غربة زمان:

وهي الغربة المستحكمة المطبقة على الارض كلها بحيث يغدو الدين غريبا في زمن من الازمنة في بقاع الارض كلها كما حدث قبل بعثة النبي "صلعم"

وهذا يكون في امته "صلعم" بعد عهود عيسى عليه السلام وقبل الساعة

وقد توجد غربة بعض الشرائع دون بعض، في بعض البلدان ويكون بعضها الاخر ظاهراً معروفا.

وقد يحدث لبعض الشرائع غربة زمان بحيث تكاد ان تندرس ثم يحييها الله بالمجددين بعدما تغربت في الارض كلها.

اما ان تستحكم الغربة وتعمم الجاهلية الارض كلها قبل قبض ارواح المؤمنين فهذا لا يكون لذا وعد الله تعالى على لسان رسوله" صلعم" بأنه لا تزال في هذه الامة طائفة ظاهرة منصورة لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم حتى بأتي امر الله وهم ظاهرون على الناس.

ثالثاً: الغرباء الاولون

الفصل الاول:اسباب الغربة الاولى

الفصل الثاني: مظاهرها

الفصل الثالث: كيفية مواجهتها

اسباب الغربة:

اولاً: ضعف تأثير النبوات في جزيرة العرب

فمن ذلم ضعف تأثير النبةات في جزيرة العرب، حيث لم يبعث اليهم نبي قبل محمد" صلعم"" برسالته العامة الخاتمة منا اخبر الله تعالى عن ذلك في كتابه حيث يقول:

" ام يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما اتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون"

ويقول: " لتنذر قوما ما انذر اباؤهم فهم غافلون"

إذا ان العرب الذين بعث فيهم النبي "صلعم" لم يكونوا يدينون بدين ، ولا يدرسون كتابا من الكتب السماوية كما كانت تفعل اليهود والنصارى ، ولهذا احتج الله عليهم ببعثة محمد "صلعم" وقال:

" وهذا كتاب انزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون ان تقولوا إنما انزل الكتاب علة طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين او تقولوا لو انا انزل علينا الكتاب لكنا اهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة…" .

واما الاثار التي وصلت الى اجدادهم من تراث ابراهيم عليه الصلاة والسلام ومن تلاه من الانبياء والرسل، فقد تحولت الى رسوم حائلة دارسة، ليس فيها الا اغراء العرب بالتمسك بما هم عليه بزعم انهم على من ارث ابيهم ابراهيم عليه السلام، والانبياء بعده، حتى ان ابراهيم واسماعيل عليهما السلام قد صورهما العرب بصورة المؤيدين للعوائد والرسوم الجاهلية الوثنية.

عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: ان رسول الله صلعم لما قدم ابى ان يدخل البيت وفيه وفيه الالهة فأمر بها فأخرجت فأخرجوا صورة ابراهيم واسماعيل في ايديهما الازلام ، فقال رسول الله صلعم قاتلهم الله اما والله قد علموا انهما لم يستقسما بها قط، فدخل البيت فكبر في نواحيه ولم يصل فيه بل ادهى من ذلك وامر ان البيت- الذي هو رمز التوحيد ومقصل الانبياء جميعاً- صلعم – صار في عرف الوثنية العربية بيتاً للاصنام والانصاب حتى انه كان حوله ثلاثمائة وستون صنما.

يقول الامام ابو اسحق الشاطبي في وصف موقف العرب من دعوة التوحيد" وذلك ان الرسول صلعم بعثه الله تعالى على حين فترة من الرسل وفي جاهلية جهلاء لا تعرف من الحق رسما، ولا تقيم به في مقاطع الحقوق حكما بل كانت تنتحل ما وجدت عليه اباءها وما استخسنته اسلافها من الاراء المنحرفة والمذاهب المخترعه المبتدعه فحين قام فيهم صلعم بشيرا ونذيرا وداعيا الى الله بإذنه وسراجا منيرا فسرعان ما عارضوا معروفه بالنكر وغيروا في وجه الصواب بالافك ورموه بالطذب وهو الصادق المصدوق واتهموه بالسحر وفي علممهم انه لم يكن من اهله ولا ممن يدعيه وقالوا انه مجنون مع تحققهم بكمال عقله وبراءته من مس الشيطان واذا دعاهم الى عبادة المعبود وحده بحق لا شريك له قالوا:

" اجعل الالهة الها واحدا ان هذا لشيء عجاب"

مع الاقرار بمقتضى هذه الدعوة الصادقة" فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين"

واذا انذرهم بطشة يوم القيامة انكروا ما يشاهدون من الادله على امكانه وقالوا" أئذ متنا وكنا تراباً ذلك رجع بعيد" وإذا خوفهم نقمة الله قالوا:" اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء او ائتنا بعذاب اليم" اعتراضا على صحة ما اخبرهم به مما هو كائن لا محالة واذا جاءهم باية خارقة افترقوا في الضلاله على فرق واخترفوا فيها بمجرد العناد ما لا يقبله اهل التهدي الى التفرقة بين الحق والباطل….

فأبى عليه السلام الا الثبوت على محض الحق والمحافظة على خالص الصواب وانزل الله تعالى" قل يا ايها الكافرون لا اعبد ما تعبدون…" الى اخر السورة فنصبوا له حرب العداوة ورموه بسهام القطيعة واعلنوا عليه الحرب فاقربهم اليه نسبا كان ابعد الناس عن موالاته كابي جهل وغيره والصقهم به رحما كانوا اقسى قلوبا عليه

فأي غربة توازي هذه الغربة؟؟

ثانياُ: العصبية لتراث الاباء والاجداد:

من عادة المشركين والوثنيين: تقديس ما وجدوا عليه اباءهم واجدادهم وتحريم المساس بشيء منه اذ هو عندهم الشرع الاعظم الذي يعتبر من تردد في قبول شيء منه مسفها للسابقين مزريا بعقولهم مستكبرا عليهم غير مؤد لحقوق البر الواجب لهم فهومنسوب الى عقوقهم والسعي لإخمال ذكرهم

ولهذا كان اكبر طاغوت تحارب به دعوات الرسل والانبياء عليهم السلام هو طاغوت التقليد والعادة المتبعه قالوا:

" أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه اباءنا وتكون لكما الكبرياء في الارض وما نحن بمؤمنين"

وهذا ابراهيم عليه السلام يخاطب قومه قائلا:" ..ما تعبدون قالوا نعبد اصناما فنظل لها عاطفين قال يسمعونكم اذ تدعون او ينفعونكم او يضرون قالوا بل وجدنا اباءنا كذلك يفعلون"

ثالثا: موقف اهل الكتاب المساند للوثنية:

مما ضاعف المتاعب التي لاقاها الداعية الاول صلعم واتباعه المؤمنون ان البيئة التي بعث فيها كانت على صله ما ببعض اهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين شرقوا بالدعوة وناصبوها العداء فاهل التوراة والانجيل وورثة الكتب السماوية ينكرون دعوة محمد ويكذبونها وهم ادرى منا بالدين واعلم وهذا هذا مصدر تثبيت ودعم لموقف المشركين ويؤكد هذا ما حكاه الله في موضع اخر من شهادة اليهود للوثنيين ضد الموجدين المؤمنين

قال تعالى:" الم تر الى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هءلاء اهدى من الذين امنوا سبيلا اولئك لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا"

وقال تعالى:" الم تر الى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت" ..الى قوله تعالى" فلن تجد له نصيرا".

وهكذا يقف المنحرفون من اتباع الديانات السماوية في صف الوثنية الصريحة مناوئين للايمان حسدا من عند انفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ولقد كانوا اولى الناس ان يتبعوا الكتاب وينصروا الرسول ويكفروا بشرك العرب ولكن طبيعتهم الملتوية واطماعهم البعيده واحقادهم المتمكنه جعلتهم يدركون ان الحق ضدهم وضد اهواءهم وانهم لا يمكن ان يعيشوا الا في مستنقعات الشرك والوثنية، ةهذا هو موقفهم من الدعوة الاسلامية في هذا الزمان وكل زمان يتحالفون مع الشياطين في حربهم من اجل القضاء على الاسلام.

وبذلك يتضح دور – واهل الكتاب عامة – في فرض طوق الغربة على الاسلام حينا من الدهر ولكن يأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون.

رابعا: سيطرة الاعراف، والعوائد القبلية

حين اختار الله نبيه محمدا" صلى الله عليه وسلم " كان في الذروة من قومه ، فهو في الذؤابة من قريش ثم من بني هاشم – وهم علية – من حيث النسب كما كان " صلعم " معروفا بسمو الخلق وكرم السجايا وجميل الخصال التي كانوا يتفاخرون فيها في الجاهلية .

ولكنه لم يترأس عليهم بعد رئاسة قبلية لعوامل كثيرة تتعلق بالبيئة والسن من جهة والحكم واسرار الهية من حياطة هذه الدعوة ان يتلبس بها أي مطمع من المطامع الدنيوية، ولذلك كان من اعتراضات المشركين ان يتساءلوا عن السر في اختيار محمد " صلى الله عليه وسلم " لهذه الدعوة فهم لا يرون عليهم فضلا ولا مزية بل يرون ان فلانا وفلانا من كبار رجالات القبائل وعظائمها اولى واجدر بالرسالة – لو كانت –

" وقالوا لولا نزل هذا القران على رجل من القريتين عظيم"

بل يبلغ بهم ان يكون كل فرد منهم بمنزلة الرسول يأتيه الملك وينزل عليه الوحي وكأن احدا منهم لن يتبع احدا

" وإذا جاءتهم اية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما اوتي رسل الله الله اعلم حيث يجعل رسالته سيصيب الذين اجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون"

لقد عظمت عندهم نقوسهم وانقوا من الاتباع لبشر مثلهم. ولو كان نبيا مؤيدا بالوحي من السماء وطلبوا ان تنزل عليهم الملائكة وان يروا الله عيانا فكان عاقبتهم ان يعذبوا في الدنيا والاخرة صاغرين ويدخلوا جهنم داخرين

فال تعالى" وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا انزل علينا الملائكة او نرى ربنا لقد استكبروا في انفسهم وعتوا عتوا كبيرا"

وان كان الرسول كان من علية القوم ومشيختهم واصحاب الرئاسة فيهم هل كانوا يطيعونه ويؤمنون بالله فما كانت هذه سوى تعليلات من عندهم للبقاء على كفرهم .

خامسا: التأثير البالغ لموقف قريش على العرب

فلقد كان لرفض قريش الدعوى اثر عطيم في امتناع سائر العرب عن قبول الدعوى حتى ولو لم تبذل قريش أي مجهود في مقاومة الدعوة وتشويه صورة الداعية في نقوس الناس لان الناس كانوا يتطلعون الى موقفها وينتظرون قرارها وذلك لاسباب كثيرة:

مكانة قريش في نقوس العرب فقد كان العرب يعظمون اهل بيت الله ويمنحونهم الاجلال والاكبار لقيامهم على البيت ، كما كانت في قريش زعامات تحمي المظلوم وتعين المحتاج وتمنع الظالم ولذلك فإن العرب كانت تتربص باسلامها اسلام هذا الحي من قريش فلما رأت صدودهم عن الدعوى انصرفت عنها ولم تأبه لها.

تأثير المكانة الخاصة التي تبوأتها قريش عند العرب ان الرسول عليه السلام كان من قريش نفسها وكان منطق العرب يقول ان الفبيلة اعلم وادرى بصاحبها واخبر بشأنه فلم نكم لنفتات عليهم فيه

ج- فلقد كان زعماء قريش ليتدارسوا ما يقولون في شأن هذا القران وما يقابلون به وقود العرب القادمين الى مكة في الموسم ويحاولون ان يتفقوا على كلمة واحدة في شأن هذا القران

قال تعالى" ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع ان ازيد كلا انه كان لاياتنا عنيدا سأرهقه صعودا انه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم ادبر واستكبر فقال ان هذا الا سحر يؤثر ان هذا الا قول البشر "

ولم تكتف قريش ببث الشائعات ةاطلاقها من مكة بل كانت تلاحق الداعي المختار " صلى الله عليه وسلم " حيثما ذهب وتجند من سفهائها من ذوي الاحلام الطائشة والنفوس الموتورة ليسيئوا الى النبي "صلعم" ويشوهوا سمعته بين القبائل كيلا يجرؤ احد على ايوائه اة اتباعه.

تن هذه لهي الغربة الخقيقية تحكم خناقها على الداعية الاول" صلى الله عليه وسلم" ثم على من معه من القلة المستضعفة بمكة وما حولها بأيدي الاقربين قبل الاباعد، وهم كانوا اولى الناس بقبول الدعوة وحمايتها.

سادسا: وقوع المؤمنين تحت سلطة الكفار من قومهم

وامام كل ذلك الطيد الجاهلي الدائب كان يقف الرسول "صلعم" اعزل من كل سلاح الا سلاح الايمان بالله والثقة بوعده اعزل من قوة الا قوة العزيمة والاصرار والمضاء والتصميم.

ولم يكن يملك "صلى الله عليه وسلم" ان يدفع اتباعه المستضعفين شيئا من العذاب الذي ينزله بهم قومهم دون رحمة ولا هوادة اذا كان اتباعه – مع قلتهم – افرادا متفرقين من قبائل شتى فكانوا يشاركونه " صلعم " غربته ويقاسمونه مصاعبها فلا يملكون – في كثير من الاحيان- ان يعلنوا اسلامهم فضلا عن ان يدعوا اليه فكانوا غرباء في قبائلهم وبين قومهم وكان قائدهم- صلى الله عليه وسلم- هو الاخر غريبا في قبيلته وبين قومه.

وقد وجد النبي " صلى الله عليه وسلم" نفسه مضطرا ازاء ايذاء المشركين واشطهادهم ان يبحث عن حل مؤقت يحمي اتباعه من الفتنة والتنكيل ومن هنا جاءت الهجرة الى الحبشة، وكان هذا نوع من الاستفادة من بعض الظروف والفرص السياسية في تحقيق مكاسب للدعوى وفي تجاوز بعض الصعوبات التي تواجه اصحابها ، ولكن اضطرار الرسول عليه السلام الى هذا الامر كان ناتجا عن عدم مستقر للدعوة يأوي اليه المهاجرون فكان اغترابهم اغترابا حسيا مع تمتعهم بالحرية الدينية وسلامتهم من الاذى حتى يأذت الله بإعزاز الاسلام وقيام دولته .

لهذه الاسباب ولغيرها واجه الرسول –صلعم – واصحابه ودعوته غربة شديدة مستحكمة في مطلع الدعوة تمثلت في مظاهر شتى.



ياسر سليمان النافعابي
ياسر سليمان النافعابي
عضو جديد
عضو جديد

الأوسمة الغرباء الأولون  E8s7dt

احترام قوانين المنتدى : 100

عدد المساهمات : 37
نقاط : 25535
تاريخ التسجيل : 02/01/2011
العمر : 44

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى