بصمة وفاء صامدة ـ "قصة "

حكيت لى و لكن لا أدرى حقيقيةٌ هى أم من وحى الخيال . . . . فى يوم صيفى حار من سبعينيات القرن الماضى . زرت يوماً أقارب لى يبعدون قليلاً عن منزلنا و لما كانت هذه زيارتى الأولى بعد أن عرفت معنى الزيارة بأبعادها المختلفة كنت فضولياً كثير الأسئلة ، أجول بنظرى فى أنحاء المنزل مع إطراقة قصيرة إلى الأرض بين الفينة و الأخرى . لاتخلو من حياء خاصة إذا رأيت أن أحد أهل الدار يرمقنى بنظره ، و قد كنت محل حفاوة و ترحــيب شديدين منهم و كانت هنالك عجوز تحكى تجاعيد و جهها قصة جمال حاولت إخفائه السنين دونما جدوى رغماً عن كونها فى عقدها الثمانون ترقد ليست ببعيد عنا على " عنقريب " أحمر و عليه برش ألوانه بين الأحمر و الأبيض و الأسود كأنما رسمته ريشة فنان تشكيلى مبتدئ . تحته توجد علبة مغطاة بالتراب كأنما هى قابعة فى مكانها ذاك منذ عشرات السنين . و على الفور بادرت بالسؤال عنها ، من تكون ؟ وما تلك العلبة . فقيل لى : أنها عمتنا ، أو لا تعرفها ؟ و ابتسم الجميع إلا أنا فقد إزددت فضولاً على فضولى أجبت بلا و طفقت أنظر إليهم رجاء أن يتطوع أحدهم بالإجابة عن سؤالى . وبالفعل كانت الإجابة الغريبة و التى كانت من شقين عملى ونظرى ، أما العملى فقد قام أحدهم بمناولتى العلبة قائلاً لى أنظر ما بداخلها ، فإذا هى ملأى "بدهن " عليه آثار إربع أصابع نخرت فيه برفق و قد كادت تختفى هذه الآثار بواسطة نبات فطرى أحال لون الدهن إلى الأزرق الغامغ أما النظرى فقد كان هو الأغرب : أترى تلك المرأة العجوز؟ فقلت نعم ، فقيل لى : هذه آثار أصابعها منذ كذا سنة وبينما كانت تترقب وصول زوجها الذى حان وقته وقد كان يزرع فى أرضه الواقعة على الضفة الأخرى من النيل . ولما كان غائباً لفترة من الوقت فقد قررت دهن رأسها إحتفاءً بوصوله وبالفعل أدخلت يدها داخل العلبة وأخذت شيئاً مما فيها ولكن قبل أن تضعه على رأسها سمعت صوت زغرودة قرب منزلها فسألت بصوت مرتعش : ما هذا ؟ فقيل : أن زيداً قد مات " زوجها " فغيرت مسار يدها إلى الأرض بدلاً من رأسها وأخذت حفنة من تراب ووضعتها عليه وبكت بكاءً مراً ثم صمتت حتى جفت الدموع على خديها وأضحت من يومها لا تحدث أحداً غير انها ترجز بكلام ما هو بشعر ولكن أشد تعبيرا منه وذلك حتى حين رأيتها واستمرت كذلك سنين عددا لا تحدث أحدا غير رجزها ذاك حتى لحقت بزوجها ولكن فى صمت ومن دون أن يبكيها أحد أو يرجز فيها . . . .

حاجة راقية يا سامي

فعلاً صفات اديب رائع يا سلمان..
حاجة كدة الزول يقرضا زي الفطيرايي بلا ملاح من حلاتا.. تسلم سامي

ابداااااع والله