المناصير بلدي
الزائر الكريم مرحبا بك في منتدى المناصير بلدي
ان لم تكن مسجلا فيرجى الضغط على زر التسجيل وملء بياناتك لقبول عضويتك

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

المناصير بلدي
الزائر الكريم مرحبا بك في منتدى المناصير بلدي
ان لم تكن مسجلا فيرجى الضغط على زر التسجيل وملء بياناتك لقبول عضويتك
المناصير بلدي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اويس القرني وعمر بن الخطاب في حديث ودموع (البار بوالديه)

اذهب الى الأسفل

اويس القرني وعمر بن الخطاب في حديث ودموع (البار بوالديه) Empty اويس القرني وعمر بن الخطاب في حديث ودموع (البار بوالديه)

مُساهمة من طرف mustafa omer Elhassan الأحد 02 يناير 2011, 4:59 pm

حج بالناس عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- سنة ثلاث وعشرين، قبيل استشهاده بأيام، وكان شغله الشاغل في حجه البحث عن رجل من رعيته من التابعين يريد مقابلته.

وصعد عمر جبل أبا قبيس وأطل على الحجيج، ونادى بأعلى صوته: يا أهل الحجيج من أهل اليمن، أفيكم أويس من مراد؟

فقام شيخ طويل اللحية من قرن، فقال: يا أمير المؤمنين، إنك قد أكثرت السؤال عن أويس هذا، وما فينا أحد اسمه أويس إلا ابن أخ لي يقال له: أويس، فأنا عمه، وهو حقير بين أظهرنا، خامل الذكر، وأقل مالا، وأوهن أمرأ من أن يرفع إليك ذكره.

فسكت عمر- كأنه لا يريده- ثم قال: يا شيخ وأين ابن أخيك هذا الذي تزعم؟

أهو معنا بالحرم؟ قال الشيخ: نعم يا أمير المؤمنين، هو معنا في الحرم، غير أنه في أراك عرفة يرعى إبلا لنا.

فركب عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب- رضي الله عنهما- على حمارين لهما، وخرجا من مكة، وأسرعا إلى أراك عرفة، ثم جعلا يتخللان الشجر ويطلبانه، فإذا هما به في طمرين من صوف أبيض، قد صف قدميه يصلي إلى الشجرة وقد رمى ببصره إلى موضع سجوده، وألقى يديه على صدره والإبل حوله ترعى- قال عمر لعلي- رضي الله عنهما-: يا أبا الحسن إن كان في الدنيا أويس القرني فهذا هو، وهذه صفته. ثم نزلا عن حماريهما وشدا بهما إلى أراكه ثم أقبلا يريدانه.

فلما سمع أويس حسهما أوجز في صلاته، ثم تشهد وسلم وتقدما إليه فقالا له: السلام عليك ورحمة الله وبركاته. فقال أويس: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فقال عمر- رضي الله عنه-: من الرجل؟ قال: راعي إبل وأجير للقوم، فقال عمر: ليس عن الرعاية أسألك ولا عن الإجارة، إنما أسألك عن اسمك، فمن أنت يرحمك الله؟ فقال: أنا عبد الله وابن أمته، فقالا: قد علمنا أن كل من في السموات والأرض عبيد الله، وإنا لنقسم عليك إلا أخبرتنا باسمك الذي سمتك به أمك، قال: يا هذان ما تريدان إلي؟ أنا أويس بن عبد الله. فقال عمر- رضي الله عنه-: الله أكبر، يجب أن توضح عن شقك الأيسر، قال: وما حاجتكما إلى ذلك ؟ فقال له علي- رضي الله عنه-: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفك لنا، وقد وجدنا الصفة كما خبرنا، غير أنه أعلمنا أن بشقك الأيسر لمعة بيضاء كمقدار الدينار أو الدرهم، ونحن نحب أن ننظر إلى ذلك، فأوضح لهما ذلك عن شقه الأيسر.

فلما نظر علي وعمر- رضي الله عنهما- إلى اللمعة البيضاء ابتدروا أيهما يقبل قبل صاحبه، وقالا: يا أويس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نقرئك منه السلام، وأمرنا أن نسألك أن تستغفر لنا، فإن رأيت أن تستغفر لنا- يرحمك الله- فقد خبرنا بأنك سيد التابعين، وأنك تشفع يوم القيامة في عدد ربيعة ومضر. فبكى أويس بكاء شديدا، ثم قال: عسى أن يكون ذلك غيري، فقال علي- رضي الله عنه-: إتا قد تيقنا أنك هو، لا شك في ذلك، فادع الله لنا رحمك الله بدعوة وأنت محسن. فقال أويس: ما أخص باستغفار نفسي، ولا أحد من ولد آدم، ولكنه في البر والبحر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات في ظلم الليل وضياء النهار، ولكن من أنتما يرحمكما الله؟ فإني قد خبرتكما وشهرت لكما أمري، ولم أحب أن يعلم بمكاني أحد من الناس، فقال علي- رضي الله عنه-: أما هذا فأمير المؤمنين عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-، وأما أنا فعلي بن أبي طالب، فوثب أويس فرحا مستبشرأ فعانقهما وسلم عليهما ورحب بهما، وقال:

جزاكما الله عن هذه الأمة خيرا. قالا: وأنت جزاك الله عن نفسك خيرا. ثم قال أويس: ومثلي يستغفر لأمثالكما؟ فقالا: نعم، إنا قد احتجنا إلى ذلك منك، فخصنا- رحمك الله- منك بدعوة حتى نؤمن على دعائك، فرفع أويس! رأسه، وقال!:

اللهم إن هذين يذكران أنهما يحباني فيك، وقد رأوني فاغفر لهما وأدخلهما في شفاعة نبيهما محمد صلى الله عليه وسلم.

فقال عمر- رضي الله عنه- مكانك- رحمك الله- حتى أدخل مكة فأتيك بنفقة من عطائي، وفضل كسوة من ثيابي، فإني أراك رث الحال، هذا المكان الميعاد بيني وبينك غدا. فقال: يا أمير المؤمنين، لا ميعاد بيني وبينك، ولا أعرفك بعد اليوم ولا تعرفني. ما أصنع بالنفقة؟ وما أصنع بالكسوة؟ أما ترى عليَّ إزارأ من صوف ورداً من صوف؟ متى أراني أخلِفهما؟ أما ترى نعليَّ مخصوفتين، متى تُراني أبليهما؟ ومعي أربعة دراهم أخذت من رعايتي متى تُراني آكلها؟

يا أمير المؤمنين: إن بين يدي عقبة لا يقطعها إلا كل مخف مهزول، فأخف- يرحمك الله- يا أبا حفص، إن الدنيا غرارة غدارة، زائلة فانية، فمن أمسى وهمته فيها اليوم مد عنقه إلى غد، ومن مد عنقه إلى غد أعلق قلبه بالجمعة، ومن أعلق قلبه بالجمعة لم ييأس من الشهر، ويوشك أن يطلب السنة، وأجله أقرب إليه من أمله، ومن رفض هذه الدنيا أدرك ما يريد غدأ من مجاورة الجبار، وجرت من تحت منازله الثمار.

فلما سمع عمر- رضي الله عنه- كلامه ضرب بدرته الأرض، ثم نادى بأعلى صوته: ألا ليت عمر لم تلده أمه، ليتها عاقر لم تعالج حملها. ألا من يأخذها بما فيها ولها؟

فقال أويس: يا أمير المؤمنين! خذ أنت ها هنا حتى آخذ أنا ها هنا. ومضى أويس يسوق الإبل بين يديه، وعمر وعلي- رضي الله عنهما- ينظران إليه حتى غاب فلم يروه، وولى عمر وعلي- رضي الله عنهما- نحو مكة

وحديث فضل أويس القرني، وأنه لو أقسم على الله لأبره، وقوله صلى الله عليه وسلم لعمر-رضي الله عنه- : ( إن استطعت أن يستغفر لك فافعل ) ثابت في صحيح مسلم وغيره







mustafa omer Elhassan
mustafa omer Elhassan
ملـــــكي
ملـــــكي

احترام قوانين المنتدى : 100

عدد المساهمات : 2024
نقاط : 31615
تاريخ التسجيل : 19/10/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اويس القرني وعمر بن الخطاب في حديث ودموع (البار بوالديه) Empty رد: اويس القرني وعمر بن الخطاب في حديث ودموع (البار بوالديه)

مُساهمة من طرف mustafa omer Elhassan الأحد 02 يناير 2011, 5:17 pm

حياة االتابعي اويس القرني رضوان الله تعالى عليه
اسمه:أُويس بن عامرالقرني

نشاته:ولد في بلده تدعى قرن موجود باليمن

صفاته: قال الصحابة يا رسول الله، وما أويس ؟ قال: " أشهل، ذو صهوبة، بعيد ما بين المنكبين، معتدل القامة، آدم شديد الأدمة، ضارب بذقنه على صدره، رام ببصره إلى موضع سجوده، واضع يمينه على شماله، يتلو القرآن، يبكي على نفسه، ذوطمرين، لا يؤبه له، يتزر بإزار صوف، ورداء صوف، مجهول في أهل الارض، معروف في السماء، لو أقسم على الله لابره، ألا وإن تحت منكبه الايسر لمعة بيضاء، ألا وإنه إذا كان يوم القيامة قيل للعباد: ادخلوا الجنة، ويقال لاويس: قف فاشفع، فيشفعه الله في مثل عدد ربيعة ومضر.
يا عمرو يا علي إذا رأيتماه، فاطلبا إليه يستغفر لكما، يغفر الله لكما "..


حياته الطاهره:

أويس القَرْنيّ!... مِن خير الزّهّاد!....
وقيل : إن سبب لقبه بالقرنيّ ، عائد إلى قومه القُدامى (بني قَرَن).
ومهما يكن من أمرٍ ، فأويس أحد النّسّاكک والعبّاد المقدَّمين ، ومن سادات التابعين.
دخل الإسلام مع غيره من النّاس الذين دخلوا دين الله أفواجاً.
وكانت رعاية الإبل مهنَته ... وهكذا كان يمضي أيّامه في القفار ، خلف الإبل ، ينتجع الكلأ و المرعى. و كان يعيش مع والدته التي كان يكرمها غاية الإكرام ، ويحترمها احتراماً عجيباً، فلم يفارقها في آخر أيّامها ، إلا للضّرورة القصوى.
ولعلّ انصرافه إلى القيام بواجبه تجاهها ، كان الحائلَ بينه و بين لقاء النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم . وعندما استأذنها في السّفر للقاء النبيّ صلي الله عليه و آله وسلّم والسّلام عليه، أذنت له ، ولكن بشرطٍ هو العودة المباشرة، سواءً وجد الرسولَ صلّى الله عليه وآله وسلّم أم لم يجده.

وهكذا كان!.
فقد تجهّز أويَس للسّفر لِلُقْيا الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم والسّلامِ عليه ، وقصَدَه في منزله، ولمّا لم يجده عاد أدراجه ، دون التَّمَكن من مشاهدته. و عندما عاد النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى منزله ، قال لأهل بيته بأنه يجد في البيت نوراً غريباً لا عهد له به، فمَن قَدِم في غيابه؟!
ويُقال له : أوُيس القَرنيّ!.
فيعرفون أنّه نور أُويسٍ بقيَ في المنزل بعد انصرافه منه.
كانت حياة أويسٍ رضي الله عنه مثالاً للبساطة، والزّهد في الدنيا ، والانصراف عن متاعها. وكان ذلك في زمنٍ انهال فيه النّعيم على العرب و المسلمين انهيالاً. فخضعت لهم الدّنيا، ودانت لهم الأقطار، فتنعّموا بأطايب العيش وملذّات النّعيم!.
إنّه الزّهد و البساطة و التقشّف ، مقابلَ التّنعّم والجاه العريض والسّلطان!.
وأقسم مرّةً بأنّه لا يملك من حطام الدّنيا غير هذا الثّوب المرقّع الرّثّ الخشن ، الذي يرتديه.
وعندما کان يأخذ بالكلام واعظاً ، كان ينبعث كلامه كالنّهر الرَّقراق الصَّافي، بعفويَّةٍ وإيمان، فيدخُلُ قلوبَ سامعيه بلا استئذان، فتخشع قلوبهم وجوارحهم ، و تفيض عيونهم بالدّمع، وقد أخذ منهم التّأثّر بما يسمعون، فسيطر عليهم الخشوع، فيسمو بهم أُويس إلى عالمٍ روحانّيٍ تغمره الشفّافيّة و الصّفاء!.
لم يكن أويس صحابياً؛ لأنّه لم يلتقِ ـ كما علمنا ـ بالرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ولم يصاحبه، ولكنّه كان تابعياً، بل على رأس التّابعين.

والتّابعيّ، يلي الصحابيّ ، إنّه الذي أدرك الصّحابة الكرام وأخذ عنهم.
وأويس القرني كان من أفضل الزّهاد التابعين، بشهادة الجميع.
كيف لا،.. وقد قال النبىّ صلّى الله عليه وآله و سلّم :« خيرُ التّابعين أُوَيس ».
كما قال في کرامته عند الله :« أبشروا برجلٍ من أمتي يقال له أُويس القرني .. فإنّه يشفع لمِثْل ربيعةَ ومُضر!».

والتفت الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى عمر بن الخطّاب الذي كان حاضراً يِستمع ، وقال له: « إن أدركتَه فأقرِئْه مني السّلام! ».
وعملاً بهذه الوصيّة الشّريفة، طلب عمر بن الخطّاب أويساً القرنّي في الكوفة فما وجده.. ثم عاد وطلبه في موسم الحج ، إذ وقف عمر بين جموع الحجيج صارخاً بأعلى صوته:
ـ يا آل نجدٍ ، قوموا !..
فنهضوا.. فسألهم: هل بينكم أحد من قَرْن ؟
فأجابوا: نعم.
فأرسل إليهم عمر وسأَلهم عن أويس ، فقالوا له:
ـ إنه إنسان مجنون ، يهوى العيش في القفر و الأماكن الموحشة ، يبكي عندما يضحك النّاس و يضحك عندما يبكون.
فقال لهم : وَدَدتُ لو رأيته.
فأجابوه قائلين: إنه في الصحراء بالقرب من مرعى إبلِنا.
فينهش عمر بن الخطّاب بصُحبة الإمام علّيٍ رضي الله عنه، يطلبان أويساً.. فوجدا بعد حين رجلاً يصلّي وقد لفَحَت وجهه أشعة الشّمس فصار شديد السُّمرة ، ليس بالطّويل ولا القصير، كثّ الشّعر.
وقيل لهما: إنه أُويس.
وانتظراه حتّى انتهى من صلاته.
فأقبلا عليه مسلّمين عليه..
وعرّفهما بنفسه ، وأراهما علامةً في جنبه الأيسر ، بقعةً بيضاء كالدرهم ، وثانيةً في راحة يده ، بقعةً تُشبه البرص.
أقرآه سلام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

وعاد حجيج (قَرْن) إلى بلدهم في اليمن ، وقد عرفوا من أمر أويسٍ الكثير الذي کانوا يجتهلون!.
لقد کان أويس بينهم شخصاً مغموراً ، بل موضوعاً للسّخرية منه.
إنه مجنون!.. أمّا الآن ، فلا .. إنّه من أولياء الله الصّالحين. فيُقدّرونه ، ويحترمونه ويرى أويسٌ منهم ذلك، فيهرب إلى الكوفة.
ونعود أدراجنا بضع سطورٍ خلت ، لِنُمعِن النّظر و التأمّل في شخصيّة أويس، كما يراه أهل بلدته ، وانطلاقاً من وصفهم له فَتَراه:
إنساناً منسلخاً عن النّاس ، لا يشارکهم حياتَهمُ الدّنيا ، وقد جُنّ في الله حبّاً ، وذاب إليه شوقاً. فهام على وجهه في الآفاق ، وفي الأرض القَفْر ، حيث لا بَشَرٌ ولا عمران ، وبالتّالي ، فلا حرص ولا أطماع!..
ويَعجب أويس من هؤلاء النّاس ، قِصارِ النّظر، ضعيفي الإيمان:
فهولاء جماعةٌ منهم يبكون ، وقد فقدوا عزيزاً لهم وحبيباً ، ويقول أويس في نفسه : تُرى ، ألَمْ يَسمع هؤلاء بقوله تعالى: إنّ إلى ربَّكَ الرّجُعى . وبقوله: كُلُّ نَفْسٍ ذائقةُ المَوْت . فيضحك من جهلهم.
وهؤلاء جماعة ثانية ركنوا إلى الدّنيا و غرورِها ، فخَدَعهم باطلها ، وأصبحوا أسرى شِراكِها وحبائلها ، فضَحِكوا كثيراً، ناسين أو متناسين أنّهم في دارِ غرورٍ وزوال، نعيمُها مُنغَّض وزائل، وصَفْوُها مَحال.
فيبكي لهم ، و عليهم ، ويشفق عليهم ممّا يجدون!..
يذكر الرُّواة لقاءً تمَّ بين أُويسٍ القرني وهَرم بن حيَّان ـ من الطبقة الأولى من زهَّاد عصره ـ والملفت للنَّظر، أنَّ الله تبارك و تعالى لم يَقضِ بهذا اللقاء إلاّ بعد جهودٍ مُضْنيةٍ قام بها هرم بن حيّان.

يقولون ، بأنّ هرم بن حيّان قصد مدينة قرنٍ باليمن للقاء أويسٍ. ولمّا وصل وَجَده قد غادرها واشتدّ الأسى بهرم بن حيّان، حتّى كاد صدره ينفجر، ووَجَد مرارةً طعمُها کالعلقم!.. لقد أمضى أسابيعَ طوالاً مهاجراً ، من أجل هذا اللقاء..
ورجع هرم إلى مَكَّة يطلبه فيها، فلعل أُوَيساً يجاور حَرَم الله..



وفي مكَّة ، قيل له: إنّ أويساً قد يمّم وجهَه شَطْرَ الكوفة.
ويبلع هرم ريقه، فلا يستطيع ، لقد جفّ حَلْقُه ، وملّ من كثرة السّفر ، فقعد يستريح. ولا تطول استراحة هرمٍ. وها هو يستعدّ للسّفر إلى الكوفة ، فلن يَثنيه عن عزمه مانع ، أو يحول دون تنفيذ رغبته حائل!..
ويصل الرّجل الكوفة بعد مَشقّات ، يطلب أويساً فيها. إنّه ضالّته المنشودة، فلا يجده ، وكأنّ الأرض قد انشقّت و ابتلعته ، وظلّ هذا الحال مدّةً ، وهو في أشدّ العذاب. وأخيراً ، يغادر هرم الكوفة إلى البصرة ، فلعلّ وعسى ..
وفي الطريق، يشاهد هرم رجلاً يتوضّأ على شاطئ الفرات، ثمّ أخذ يمشّط لحيته.

فلمّا اقترب هرم منه ، حيّاه ، فردّ عليه الرّجل:
ـ وعليك السلام، ورحمة الله وبركاته ، يا هرم بن حيّان!..
ويصيح هرم: وكيف عَرَفَت بأنني هرم؟!..
فيجيبه : إن روحي هيَ التي عرفت روحك ، فالأرواح جُنْد مجنَّدة. ما تعارف منها ائتلف ، وما تنافر منها اختلف ـ كما يقول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم.

ويعرف هرم بأنّه وقع على ضالّته المنشودة ، وقد لقيَ صاحبَه بعد عناءٍ شديدٍ ، وصبرٍ طويل.. فيُلقي بنفسه عليه مسلّماً، وكأنّه قد وقع على كنزٍ ثمين!.
ويطلب هرم من صاحبه أن يَعِظه.

فيبادر أويس: والله ، إنّ خير الكلام وأصدقه وأحكَمَه ، هو كلام الله. ثمّ تلا ( من سورة الدّخان ):
بِسمِ الله الرحمنِ الرحيمِ " وَمَا خَلَقنَا السَّماواتِ والأرضَ وَمَا بينَهُمَا لاَعِبين * مَا خَلَقنَاهُمَا إلاَّ بِالحَقِّ ولكِنَّ أكثَرَهُم لاَ ََيَعلَمُون * إنَّ يَومَ الفَصلِ مِيقَاتُهُم أجمَعِين َ* يَومَ لاَ يُغنِي مَولىً عَن مولىً شيئاً وَلاَ هُم يُنصَرونَ * إلاَّ مَن رَحِمَ اللهُ إنّهُ هُوَ العزيزُ الرّحيم "

ثمّ شهق أويس شهقةً ، قال عنها هرم : لقد خِلتُ واللهِ أنّ فيها نَفْسَه ( أي : حَسِبتُ أنّه مات ).
وأفاق بعد قليل، وأجال عينَيه في هرم، و أخذ ينصحه و يعظه:
« إنّ موعظةً ، تنطق بها هذه الآيات الشّريفة ، لَجديرٌ بالنّاس أن يترکكوا من أجلها الدّنيا وما فيها »..
ويذكر أويسٌ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وهو أشرف الخلق أجمعين ، وقد التحق بعالم الملكوت الأعلى ، ومن قَبلِه خليلُ الله إبراهيم عليه السلام ، وقبلَهما أبو البشر آدم عليه السلام.
فالدّنيا ممرّ لا مقرّ، ودارُ زوالٍ وفناء، إلى دار خُلْدٍ وبقاء، فلا ركونَ إليها، ولا وثوق بها، ولا اغترار!... ويوصيه باتّباع الجماعة.. فيدُ الله مع الجماعة ، ثمّ يردف متابعاً:
« إجعل الموتَ نُصْبَ عينَيك ، ولا تنظُرنّ إلى صِغَر المعصية ، بل إلى عظمةِ مَن عصيتَه! ».
وهكذا كان أويس القرنيّ مثالاً فريداً للزهد والقناعة، في زمنٍ قلّ فيه الزّاهدون، وكثر فيه الطّامعون. ومناضلاً سلبياً ، يفعل دون تبجّح، بل دون كلام ، فمَن طلب الله هان عليه النّاس جميعاً، إنّه مثال قائم بذاته!... فتذكَّروا يا أُولي الأباب!( أي: ذوي العقول ).
ولكنّ أويساً رضي الله عنه ، توّج هذه المواقف الفرديّة، والمجاهدات الذاتيّة، بموقفٍ إيجابي رائعٍ حاسمٍ وقد بان له الحقّ كالشّمس السّاطعة لا تَخفى على ذي عينَين!..
فما أن اندلعت موقعة صفّين، حتّى أسرع أويس إلى الحقّ، متجلّياً بالإمام عليّ رضي الله عنه وأتْباعه، ينصره، لا بقلبه ولسانه فحسب، بل بيده أيضاً، وبكلّ ما آتاه الله من قوّة.
ولنتأمّل هذا الموقفَ البطولي الشجاع، يرويه أحد أصحاب الإمام عليه السلام المقرّبين: عن الأصبغ بن نباتة، قال:
« كنّا مع عليّ رضي الله عنه بصفّين، فبايعه تسعةٌ وتسعون رجلاً.
ثمّ قال: إين تمام المائة ؟ لقد عَهِد إليّ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، أن يبايعني في هذا اليوم مائةُ رجل إذ جاء رجل عليه قِباء صوفٍ ( يشبه المعطف )، متقلّداً بسيفين، فقال:
ـ أُبسط يدَك أبايعْك.
فقال الامام عليٌّ رضي الله عنه علامَ تُبايعني ؟
فقال على بذلِ مهجتي دونك !
فبايعه.
وكرّ أويس القرني على جند الباطل، وحزب الشّيطان، يضرب فيهم بالسّيفين .. وقد تحوّل ذلك الزَّاهد، البسيط في حياته، إلى أسَدٍ هصورٍ يُحامي عن عرينه !..
لقد غضب لله ولرسوله، وللإسلام، فارتوت شَفُرتا سيفَيه من دماء الأعداء. وما زال يقاتل، رضوان الله عليه، بين يدَيِ الإمام ، حتى خرّ صريعاً شهيداً.
وهكذا توّج حياته الشّريفه بتاج السّعادة والشّهادة !..
وحمله أصحابه، والدماء تنزف من أربعين جرحاً، بجسمه الشّريف الطّاهر.
وتقدّم الإمام عليّرضي الله عنه فصلي عليه، ولَحَده بيده الشّريفة، وترحّم عليه وقد خَنَقته العبرة.
وهكذا التحق سيد التّابعين، وأمير الزّهاد، وقدوة العُبّاد، أويس القرني، برَكْب الجهاد حتّى الشهادة" وَفَضَّل اللهُ المُجَاهِدِينَ عَلَى القَاعِدينَ أَجْرَاً عظِيماً ".

وفاته:
شارك مع علي بن أبي طالب في موقعة صفين فاستشهد معه بها سنة 37هـ، فنظروا، فإذا عليه نيف وأربعون جراحة..رحم الله أويس بن عامر القرني..

mustafa omer Elhassan
mustafa omer Elhassan
ملـــــكي
ملـــــكي

احترام قوانين المنتدى : 100

عدد المساهمات : 2024
نقاط : 31615
تاريخ التسجيل : 19/10/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى