قدح الخلوة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
قدح الخلوة
غطست كل خلاوي المناصير تحت قاع البحيرة.. ثم لاخلاوي بعد.. ولافي الفداء ولافي المكابراب
.........
تكاد تكون سمة جميلة تميز المناصير..حيث تكاد لاتخلو حلة أو قرية من خلوة، لإكرام الضيف.. تكاد تكون انقرضت معظم الخلاوي في السودان.. ماعدا خلاوي البقع الدينية.. وماعدا خلاوي المناصير الكثيرة.. تسبح لأهلها بالحفظ والصون والبركة كانت..
غست وغرقت وانماصت. فهي تسبح باللعنة لمن أغرقها ولم يعيدها سيرتها الأولى.تسبح باللعنة الى يوم النشور..وتسبح كل لقمة وضعت في فيه جائع وعابر سبيل تلعن من قطعها وقطع وصلها وأوصالها..( الدعاء سلاح المؤمن)
يحضر عدد كبير من ناس السوق للخلوة لتناول الفطور، ثم يواصلوا سيرهم آلي القري البعيدة، كان برنامجي يوم السوق بعد أن أتسوق أن أحضر اللحمة بدري شوية، وكان الوالد غالباً ما يجزر من غنمه وضانه في السوق، فهو نادراً ما يشتري اللحمة، أحضرها بدري شوية .. كانت أمي تجهزها وتجهز القراصة، لما الناس ينتهوا من سوقن يلقوا الفطور جاهز...وأنا أحضر لهم الفطورمنها . عادتها أن تقلب الحلة كلها بي لحمها إلي الخلوة، و لا تترك لنفسها غير ملح الدمعة بدون لحم، لتفطر فيه هي وأختي زينب وعاشة، أحيانا يكون لأخواتي نصيب من اللحم حينما يكون هنالك نساء قادمات من السوق للفطور، وكانت تقول أنتو ما محتاجين لللحم، متين ما أكلتوا لحم.أما أنا فاذهب بالصحن إلي الخلوة، والأمانة تقتضي بأن لا افتحه في الطريق، بين البيت والخلوة، ولكن في نفسي شئ، بأن يقول لي الوالد اقعد أكل معانا، وكان كثيراً لا يسمح لي بذلك، خاصة عندما يكون الضيف، راقي . يمكن لأننا أطفال صغار، لا نجيد طريقة الأكل، أو لزينا المتسخ، من العمل في الزراعة، أو العوم في البحر في ألموية العكرة أو خلافه، فكنت أضع الصحن بين يدي والدي والضيف، مرات الضيف ، يقول أقعد يا ولد أكل، أبوي يقول: لا لا خليهو يأكل هناك ، الأكل في بي جوة، وأنا أعلم تمام العلم بي جوة مافي لحم، مافي في الحقيقة غير المرق. ولكني لا أيأس من رحمة الله، فأذهب آلي السبيل، الملاصق للخلوة، أملا الكوز موية، وأعود عل الضيف، يزيد في عزيمته لي، وكانت أحياناً كثيرة، أن يعاود الضيف الكرة مرة أخري، ويقول يا حاج عبد الله خليهو يأكل معانا، والضيف يعزم وأبوي يصر في رفضه، إلي أن يعلو صوت الضيف علي صوت أبي فيستحي أبي من كثرة الرفض، فيسمح لي بالجلوس، مرات أخري عدد من الضيوف الراقيين، مجرد ما شافك ختيييت الصحن وعاوز تنصرف، طوالي يجذبك من قميصك ويجلسك، من غير مطاولات وكلام، ويحسم القضية في صالحي بضربات الجزاء، فهذا النوع من الضيوف كنت أرتاح له ، هنالك نوع آخر من الضيوف لما أحضر صحن الفطور، مكللاً بالقراصة وعليه الدمعة، وفوقه اللحم المحمر، لما أحضر الصحن، أجد الضيف داخل في موضوع نقاش، حار، ومشدود معه للآخر لا يرى غيره وهو معه بكل أحاسيسه، لحظتها يقول أبوي، ننزل علي الفطور، ويواصل الضيف في موضوعه بلا انقطاع وهو في نزوله من السرير إلي الصحن وقد يزيد انفعالاته حسب الموضوع المطروح للنقاش، ويشد أبوي معه لموضوعه، فيبقي أبي ما بين التعليق والمجاملة، والتعاطف، لحظتها ينسوني تماماً، ولكني اذهب إلي السبيل وأثقل الخطي، عل الموضوع يكون قد انتهي، ويفكروا فيا، ويقولوا أقعد أكل معانا، ولكن لا حياة لمن تنادي ، فالموضوع زاد حرارة وتشعب، وهم لم يفكروا فيا أبدا، دخلت والله خرجت، بل لم يفكروا فيا أصلاً ولعلهم لم يروا جرمي منذ البداية. فهذا النوع من الضيوف، ليس لأنني لا ارتاح له، لكن لا أعشم في أن أجلس معه، وذلك في عدم مراعاته للآخرين ، وحينما يعود مرة أخري أكون يائساً من موضوعي معه. كل هذا كان وأنا دون السادسة، فلما بلغت الثامنة سمح لي أبوي بأن أجلس معهم علي مائدة الطعام، مهما كان الضيف ومهما كان وزنه، كذلك صارت الوالدة بت حبيب عليها الرحمة، تترك مقداراً مناسباً من اللحم في ما تبقي ولمن تبقي من أفراد الأسرة، وصارت تراعي ضعفنا، وأصلاً نحن غير محتاجين لهذا أو لغيره ولكن هي النفوس، وبالذات نفس الطفل، فالفرق بينها وبين السائمة ليس كبيراً. قلت سمحوا لي بالأكل مع الضيف، ولكن بعد أن تلقنت آداباً من أمي، وأبي، ظلت ترافقني حتى اليوم، وإن كان بعضها اليوم صبغ بصبغة الطريق والسلوك وهذب بعضه ولكن أصله باقي.قالت لي بت حبيب عليها الرحمة أنا عارفاك مؤدب. لكن أولاد البلد هنا معظمهم ما مؤدبين والأغرب من كدة إنو أهلهم ما بيسألوهم.. أولاً إذا عايز أبوك يرضى عنك، ويخليك تاكل مع الضيفان، خليك راقي، ما زي أولاد البلد.. ثانياً معظم الأولاد هنا يأكلوا ويلحسوا إيديهم، ويرجعوا ياكلوا تاني، والضيوف بي يضايقوا ..ثالثاً..ما تحاول تتناول لحمة بعيدة من طرفك أبداً
.........
تكاد تكون سمة جميلة تميز المناصير..حيث تكاد لاتخلو حلة أو قرية من خلوة، لإكرام الضيف.. تكاد تكون انقرضت معظم الخلاوي في السودان.. ماعدا خلاوي البقع الدينية.. وماعدا خلاوي المناصير الكثيرة.. تسبح لأهلها بالحفظ والصون والبركة كانت..
غست وغرقت وانماصت. فهي تسبح باللعنة لمن أغرقها ولم يعيدها سيرتها الأولى.تسبح باللعنة الى يوم النشور..وتسبح كل لقمة وضعت في فيه جائع وعابر سبيل تلعن من قطعها وقطع وصلها وأوصالها..( الدعاء سلاح المؤمن)
يحضر عدد كبير من ناس السوق للخلوة لتناول الفطور، ثم يواصلوا سيرهم آلي القري البعيدة، كان برنامجي يوم السوق بعد أن أتسوق أن أحضر اللحمة بدري شوية، وكان الوالد غالباً ما يجزر من غنمه وضانه في السوق، فهو نادراً ما يشتري اللحمة، أحضرها بدري شوية .. كانت أمي تجهزها وتجهز القراصة، لما الناس ينتهوا من سوقن يلقوا الفطور جاهز...وأنا أحضر لهم الفطورمنها . عادتها أن تقلب الحلة كلها بي لحمها إلي الخلوة، و لا تترك لنفسها غير ملح الدمعة بدون لحم، لتفطر فيه هي وأختي زينب وعاشة، أحيانا يكون لأخواتي نصيب من اللحم حينما يكون هنالك نساء قادمات من السوق للفطور، وكانت تقول أنتو ما محتاجين لللحم، متين ما أكلتوا لحم.أما أنا فاذهب بالصحن إلي الخلوة، والأمانة تقتضي بأن لا افتحه في الطريق، بين البيت والخلوة، ولكن في نفسي شئ، بأن يقول لي الوالد اقعد أكل معانا، وكان كثيراً لا يسمح لي بذلك، خاصة عندما يكون الضيف، راقي . يمكن لأننا أطفال صغار، لا نجيد طريقة الأكل، أو لزينا المتسخ، من العمل في الزراعة، أو العوم في البحر في ألموية العكرة أو خلافه، فكنت أضع الصحن بين يدي والدي والضيف، مرات الضيف ، يقول أقعد يا ولد أكل، أبوي يقول: لا لا خليهو يأكل هناك ، الأكل في بي جوة، وأنا أعلم تمام العلم بي جوة مافي لحم، مافي في الحقيقة غير المرق. ولكني لا أيأس من رحمة الله، فأذهب آلي السبيل، الملاصق للخلوة، أملا الكوز موية، وأعود عل الضيف، يزيد في عزيمته لي، وكانت أحياناً كثيرة، أن يعاود الضيف الكرة مرة أخري، ويقول يا حاج عبد الله خليهو يأكل معانا، والضيف يعزم وأبوي يصر في رفضه، إلي أن يعلو صوت الضيف علي صوت أبي فيستحي أبي من كثرة الرفض، فيسمح لي بالجلوس، مرات أخري عدد من الضيوف الراقيين، مجرد ما شافك ختيييت الصحن وعاوز تنصرف، طوالي يجذبك من قميصك ويجلسك، من غير مطاولات وكلام، ويحسم القضية في صالحي بضربات الجزاء، فهذا النوع من الضيوف كنت أرتاح له ، هنالك نوع آخر من الضيوف لما أحضر صحن الفطور، مكللاً بالقراصة وعليه الدمعة، وفوقه اللحم المحمر، لما أحضر الصحن، أجد الضيف داخل في موضوع نقاش، حار، ومشدود معه للآخر لا يرى غيره وهو معه بكل أحاسيسه، لحظتها يقول أبوي، ننزل علي الفطور، ويواصل الضيف في موضوعه بلا انقطاع وهو في نزوله من السرير إلي الصحن وقد يزيد انفعالاته حسب الموضوع المطروح للنقاش، ويشد أبوي معه لموضوعه، فيبقي أبي ما بين التعليق والمجاملة، والتعاطف، لحظتها ينسوني تماماً، ولكني اذهب إلي السبيل وأثقل الخطي، عل الموضوع يكون قد انتهي، ويفكروا فيا، ويقولوا أقعد أكل معانا، ولكن لا حياة لمن تنادي ، فالموضوع زاد حرارة وتشعب، وهم لم يفكروا فيا أبدا، دخلت والله خرجت، بل لم يفكروا فيا أصلاً ولعلهم لم يروا جرمي منذ البداية. فهذا النوع من الضيوف، ليس لأنني لا ارتاح له، لكن لا أعشم في أن أجلس معه، وذلك في عدم مراعاته للآخرين ، وحينما يعود مرة أخري أكون يائساً من موضوعي معه. كل هذا كان وأنا دون السادسة، فلما بلغت الثامنة سمح لي أبوي بأن أجلس معهم علي مائدة الطعام، مهما كان الضيف ومهما كان وزنه، كذلك صارت الوالدة بت حبيب عليها الرحمة، تترك مقداراً مناسباً من اللحم في ما تبقي ولمن تبقي من أفراد الأسرة، وصارت تراعي ضعفنا، وأصلاً نحن غير محتاجين لهذا أو لغيره ولكن هي النفوس، وبالذات نفس الطفل، فالفرق بينها وبين السائمة ليس كبيراً. قلت سمحوا لي بالأكل مع الضيف، ولكن بعد أن تلقنت آداباً من أمي، وأبي، ظلت ترافقني حتى اليوم، وإن كان بعضها اليوم صبغ بصبغة الطريق والسلوك وهذب بعضه ولكن أصله باقي.قالت لي بت حبيب عليها الرحمة أنا عارفاك مؤدب. لكن أولاد البلد هنا معظمهم ما مؤدبين والأغرب من كدة إنو أهلهم ما بيسألوهم.. أولاً إذا عايز أبوك يرضى عنك، ويخليك تاكل مع الضيفان، خليك راقي، ما زي أولاد البلد.. ثانياً معظم الأولاد هنا يأكلوا ويلحسوا إيديهم، ويرجعوا ياكلوا تاني، والضيوف بي يضايقوا ..ثالثاً..ما تحاول تتناول لحمة بعيدة من طرفك أبداً
صديق عبدالله علي أبوحنة- كبار الشخصيات
-
احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 7523
نقاط : 45140
تاريخ التسجيل : 14/07/2010
رد: قدح الخلوة
يا سلااااااااام يا استاذ صديق ...هسا الزول يكتب يقول شنو؟؟؟ وقفت مشدوهة تماما و لن اضيف شيئا حتى لا أشوّه جمال ما قرأت ....فقط أؤمن معك على الدعاء الذى استفتحت به المقال....تسلم و الله يا استاذ صديق....................................
بت الماحى- عضو فعال
- احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 136
نقاط : 25397
تاريخ التسجيل : 15/08/2010
رد: قدح الخلوة
تمام كدة
صديق عبدالله علي أبوحنة- كبار الشخصيات
-
احترام قوانين المنتدى :
عدد المساهمات : 7523
نقاط : 45140
تاريخ التسجيل : 14/07/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى