الحياة رحلة كفاح

تعبٌ كلها الحياة فما **** أعجب إلا من راغبٍ في ازديادِ!

هكذا كانت نظرة أبي العلاء المعري للحياة . وهذه هي الحقيقة , فكل مافي الحياة تعب. فلامجد دون تعب, ولاتولدالإنجازات فجأة , لكنها ثمرة جهدٍ ومثابرة. طرق الحياة ملىء بالصعاب , وبالمتاعب, لن ترى حلماً ترجوه , وتأمل تحقيقه ؛إلا ودونه عوائق كثيرة ؛ وقبله طرق وعرة , وحصون مغلقة لا تنفتح بسهولة ؛ بل تحتاج إلى صبر وكفاح ؛ هذه الحصون! لاتنكسر إلا أمام إصرار المرء وقوة إرداته.

يخطيء البعض حينما يتصور أن النجاح في شؤون الحياة المختلفة شيء سهل ؛ يتحقق دون ضريبة تدفع . هذا التصور الخاطيء , إنما يعطل الفكر , ويعيق العقل عن الانجاز , ويدمر عزيمة الإنسان .

إن الحياة رحلة كفاح , تحديات ومكاره . وهي مراحل لايمكن للمرء أن يدرك مرحلة ماإلا بعدما يتجاوز ماقبلها من مراحل!.

إن من ينظر إلى الحياة من زاوية ضيقة هي (زاوية التعب)لن يرى إلا الجانب السيء , لن يدرك إلا الجانب المؤلم . لكن الإنسان الذي يبحر في الحياة يتعرف على أشكال أخرى للحياة . يواجه الصعاب , يواجه المكاره ؛ يتغلب عليها مكتشفاً وصفاتٍ عديدة ؛ لكسر الصعاب والتغلب عليها . يكتسب الخبرة والقدرة على مواجهة الأحداث والمكاره , ويتعرف على كيفية علاجها . وهذه الممارسة الحياتية , وهذه التجارب الواقعيةتمنحه القوة على مواجهة الحياة المتعبة التي وصفها المعري , ليكتشف جانباً جميلاً في الحياة ؛ خلفه جوانب أخر ى جميلة ..

إذن الحياة تجارب وممارسة , لايدركها من يقبع في داره ؛ خلف تلك الأوهام التي أطلقها "أبو العلاء المعري " ومن يفعل , أو يقتنع بنظرة "المعري" للحياة , فإنه سيظل ينظر للحياة من جانب السوء والمعاناة والتعب . ولاشك أن الحياة معاناة وكفاح و ومن يتأملها يجد الجانب المظلم أكثر من المشرق ؛ فالأحزان فيها أكثر من الأفراح , والأمراض فيها أكثر من الصحة , والفقر فيها أكثر من الغنى , والجوع فيها أكثر من الشبع , ولكنها قدرنا الذي لم نختره ؛إنما فرض علينا , لذا لزمنا مواجهته كما أمرنا ربنا .